آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

إذا لم نستطع صنع التفاؤل فلا نصنع الإحباط!

المهندس هلال حسن الوحيد *

وردَ على خاطري هذا الصباح عنوان كان فيه شيء من السوداوية، فارتأيتُ عدمَ نشره ومشاركته العشرات أو المئات من القراء، اختزَنته في نفسي ولم أبح به. وبدلًا من ذلك العنوان اخترتُ ما يعاكسه تمامًا.

لم أجد في مسمَّى وظيفة الكاتب أو غيره أن يبث المآسي ويشاركها غيره، بل على العكس تمامًا، عليه أن يبث التفاؤل قدر ما يستطيع، وإن على حسابِ مشاعره الخاصَّة. لا يجوز أن يكون القلم - أو غيره من أدوات بث الوعي - منصةً رافعةً لأفكار الإحباط والتشاؤم على الملأ، إنما واجبه يجب أن يكون الضوء على الشاطئ الذي يبصره البحَّارة، فيبحرونَ تجاهه من بعيد. إذا لم تستطع أن تبثّ الضحكة بدلًا من البكاء، أو البسمة بدلًا من العبوس والتقطيب، في هذه الحالة الصمت أفضل من سكبِ الماء على الطينِ المبلول!

”من كان يؤمن بالله واليومِ الآخر فليقل خيرًا، أو يسكت، إن اللهَ يجب الخير“. على ذلك الصمت هو حالة إيجابية تسبق تبني الحالة المأساوية. ولننظر كيف قلب الإمامُ زين العابدين «عليه السَّلام» سوادَ القنوط إلى بياضِ الرَّجاء عندما سمع قولَ الحسن البصري: ليس العجب ممن هلكَ كيف هلك، وإنما العجب ممن نجا كيف نجا. فقال، أنا أقول: ليس العجب ممن نجا كيف نجا، وأما العجب ممن هلكَ كيف هلك مع سعةِ رحمة الله!

كم نحنُ بحاجة في هذه الأيام لإشعالِ شموعِ الأملِ والرَّجاء بدلًا من التشاؤم، إنْ في الدنيا أو في الآخرة! ولهذا أفضل جوابٍ على من يقوم بمهمة نشر اليأس والإحباط صمّ الآذان وإدارة الظهر وغلق الأعين. أفضل جوابٍ لمن ينشر الغضبَ أن ننشر الرحمة، ومن ينشر العبوسَ أن ننشر الابتسامة، ومن ينشر القنوطَ أن ننشر الرجاء والأمل. لأنه من الجنونِ أن نموت، قبل أن نموت.

أبصروا محاسن النظرة الإيجابية: رُوي أنّ عيسى «عليه السَّلام» مرَّ مع الحواريين على جيفةِ كلب فقال الحواريون: ما أنتنَ ريحَ هذا الكلب! فقال عيسى «عليه السَّلام»: ما أشدَّ بياض أسنانه! ألم يكن بإمكان السيِّد المسيح عليه السَّلام أن يقول لهم: أنتم على حقّ ويصمت؟!

مستشار أعلى هندسة بترول