آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 1:39 ص

تغيير نبرة الصوت يمكن أن يغير هويتك بحد ذاتها

عدنان أحمد الحاجي *

تغيير نبرة الصوت يمكن أن يغير هويتك بحد ذاتها
طبيب فرنسي يشرح ما حدث لبعض مرضاه
بقلم غيوم جاكيمونت
1 نوفمبر 2021
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 311 لسنة 2021
A Change to the Sound of the Voice Can Change Your Very Self-Identity
Guillaume Jacquemont

الصوت هو آلة البشر الموسيقية. يتكون من جزء اهتزازي وتجاويف «فجوات» رنانة resonating chambers «وهي تجاويف مجرى التنفس التي تعمل بمثابة تجاويف رنانة، بحسب ما ورد في [1] » وطاقة [نيكانيكية] تنتج اهتزازات. هذه الطاقة تنتج من التنفس الصادر من الرئتين. تحدث الاهتزازات في الحبلين «الوترين» الصوتيين في الجزء السفلي من الحنجرة larynx والمرتبة على شكل حرف ”V“، متعامدة مع القصبة الهوائية. أخيرًا، تتكون تجاويف الرنين من بنيويات متعددة تقع فوق الأوتار «الحبال» الصوتية: وهذه البنيويات هي الجزء العلوي من الحنجرة والبلعوم والتجويف الأنفي والفم.

صوتنا هو الآلة الموسيقية الوحيدة التي هي عبارة عن وتر وآلة هوائية / نفخ «بوق» - حيث يؤدي التنفس إلى اهتزاز الحبال الصوتية. يكاد صوتنا أن يكون أوركسترا في حد ذاته. كل هذا يخص كل واحد منا ببصمة صوتية فريدة من نوعها؛ هناك سبعة مليارات إنسان وسبعة مليارات صوت مختلف. تحدثت دار النشر Cerveau & Psychot، الصادرة باللغة الفرنسية والزميلة لـ أمريكان ساينتفيك Scientific American، عن عجائب الصوت إلى جين أبيتبول Jean Abitbol المقيمة في باريس، طبيبة الأذن والأنف والحنجرة وطبيبة الصوت وجراحة القحف الوجهي.

[فيما يلي نسخة محررة من المقابلة.]

ما مدى أهمية الصوت لهوية الشخص الذاتية؟

إنه بالفعل مكوِّن أساسي. نرى ذلك بوضوح شديد عندما نجري عملية جراحية للمرضى لتغيير أصواتهم؛ هوياتهم الشخصية تضطرب بشدة. على سبيل المثال، قابلت محاميةً لها صوت ذكوري أجش «عميق جدًا» من جراء وذمة في أوتارها الصوتية بسبب التدخين. «كانت تدخن علبتي سجائر في اليوم». كانت تتمتع بسحر جذاب ومرجعية «في تخصصها» كبيرين في مهنتها، حيث كانت تتعامل مع المجرمين بشكل يومي. «قالت لي: ”عالمي هو السجون؛ أنا أدافع عن كل الخارجين عن القانون“.» لكنها أرادت تغيير صوتها، لأنه لا يعجب خطيبها، وطلبت مني إجراء عملية جراحية لها. نصحتها أن تغير خطيبها بدلاً من تغيير صوتها! انفجرت ضاحكة وأجرت العملية على يد أحد زملائي.

عندما راجعتني في المرة التالية، كان لديها صوت عالي النبرة وقالت لي شيئًا فظيعًا: ”أنا مصابة بالفصام بسبب صوتي.“ لم تعد تتعرف على نفسها عندما تتكلم، وانتابها انطباع بأنها ”لم تكن هي“، وكأن شخصًا آخر يتكلم. كانت العواقب وخيمة: فقد تركها خطيبها، ولم تعد قادرة على العمل، وخسرت جميع قضاياها أمام المحكمة، ولم تبقى لديها أي مرحعية [في تخصصها]، ولم تعد تجرؤ على فتح فمها في السجن... ليس لأن صوتها أصبحت نبرته عالية لكن لأنه كان هناك نوع من الخلل في انسجامها مع هويتها السابقة، وتنافر مع نفسها وشعورها بفقدان الهوية أدى إلى زعزعة استقرارها النفسي. بدأت بالتدخين مرة أخرى، واستعادت صوتها بعد عامين أو ثلاثة واستعادت تأثيرها تدريجيًا في حياتها المهنية.

أتصور أن التغيير في صوتك مزعج أيضًا للناس من حولك.

