آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 10:08 ص

تجارب الأصدقاء مع «الصيام المتقطع»

حسن المصطفى * صحيفة الرياض

أواصل الكتابة في سلسلة المقالات عن ”الصيام المتقطع“، أي التوقف عن تناول الطعام لعدد من الساعات، مع الاكتفاء بشرب الماء والقهوة وأي مشروبات لا ترفع نسبة الإنسولين في الدم.

سردت في الأسبوع المنصرم، قصة قريب لي، قام بالصيام مدة 30 ساعة، كان يدخن فيها، ويأخذ أدوية علاجية، ما أصابه بتعب ودوار، سقط على إثره، وأصيب بجرح غائر في يده، واعتبر تلك التجربة سيئة للغاية، وأن ”الصيام المتقطع“ مجرد هرطقة! وبينتُ في المقال أين أخطأ القريب العزيز.

في المقابل، أرسل لي صديق ما نصه ”أشكرك، جربت الصوم 3 أيام الأسبوع الماضي، خسرت 4 كلغم في 7 أيام.. مصمم على الحمية“.

لقد كانت تجربة ناجحة جداً، ومشجعة، منحت الصديق دفعة معنوية كبيرة إلى الأمام، وجعلته يشعر بالإنجاز. أن يفقد 4 كلغم من وزنه الزائد في ظل فترة وجيزة؛ ما يعني أنه كمن وجد ضالته في هذا الفعل، وسيكون بمثابة ”العصا السحرية“ التي ستغير حياته، فيما لا توجد في الحميات الغذائية السليمة حلول سحرية، أو وعود وردية، وإنما تكون النتائج مبنية على طبيعة الطعام، ومدى الالتزام بالأكل الصحي، وتغيير نمط الحياة، وممارسة الرياضة.

رغم الإنجاز الذي حققه الصديق العزيز، إلا أنه لو استشارني لأشرت عليه بعدم فعل ذلك، وألا يصوم ثلاثة أيام متتالية إلا بعد أشهر من التعود على ”الصيام المتقطع“ بشكل تدريجي، دون الولوج مباشرة في ”الصيام المطول“.

صحيح أن صاحبنا، كنت قد أرسلت له قبل ذلك مجموعة من الفيديوهات التثقيفية لعدد من المختصين والأطباء، تحوي معلومات أساسية عن ”الصيام المتقطع“، شاهدها واستفاد منها، ومر في تجربته الأولى بسلام تام، إلا أن ذلك لا يعني صحة ما قام به.

الجسم له آلية عمله، كيمياء معينة، هرمونات تشتغل بشكل محدد، وظائف للأعضاء، وملايين الأوامر التي تصدر وتنفذ في الداخل يوميا، دون أن نعيها، أو نشعر بها، لأنها في انتظام روتيني دقيق.

هذه الدورة البيولوجية للجسد، حتى لو كان الإنسان يريد أن يحسن من أدائها، وينظف جسمه من الدهون الزائدة والكربوهيدرات والبروتينات التالفة والجذور الحرة، إلا أن الطريق لتحقق ذلك لا يصح أن يكون إلا خطوة بخطوة، دون عجلة، ودون عمل صدمة للجسم لا يعرف كيف يتعامل معها بشكل جيد، ما قد يؤدي في بعض الحالات لردات فعل عكسية.

إن خسارة 4 كلغم نتيجة صيام مستمر لثلاثة أيام هي أمر طبيعي، فما فقده الجسم هو الماء الزائد، واستمرار فقدان الوزن بهذه الطريقة أمر مستحيل طبيا وعلمياً، إلا إذا أصيب الإنسان بمرض عضال، أو حلت ”مجاعة“ عاصفة بالجسم، وفي جميع الحالات، ليس ذلك هو ما يبتغيه ”الصيام المتقطع“.

إن المعدل الطبيعي لخسارة الوزن، يكون بنحو 4 - 5 كلغم في الشهر، إذا اتبع الإنسان نظاما غذائيا ورياضيا صحيا.

والأهم أن يكون الوزن المزال، من الدهون المتكدسة، وخصوصاً حول الأعضاء، دون خسارة الوزن من العضلات.

إن خسارة الماء الزائد، تتبعها خسارة الكربوهيدات، إلا أن الأهم هو أن يحرق الجسد ”الدهون“، وأن تكون هي مصدر الطاقة، لا النشويات.

هذه العملية مهمة جداً، ولذا نجد المختصين ينصحون بالتدرج في ”الصيام المتقطع“، وحتى التدرج أثناء اتباع حميات غذائية مثل: الكيتو، أو الحمية منخفضة النشويات. حيث لا ينصح الفرد أن يدخل مباشرة في مستويات متقدمة، دون أن يعتاد جسده على النظام الجديد، لكي يستطيع التآلف معه، ومواكبته، والاستفادة منه، والبعد عن أي أضرار قد تحدث له.