آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

هكذا تمكنت من البقاء دون طعام 5 أيام

حسن المصطفى * صحيفة الرياض

تحدثت في مقالِ الأسبوع الفائت، عن تجربتي في البقاء دون أكلٍ مدة 129 ساعة، اقتصرت طوالها على شرب أنواع محددة من السوائل التي لا تستحث الإنسولين، وهو نوع متقدم من أنواع ”الصيام المتقطع“، يعرفُ ب ”الصيام المطول“، الهدف منه رفع قوة الجهاز المناعي لحدوده العُليا، وتفعيل عميلة ”الالتهام الذاتي“ التي تنظف الجسم من البروتينات والخلايا التالفة، وأيضا تحفيز إنتاج الخلايا الجذعية، والحد من الالتهابات، وسواها من الفوائد الأخرى.

”الصيام المطول“، الذي عادة يكون لمدة تتراوح بين 3 و7 أيام، لا يمكن أن يمارسه الفرد فجأة دون تمرين، ودون علم بأبجديات ”الصيام المتقطع“، لأن ذلك يعرض الجسم لخطر الإصابة بهبوطٍ مفاجئ في مستويات السكر أو ضغط الدم.

قبل أكثر من عامين، بدأت في ممارسة ”الصيام المتقطع“، أي الامتناع عن الأكل مدة لا تقل عن 12 ساعة، والاكتفاء بشرب الماء والقهوة والشاي، وذلك من أجل معادلة مستويات سكر الدم، ومعالجة أي مشكلات قد تسببها زيادة منسوبه، وتقود لـ ”مقاومة الإنسولين“.

عندما بدأت، أخذت في الإصغاء لمن لديهم تجارب سابقة عليَّ، زودوني خلالها بكثير من المعلومات والمقالات والمحاضرات التي انكببت على تفحصها جيداً.

إن أولى الخطوات ليست مجرد البدء في الصيام، فالسائر على غير هديٍ سوف يخطئ الطريق، وستواجهه عثرات كثر أثناء تجربته، وقد تقوده لأن ينهيها باكراً، لاعتقاده بعدم جدوى ”الصيام المتقطع“. إذن، العلم والتعلم مفتاح رئيس لكي يمارس الإنسان ”الصيام المتقطع“ بطريقة صحيحة، ويعرف كيف يرتقي فيه خطوة بخطوة، بحيث يزيد عدد الساعات تدريجيا، كي تصل لـ 14 ساعة، ثم 16 ساعة، وتالياً 18 ساعة كمعدلٍ جيد جداً لكثير من الأفراد، وخلالها تكون هنالك مساحة 6 ساعات للأكل، يستطيع الفرد أن يتناول فيها وجبتين منفصلتين.

مع مرور الوقت، وتحمل جسمي، أصبح ”الصيام المتقطع“ روتيناً يومياً، وأسلوب حياة، وبتُ لا أشعر بالجوع، ورفعتُ عدد ساعات الصيام لتكون بين 18 و20 ساعة يومياً، وفي أحيانٍ كثيرة 22 ساعة، أتناول خلالها وجبة واحدةً أو وجبة ونصف الوجبة؛ لأن معدتي صارت أصغر حجماً، والشهية للأكل قلت، خصوصاً أن الصيام ساعدني على حل مشكلة ”الجوع الكاذب“ الناتج عن ”مقاومة الإنسولين“.

إذن، عندما جربت ”الصيام المطول“ لم أكن مبتدئاً، بل يمكن القول إنني أصبحت ”محترفاً“ في هذا المضمار، وبالتالي استطعت أن أمتنع عن الطعام مدة 129 دون أي جوع أو تعب.

كنت طوال الخمسة أيام و9 ساعات، أراقب ضغط الدم صباح كل يوم، وأتناول ”الملح البحري“ النقي، ومحلول المعادن النادرة، والفيتامينات، وأنواعا عالية الجودة من الزيوت النافعة، وأشرب شاي الأعشاب العضوي، والماء، والقهوة؛ أي كنت أغذي جسمي بما يحتاجه من عناصر، كيلا يتسبب الصيام بأي نقص في احتياجات الجسد، أو يصاب بالجفاف، أو أتعرض لهبوط مفاجئ في السكر وضغط الدم.

حتى عندما كنت أقوم بممارسة الرياضة، كنت أصغي لجسدي، ولا أرهقه، وأجعله يرتاح، وأسعى لأخذ قسطي من النوم، والبعد عن التوتر وكل ما يسبب الإجهاد الزائد أو القلق النفسي والذهني قدر الإمكان. لم تكن لدي خلطة سحرية ساعدتني على نجاح التجربة، وإنما أساس ذلك المعرفة الصحية، والأنواع عالية الجودة من المغذيات، والتدرج في الممارسة، والأهم وضوح الهدف من كل ذلك: تقوية المناعة، تنظيف الجسد من السموم، فقدان بعض الوزن الزائد، وزيادة مستويات صفاء الذهن والتركيز.

هذه القواعد المهمة لا يمكن لأي ممارس لـ ”الصيام المطول“ أن يغفل عنها، وإلا ستكون نتيجته سلبية، وهو ما سيكون محل نقاش في المقال القادم