هذا تصور في محله. تخيل أنه بين ليلة وضحاها، لم يعد زوجك / زوجتك أو أطفالك كما كانوا. هذا ما حدث لإحدى مرضاي، وهي امرأة تبلغ من العمر 36 عامًا. لقد عانت من شلل في الأحبال «الأوتار» الصوتية منذ أن كان عمرها التاسعة أو العاشرة بعد عدوى فيروسية أصابت العصب الحائر «العصب المبهم، [3] » الذي يتحكم في الحبال الصوتية. هذه المشكلة سببت أن يكون صوتها يشبه الهمس بلا قوة. كان يلزمها أن تستخدم الجرس لتنادي على زوجها أو أطفالها!

عملية حقن الحبال الصوتية

لقد حقنتها بمادة تعيد الحبال الصوتية إلى مرونتها السابقة [4] ، وتعافت في غضون أسبوعين. لكنها لم تعد تعرف نفسها: ”دكتور، لدي صوت امرأة!“ لم تكن تعرف هذا الصوت من قبل، لأن الشلل التي أصيبت به يعود إلى ما قبل بلوغها. هذه التجربة لا تزال إيجابية جدًا بالنسبة لها. لم تعد تشعر وكأنها وحش غريب. لكن عائلتها شعرت بالقلق. بعد العملية، سألني زوجها سؤالاً بصوت غاضب: ”ماذا فعلت بها؟ لم تعد زوجتي“. الشيء نفسه انسحب على أطفالها: ”لم تعد أمنا!“ بعد شهرين، وبعد أن اعتادوا على تغير صوتها، جاؤوا للاعتذار وأخبروني أنهم يعتقدون أنه أمر رائع؛ لكن رد فعلهم الأول كان الشعور بالابتزاز، كما لو أن شيئًا ما قد سُرق منهم.

كل هذا يوضح الحذر الشديد الذي يجب توخيه قبل إجراء تغييرات على جهاز الصوت. فالعملية تعد بمثابة جراحة عاطفية. عندما تصاب بالتهاب الزائدة الدودية تجري عملية جراحية لإزالتها، ولكن لو لاحظت ورمًا في الحبال الصوتية، وإذا لم يكن ورمًا سرطانياً ولا يزعج المريض، فلماذا لا تتركه وشأنه؟ كنت أعرف أخصائي الأنف والأذن والحنجرة الذي عالج لويس أرمسترونغ Louis Armstrong. كان لأرمسترونغ حبال صوتية عليها ندبتان كبيرتان ربما كانتا السبب وراء صوته المبحوح [5]  له قوة لا تُضاهى في إثارة الذكريات السعيدة. تخيل لو أنه أزال تلك الندبتين.

لقد ذكرت ”الجراحة العاطفية“. هل يمكن أن تخبرينا المزيد عن العلاقة بين الصوت والعاطفة؟

عواطفنا بمثابة موصل لصوتنا. إذا ابتسمت، أو إذا لا تشعر انك بصحة جيدة، أو إذا شعرت بالقلق، كل ذلك قابل لأن يُسمع بسبب ملازمات ملموسة جدًا مترتبة على جهازك الصوتي. ترطيب الحبال الصوتية جيد جدًا حين تشعر بالراحة، ولكنه يصبح أقل رطوبةً بكثير عندما تشعر بالقلق أو بالضغط النفسي أو لديك خشية من مواجهة جمهور [على خشبة المسرح، مثلًا]. كما يتراجع مستوى تدفق الدم في الحالة الأخيرة، بشكل ملحوظ، بسبب تقلص الأوعية الدموية. ثم تُبيضَّ الأحبال الصوتية وتفقد مرونتها، مما يُترجم إلى جفاف في الصوت. بالإضافة إلى ذلك، الضغط النفسي المتكرر والحاد يؤدي إلى ارتجاع معدي في الأوتار الصوتية، والتي تجف بسبب الحموضة وتصبح مغطاة بنتوءات / ندبات «التقرن، [6] ». ونتيجة لذلك، ينشرخ الصوت [7] [8]  ويصبح مبحوحًا. تعمل التعبيرات الانفعالية أيضًا على تعديل تشكُّل فضاءات / تجويفات الرنين الصوتي، لا سيما عن طريق تحريك الفم والخدين.

