بعد الطلاق يتعرض الرجال لخطر الإصابة بأمراض عقلية
26 يناير 2022
المترجم : عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 30 لسنة 2022
When relationships break down، men are at risk of mental illness
Jan 26,2022
مقدمة رضي حسن المبيوق، برفسور علم النفس السلوكي، جامعة شمال أيوا
تعد الخلافات والنزاعات من الأمور الطبيعية في الحياة الزوجية؛ وتحتاج إلى مهارات تواصل ونضج عقلي وقلبي من كلا الزوجين لحل خلافاتهما لكيلا تتراكم وتزداد حدة وتعقيدًا، وربما تتحول إلى أزمات قد تعصف بهذه العلاقة المقدسة وتذهب بها في مهب الريح.
هناك غير سبب لفشل العلاقات الزوجية وتفاقمها حتى تصل إلى شفير حالة عدم امكانية التراجع وبالتالي الطلاق لا سمح الله. وعند الوصول لهذا الحد، قد يضطر الزوجان إلى اللجوء إلى معالج أو متخصص نفسي أسري لتدارك الأمر وعلاج جذور المشكلة.
ومن عنوان المقال المترجم أدناه وبناءً على حيثيات محتواه بإمكاننا أن نتصور في هذه الحالة أن الزوجة هي من سعت وطلبت الطلاق من زوجها، وهذا الطلب في حد ذاته قد يتسبب في حدوث أزمات وإضطرابات نفسية قوية للزوج قبل أن يقع فكيف لو وقع. ولذا يعده رسالة قوية ومدوية قد يترجم رفض زوجته له بمثابة سهم مجنح موجه نحوه يخترق كيانه ويضرب أعماق كبريائه ويهدد وجوده. ولذا قد يتعرض لخطر الإصابة ببعض الإضطرابات بعد الطلاق وتؤثر فيه تأثيرًا بالغًا قد تنعكس عليه سلبًا، مما تدفعه لتقليل من قيمته لنفسه في نفسه وعدم تقديره واحترامه لذاته. وهذه المشاعر السلبية الغامرة بشكل بالغ يصعب أحيانًا تحملها وقد تؤدي تدريجيًا لبروز مشاعر القلق والحيرة والتردد والإكتئاب وضعف الإرادة في البقاء على قيد الحياة مما يدفعه أحيانا إلى الإقدام على إنهاء حياته والانتحار لا سمح الله.
النص المترجم
أكدت دراسة جديدة من جامعة بريتش كولومبيا أنه عندما ينتقل الرجال إلى مرحلة ما بعد الطلاق يكونون أكثر عرضة للإصابة بأمراض عقلية / نفسية، بما فيها القلق والاكتئاب والانتحار.
”يعانى معظم الرجال من بدء ظهور أعراض مرض عقلي / نفسي أو تفاقمه أثناء مرحلة العلاقة المتوترة بينهم وبين شريكات حياتهم أو بعد الطلاق،“ كما يقول المؤلف الرئيس للدراسة الدكتور جون أوليف John Oliffe، وهو برفسور كرسي الأبحاث الكندية، وبرفسور التمريض في جامعة بريتش كولومبيا، والذي يركز في أبحاثه على صحة الرجال العقلية. وأفاد بأن الإتفصال يضاعف من خطر انتحار الرجال بمقدار أربع مرات، وأشار بأن العلاقات المتوترة وكذلك الانفصال والطلاق كلها تؤدي إلى صعوبات صحة عقلية يعاني منها الرجال.
أجرى الدكتور أوليف والفريق في برنامج أبحاث صحة الرجال في جامعة بريتش كولومبيا مقابلات مع 47 رجلاً عن تجاربهم في فترة ما بعد الطلاق من شريكات حياتهم. عندما يواجه الرجال خلافات في علاقاتهم، يميلون إلى التقليل من أهمية المشاكل، مما يتسبب في تصدع العلاقة بشكل أكثر.
