آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 2:09 م

أولئك الذي أفسدوا علينا صورة المطر

أثير السادة *

إذا طلبنا الاسترخاء والراحة رحنا نبحث عن موسيقى ممزوجة بصوت مطر يدغدغ المشاعر ويهيج الخواطر الواله للحظة بلل، وإذا ما طالعتنا نشرة الأنواء الجوية بأخبار المطر في البلدان والمدن الأخرى أخذت منا الحسرة مأخذا، لأن المطر الذي نحب هو غناء السماء، وبهجة الأرض، وذاكرة الطفولة، وكل الأشياء الجميلة التي تطرق باب المزاج حين التفكير في المطر.

إلا أن شاعرنا الكبير بدر شاكر السايب شاء أن يفسد علينا المطر بقصيدته، كلما وفت غيمة بوعودها راح الأصدقاء يذكروننا بقصيدته الشهيرة“أنشودة المطر”، والقصيدة مزيج من نشيج ونشيد، حزن وفرح، موت وحياة، إلا أن القوم يكثرون الوقوف عند فاتحة الحزن في قوله: أتعرفين أي حزن يبعث المطر، فيجعلون من المطر قرين الضياع والوحشة والفقد، ونحن الذين نموت شوقا لرؤيته وتصويره ولو من خلف النوافذ.

التفاعل الأخير مع لوحة الفنان محمد الجشي التي تستدعي فرح الطفولة بالأمس مع انهمار المطر تحكي الكثير عن التواشج بين الفرح والمطر، عن طرب الناس لصوت المرازيم وهي تكتب سطور النشيد العظيم، الأمر الذي شجع الجشي للتفكير في طباعة هذا العمال مع بقية أعماله وعرضها للبيع على الناس.

مؤكد بأن الكائنات التي قدرها الاكتواء بحرارة الشمس معظم الشهور لن تكتب مراثي وهي تتأمل إيقاع المطر على سلالم الشوق، ولن تترك الغيمات البيض تمر دون أن تكتب لها رسائل غزل، سيقفون مع السياب في مطلع قصيدة ويتركونه بعدها، حتى ولو غرقت شوارعهم وفاضت بأخبار الفساد، لأنهم في عطش دائم لمنادمة الغيم.

ربما كان للمطر هوامش من الحزن الشفيف، وشظايا من قلق على سلامة الطريق، والبيوت، وتعطل المصالح، أقول ربما، لكن متن المطر يشبه الأمل الذي ينثره السياب في ختام أنشودته، التي لا يتطوف بها الحاجون إلى قصيدته في كل عام، ممن يشيدون رومانسيتهم على أعمدة الحزن، ويتكاسلون عن البحث ولو مرة عن أناشيد أخرى تليق بترانيم المطر، هذا المطر الذي تتمنى لو يبلل دفاترهم، ويمحو مافيها من سطور.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
ابو حسام القطري
[ القطيف ]: 8 / 1 / 2022م - 12:00 ص
سرد جميل و دكريات الطفولة البريئه
والشكر الجزيل للكاتب على رقي كلماته