آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 1:13 م

ممانعة الناشرين.. لماذا؟

يوسف أحمد الحسن *

كان كتاب «عبث الأقدار» أول كتاب يصدر للكاتب الكبير الأستاذ نجيب محفوظ «1938» ولم يستلم أجرا مقابله بل استلم 500 نسخة منه فقط وتم عرض الكتاب في إحدى المكتبات بقرش مصري واحد «1 /100 من الجنيه». ولما بقي الكتاب لعدة أيام دون بيع أي نسخة منه قام صاحب المكتبة بسحبه وتخزينه في المستودع حتى صدر الكتاب الثاني لمحفوظ «خان الخليلي» الذي اشتهر كثيرا، عندها أعاد صاحب المكتبة عرض كتابه الأول ثم بيعه. وهكذا وبعد طول معاناة ثم شهرة محلية وعربية حصل على جائزة نوبل للأدب كأول عربي يحصل عليها.

وتتعدد أسباب تأخر الناشرين في طباعة الكتب أو ممانعتهم في ذلك. فمنهم من يتخوف من الخسارة ومنهم من يرغب في تحقيق ربح أكبر باتفاقات تمنحه حقوقا أكثر ومنهم من لم يفهم مستوى العمل الأدبي أو العلمي أو حتى مستوى المؤلف، وبالتأكيد فإن منهم كذلك من ندم على قيامه بطباعة كتاب ما.

أما مارسيل بروست مؤلف أطول رواية في العالم بعدد كلمات يصل إلى المليون فقد قضى عامين يبحث عن دار تطبع كتابه وكانت أسباب الرفض تتراوح بين شخصية حيث اعتبره البعض مغرورا أو من طبقة اجتماعية ارستقراطية، بينما اعتبر آخرون كتاباته مملة خاصة عندما لاحظوا استغراقه في تفاصيل التفاصيل لأحداث الرواية حتى إنه قام بوصف كيفية تململ أحد شخصيات روايته على سريره قبل أن ينام في ثلاثين صفحة بما في ذلك وصفه لمخدته. وقد قام أحد الكتاب «فرانك لومو» بتأليف كتاب بعنوان «مارسيل بروست في بحثه عن ناشر» يشرح هذه المعاناة.

وبعد نجاح الرواية وشهرتها ندمت أكثر دور النشر على رفضهم لطباعتها حيث كان من أشهرهم اندريه جيد مدير دار نشر غاليمار الذي كتب رسالة اعتذار اعتبرت أشهر رسالة اعتذار بيعت فيما بعدة ملايين من الدولارات في موقع المزايدات سوذبيز Sotheby's في هونغ كونغ. ومما قاله جيد «وهو أديب أيضا» حول رفضه طباعة الكتاب «أشعر بالخجل لأني المسؤول، إنه الندم والتأنيب الأكثر حرقة في حياتي».

أما جي كي رولينغ مؤلفة سلسلة روايات هاري بوتر فرفضت روايتها الأولى لعدة أسباب منها أن القراء لن يقبلوا عليها بسبب كون المؤلف امرأة مما اضطرها إلى الاستعاضة عن اسمها الأول بالرمز J. حتى يبدو كأن الكاتب رجل.

«لا يستطيع العقل الكسول أن يستمدّ أي شيء، لأنّه غير قادر على تحريك نشاطه الإبداعي بنفسه. النظام الوحيد الذي يمكنه أن يمارس تأثيرًا ايجابيًا على مثل هذه الأذهان هو القراءة» مارسيل بروست.