آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

الأيام الأخيرة لكرة اليد بالمنطقة

أثير السادة *

لكرة اليد علاقة خاصة بمنطقة القطيف، بدأت مع الخليج في مطلع الثمانينات، وسرعان ما انتشرت في طول الإقليم لتصبح اللعبة الشعبية الأولى على امتداد المحافظة، ويصبح أبناؤها نجوما وعلامات بارزة في طريق الإنجازات الوطنية محليا وعربيا ودوليا.

جداول الدوري بكافة فئاته السنية، ودرجاته، تحكي بوضوح عن النوارس التي لم تغادر شواطئ هذه اللعبة، أسماء الفرق تختصر ألوان المكان، ومزاج ناسه، وكأنها راية يسلمها جيل لآخر، وهم يحاولون حراسة أحلام الاستحواذ الدائم على الحصة الأكبر من هذه اللعبة على مستوى الوطن.

غير أن هذه الشعبية على مستوى الممارسة لم يعد هنالك ما يماثلها على مستوى المتابعة، الحضور الكثيف في جداول الدوري لا يحكي بالضرورة عن حشود تزحف للمشاهدة والاستمتاع، فكما يبدو أن الحماسة للفرق أكثر منها للعبة ذاتها، بخلاف الأمس حيث كان حب اللعبة لوحده كاف لتحريض الناس على حضور أي مباراة، في بداية الدوري أو نهايته، لفرق المقدمة أو المؤخرة.

ولعل فيديوهات الأمس التي قدمها الاتحاد السعودي لكرة اليد عبر حساباته تصف جانبا من هذه الصورة، فيديوهات يظهر فيها عدد من لاعبي المنتخب من أندية القطيف وهم يتحدثون عن خيبتهم لغياب الجمهور عن البطولة الآسيوية المقامة في الدمام والقطيف، ويتوسلون هذا الجمهور مساندتهم في المباريات القادمة.

ربما جازف الاتحاد السعودي لكرة اليد وهو يتخيل حضورا جماهيرا للبطولة من دون حملة دعائية لائقة، ومن دون حوافز وجوائز تحرض الناس على المشي لمواقع البطولة، راهن المسئولون كما يبدو على حب أهل المنطقة للعبة فقط، وهو الحب الذي اختصره أحد المعلقين في واحدة من التغطيات بأنه مرصود للفرق المحلية وليس للمنتخب.

قد تكون الأسباب كثيرة لهذا الغياب، منها التوقيت، حيث تجري بعض المباريات في ساعات الظهر، وربما اختيار الصالة الخضراء بالدمام لكثير من المباريات الخاصة بالمنتخب، إلا أن هذه الأسباب لا تمنع من الاعتقاد بتراجع جماهيرية اللعبة عموما بالمقارنة مع العقدين السابقين، وتوزع اهتمامات الجمهور على أكثر من لعبة صاعدة في المنطقة، وفي مقدمتها كرة الطائرة التي أرشحها أن تكون اللعبة الأولى للمنطقة خلال العشر سنوات القادمة.

هذا ليس رجما بالغيب، بل هو ما تحدثنا به جداول الفرق في مختلف الفئات العمرية، وما تحكي عنه الإنجازات التي حققتها الفرق المحلية خلال السنوات القليلة الماضية، وهو ما يدفعنا لرفع سقف التوقعات والطموحات في آن معا، خاصة مع وجود العدد الكبير من فرق المنطقة في جداول الدوري الممتاز لمختلف المراحل السنية.

قد تستمر كرة اليد في كتابة سطور ذكرياتها بالمنطقة، لكنها ستتراجع مع المزاحمة التي تنالها من فرق المناطق الأخرى، وربما أصبحت من الذكريات بعد حين، لتبدأ حقبة أخرى لها فرقها، ولها ألعابها الأكثر حظوة في الحضور والنتائج على حد سواء.