بسبب هذه الأشياء، لا يمكننا إعادة توليف صوت بدقة. حتى لو حققت المشاريع التي تُنفذ في المعهد الوطني للفنون والحرف «Conservatoire National des Arts et Métiers» أداءً تقنيًا رائعًا، فإن الجانب العاطفي غير موجود. وبالعكس، مغنو الأوبرا الكبار، مثل لوتشيانو بافاروتي Luciano Pavarotti أو ماريا كالاس Maria Callas، لديهم موهبة استثنائية في توصيل المشاعر [إلى المستمعين].

ما هي الجوانب الأخرى لهويتنا التي يُعبر عنها بالصوت؟

هويتنا الاجتماعية، على سبيل المثال. المحامي والطبيب لا يتحدثان كما يتحدث السياسي. التعبير يتم من خلال اللغة، بالطبع، ولكن أيضًا من خلال مكونات الصوت، كإيقاع الكلام. الرجل الذي عبر عن هذا بوضوح ربما كان تشارلي شابلن في فيلمه الديكتاتور العظيم: عندما قامت شخصية الفيلم بمحاكاة ساخرة لخطب هتلر التي القاها علي الجماهير من شرفته، على الر غم من أ ن تشارلي شابلن واقعًا لا يتحدث الألمانية ولا كلمة، فإن خطبته تثير على الفور خطابًا سياسيًا وزعيمًا استبداديًا. كما ينم الصوت عن نوع جنسنا «ذكرًا أو أنثى» لأن هناك اختلافًا واضحًا بين الرجل والمرأة. ليس من قبيل المصادفة أن العديد من المتحولين جنسيًا يريدون تغيير أصواتهم.

لماذا تختلف أصوات الرجال عن النساء؟

بشكل رئيس بسبب التدفق الهرموني عند البلوغ، يتسبب هرمون التستوستيرون في إطالة وسماكة الأحبال الصوتية «التي يبلغ طولها حوالي 24 ملم وعرضها من 4 إلى 5 ملم في الرجال، ويبلغ طولها 18 ملم وسمكها من ثلاثة إلى أربعة ملمترات في النساء»، وكذلك اتساع فضاء / تجويف الرنين في الحنجرة. لذلك الطواشي «المخصيون»، الذين أُجبروا على الغناء في الأوبرا لفترة طويلة، كان لا بد من إجراء الاخصاء لهم قبل سن البلوغ. هذا لم يضفي عليهم صوت امرأة، بل صوت طفل، حتى أعلى من صوت امرأة. إذا كان صوتهم خارجًا عن المألوف ويتمتع بهذه القوة، ذلك لأن هرمونات النمو وهرمون الغدة الدرقية، التي تفرزها غدد أخرى غير الخصيتين والتي تخضع لتأثير كروموسوم Y، أعطت هؤلاء الطواشي الحجم المورفولوجي. والقوة التنفسية للرجل.

بصرف النظر عن هذه الحالة بالذات، فإن صوت الرجل عمومًا له نبرات منخفضة في الغالب وللمرأة نبرات عالية. دائمًا ما تتواجد كل من النبرات المنخفضة والعالية معًا في كلا الجنسين ويعزز بعضها الآخر، كالماس وعلبته الموضوع فيها. لأن جمال الصوت هو عمقه.

هل هناك الكثير من الناس من الذين لا يرتاحون لسماع صوتهم ويريدون تغييره؟

لا ليس الأمر كذلك. نادرًا ما يأتيني شخص بمثل هذا الطلب. وفي 95 بالمائة من الحالات، أرسلهم إلى اخصلئي نفساني لأن ذلك يُعتبر أمارة على أن لدى هؤلاء مشكلة تفسية. على سبيل المثال، طلبت مني امرأة تبلغ من العمر 40 عامًا بصوت ضعيف أجش مؤخرًا إجراء عملية جراحية لها. لكن عندما فحصتها، اكتشفت أن لديها جهازًا صوتيًا رائعًا. ثم كشفت لي بعد ذلك أن مشكلتها تعود إلى اليوم الذي تلى وفاة والدتها، والتي قالت إنها تتمتع بصوت استثنائي. وقلت لها لا يمكنني فعل شيء لها، وسأترك الأمر لأخصائي نفساني ليحل مشكلتها.