”تلعب الذكورية النمطية دورًا في كيف يتفاعل الرجال مع الطلاق“، كما يقول الدكتور أوليف Oliffe، الذي يقود أيضًا مجموعة التميز البحثي في جامعة بريتش كولومبيا في الحد من انتحار الرجال. ”على سبيل المثال، أدى عدم اليقين لدى الرجال بشأن كيف يفصحون عن المشاكل ويحلونها في اطار العلاقة الزوجية إلى انعزال العديد من الرجال بدلاً من أي يسعوا إلى طلب المساعدة. معظم الرجال المشاركين في هذه الدراسة يعانون من فترة ما بعد الطلاق من شريكات حياتهم - مثل الفترة الحزينة التي تعقب الطلاق حيث يفقد الرجل شريكة حياته، أو مسؤلية تربية الأطفال أو الخيانة الزوجية - وكان الهدف الأساس لهؤلاء الرجال هو تجنب الخلافات مع شريكات حياتهم“.
ووجدت الدراسة أيضًا أن الرجال الذين كانوا يعانون من ضائقة شديدة بعد الطلاق استخدموا مواد مخدرة، بما فيها الكحول، للتغلب على مشاعر كمشاعر الغضب والندم والحزن والخجل والشعور بالذنب. هذا بالإضافة إلى عدم اليقين البالغ لما يمكن أن تبدو عليه الحياة بعدم التمكن من قضائهم بعض الوقت مع «حرمانهم من» أطفالهم ومعاناتهم من صعوبات مالية ومن فقدان العلاقات الاجتماعية.
ما يعقِّد هذه النتائج هو العزلة والارباك الناجم من جراء القيود التي تفرضها الصحة العامة بسبب انتشار كوفيد-19، والتي يمكن أن تؤدي إلى زيادة تعاطي الكحول والمخدرات في المنزل، وبذلك يتفاقم الخلاف، مما يؤدي إلى تدهور الصحة العقلية، كما أضاف أوليف.
في الجانب الإيجابي، كشفت الدراسة أنه بعد الطلاق، يوظف الرجال مجموعة متنوعة من الموارد لتلبية احتياجات صحتهم العقلية.
”كانت جهود طلب المساعدة بين هؤلاء الرجال واسعة النطاق وتضمنت جهودًا فردية «يقوم بها الشخص بمفرده»، كالتمرينات الرياضية والقراءة والرعاية الذاتية[1] بينما قام رجال آخرون باستغلال الشبكات الاجتماعية الموجودة أو توسيع جهودهم للتواصل مع مجموعات الدعم أو حضروا جلسات علاج نفسي[2] ،“ كما تلاحظ غابرييلا مونتانير Gabriela Montaner، رئيسة المشروع والمؤلفة المشاركة للورقة.
عند التفكير في الآثار المترتبة على الخدمات النفسية والتأهيلية، أوضحت غابرييلا أنه على الرغم من أن الرجال يميلون إلى الانتظار حتى حدوث أزمة الطلاق قبل أن يطلبوا المساعدة، إلَّا أنهم قد استثمروا وقتًا وجهدًا كبيرين للمضي قدمًا بعدها، بالإضافة إلى معرفتهم بدورهم في حدوث الطلاق. ”نحن بحاجة إلى إعادة تصور مفهوم تعزيز الصحة العقلية [المترجم: انظر مثلًا، الخدمات التي يقدمها المركز الوطني السعودي لتعزيز الصحة للنفسية، [3] ] للرجال بحيث يشمل بنحو حقوقي المساعدة الذاتية والموارد غير الرسمية وخدمات جماعة الأقران الذكور «انظر مثلًا،[4] بالإضافة إلى الخدمات المهنية.“
وأضاف الدكتور أوليف: ”لطالما تعاملنا مع حالات انفصال وطلاق على أنها بيانات ديموغرافية لفحص عوامل الخطر المحتملة في الأمراض العقلية والانتحار لدى الرجال. نتائج الدراسة الحالية تزودنا بسياقات وتوجيهات مهمة للوصول إلى أصل المشاكل من أجل مساعدة الرجال على بناء علاقات أفضل[5] ، وهذا هو محور عملنا الحالي مع موفمبر Movember الذي يُعنى بصحة الرجال[6] .“.
نشرت هذه الدراسة في مجلة العلوم الاجتماعية والطب[7]