آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

خَيرُ خَلق الله

جمال حسن المطوع

إنها والله الفاجِعة الكُبرى والمُصيبة العُظمى والرزية الأدهى يوم ذِكرى وفاتِك يا رسول الله وخاتم أنبيائه صلى الله عليك وآلك، إن المُصاب بك أدمى القلوب وآلمَ النُفوس فَتَدَفقت الدموع وتاه الشعور آسىً وحُزناً وفِراقاً ولوعةً واحتراقاً فهذه أُمْتِك لبسَت السَواد والمَصَالح تَعطَلت وعجَلَة الحياة توقفت حِداداً على ذِكرى وفاتِك وهذا أقل ماتُقَدِمَه لك وفَاءاً وحباً وتمسُكاً وتَعبُداً بِشَريعَتِك الغراء التي فيها الهُدى والرَشاد والخَير والسَداد لِكُل من نَهج بِنَهجِها وسار على هُداها ودربها يبتغي رِضوان الله ورسُولِه وعُترَتِه الطاهرة صلواتُ من الله عليهم وسلامه.

فأنت يا حبيبي يا رسول الله فتحت لأمتك فَتَحاً مبيناً ونَصراً عَظَيماً عِندما هَدَمَت صُروح البَغي والضَلال ونَقَلتَهم من براثِن الشِرك والغِواية والظَلام إلى عَالم النُور والهِداية التي فِيها صلاحُهُم وعُلُو شأنهم وحِفظ كرامَتهم وأقَمْت العَدل بَينَهم سَواسِية لا فرق بين عَربي وأعجَمي إلا بِالتَقَوى وغرست الإيمان الصادِق الذي لا لبس فيه النابِع رَحمةً وسلاماً ومَحبةً ووِئاماً إلى قُلوب آمنت بِالعَدل الإلهي حيثُ لا ظُلم ولا اضطهاد ولا تَفاخُر بِالأنساب والألقاب التي كانت حِمية جَاهِلية وجاء الإسلام فمحَاها وطَمس معالِمها إلى أبد الأبدين.

هكذا هي سِيرتَك العَذبة ونميرِك الصافي الذي أرويت فيها العِباد والبِلاد حُباً وكرامةً وزُهداً وقناعة قاصداً وجه الله جل جلاله وتقدست أسماؤه لِتفوز أمتك وتَسعَد بِالدارين دُنيا وآخرة.

هذه هي مَكارِمُك وفِعالِك ومآثِرك لا يَجحَدها إلا مُعانِد أو مُكابِر قد أضله الشيطان وزَرَعَ فيه وَساوِسه وهواجِسه أعماه فيها عن الحَق وعاش في ضلال وخبال وتخبط وانحلال.

فما هذه الأصوات المُتفُرعِنة هذه الأيام من هُنا وهُناك إلا نشاز في نشاز قد ملئها الحُقد والضغينة كحيونات مفترسة شرسة دأبها التضليل المُتَعَمد مُحتوية على رائحة الخِسَة والنَذالة مَن قِبَل هؤلاء الشِردمة لأنه ساءهم أن خلد ويُخَلِد التاريخ مُحَمداً وشريعته في إفاق الدنيا التي تنطِق بالحَق وتَصدع به وتجعل ميزان الأمور في مواضِعها الطبيعية من غير شِدة ولا تَطَرُف ولا تَعَنُت، ولكن عُمِيت قُلوبهم ونُفوسهم التي اشرأبت نِفاقاً وسُلوكاً شائنا فجائهم المَوج الهادِر من كُل مكان فأغرقهم إلى عقر جهنم وبئس المصير.

وظَلَ اسم النبي مُحَمَدٍ يُرَفرِف في كل البقاع والأمصار وتهوى إليه النُفُوس آمنة مُطمئنة، فصلى اللهُ عليك يارسول الله وآلك ما اشرقت شمسُ أو غَرُبَت وفي آناء الليل وأطراف النهار رمزاً خالداً وشُعاعاً يملئ الدُنيا عِلماً وهدايةً ويقيناً.