في معظم الحالات، الرغبة في تغيير صوت شخص بشكل جذري ينم عن مشكلة نفسية كامنة. بدون الرغبة في تغيير الصوت بالكامل، يريد الكثير من الناس أن يكون صوتهم جذابًا أكثر، وأن يكون لديه قوة معينة. لطالما عُرفت أهمية الصوت في التواصل، لكن الرغبة في ضبط قوة الصوت تضاعفت عشر مرات مع ظهور كوفيد-19 وتقدم طرق العمل عن بُعد، من خلال الاجتماعات الافتراضية. مدرب الصوت يستطيع المساعدة في حل المشاكل الصوتية. وفي النهاية، ما يريد هؤلاء الناس تغييره ليس صوتهم بحد ذاته، بل طريقة استعماه.

مصادر من داخل وخارج النص

[1]  http://mansourabbadi.blogspot.com/2019/02/blog-post.html

[2]  ”الاستسقاء أو الوذمة «Edema» هي تورم عضو أو نسيج نتيجة تجمع أو احتباس السوائل داخل الأنسجة أسفل الجلد أو في أحد تجاويف الجسم. عموما، يتم تحديد كمية السائل الخلالي بواسطة التوازن بين سوائل الجسم، وزيادة إفراز السائل إلى النسيج الخلالي أو وجود خلل في نظام التخلص من هذا السائل قد يسبب وذمة.“ مقتبس من نص ورد على عذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/استسقاء_ «طب»

[3]  ”العصب الحائر أو العصب المبهم أو العصب الرئوي المعدي «Vagus nerve» هو أحد الأعصاب القحفية الاثني عشر وهو العصب الوحيد الذي ينشأ في الدماغ وينتهي بعيدا في الجهاز الهضمي ولهذا السبب يطلق على العصب تسمية العصب الحائر. التسمية اللاتينية للعصب vagus تعني المتجول أو المسافر.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/عصب_مبهم

[4]  https://entcareclinics.com/عملية - حقن - الأحبال - الصوتية/

[5]  ”بحة الصوت «Hoarseness أو Dysphonia». تعتبر بحة الصوت العرض الأساسي في أمراض الحنجرة. بحة الصوت هو مصطلح طبي يطلق على الاضطرابات الصوتية: أي وجود ضعف في القدرة على إنتاج الأصوات باستخدام الأعضاء الصوتية «وهو يختلف عن عسر التلفظ الذي يدل على ضعف في العضلات اللازمة لإنتاج الكلام». وبالتالي، فإن بحة الصوت هو اضطراب في إخراج الصوت. الصوت المبحوح يمكن أن يكون غليظ أو لاهث بشدة أو أجش أو خشن، ولكن لا يزال إخراج الصوت ممكنا في هذه الحالة «وهذا ما يتناقض مع فقدان الصوت الذي ينعدم فيه إخراج الصوت تماما». أسباب بحة الصوت إما أن تكون عضوية أو وظيفية ناتجة عن خلل في أيٍ من الأعضاء الصوتية. فعادة يكون سببها عطل في قدرة الأوتار الصوتية على الاهتزاز بشكل طبيعي أثناء الزفير. وهكذا غالبا ما تلاحظ البحة عند إنتاج أصوات حروف العلة. على سبيل المثال، عند إخراج الصوت بشكل طبيعي ونموذجي تجتمع الأوتار الصوتية لتهتز بدورة بسيطة مفتوحة / مغلقة تعدل تدفق الهواء من الرئتين. ضعف «شلل جزئي» في جانب واحد من الحنجرة يمكن أن يمنع هذا الاهتزاز الدوري البسيط ويؤدي إلى حركة غير منتظمة في جانب واحد أو في كلا الجانبين من المزمار. تسمع هذه الحركة الغير منتظمة كخشونة في الصوت. وهذا أمر شائع جدا في الشلل الجزئي للحبال الصوتية.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/بحة_الصوت

[6]  "تَقران أَو تَقَرّن «Keratosis» هوَ نمو الكيراتين على الجلد أو على الأغشية المُخاطية. وقد يشير التَقران إلى واحد من الأنواع التالية: تَقران سَفعِي «تَقران شَمسي» وتقران هيدروكربوني وتقران الجريبات الشعرية وتَقران مَثِّي.

مقتبس من نص ورز على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/تقران

[7]  ”شرخ الصوت يرجع عمومًا إلى التحولات بين السجلات الصوتية المختلفة. السجل الصوتي هو مجموعة من النغمات في الصوت البشري ينتجها نمط اهتزازي معين من الصوت «7».“ ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:

https://en.wikipedia.org/wiki/Voice_break

[8]  https://en.wikipedia.org/wiki/Vocal_register

المصدر الرئيس

https://www.scientificamerican.com/article/a-change-to-the-sound-of-the-voice-can-change-your-very-self-identity/