آخر تحديث: 12 / 5 / 2024م - 1:43 ص

عندما كنت في السجن الانفرادي

”اللَّهُمَّ إِنَّهُ ماأصْبَحَ بي مِنْ نِعْمَةٍ أو عافيةٍ، في دينٍ أو دُنْيا، فَمِنْكَ وَحْدَكَ لاشَريكَ لَكَ، لَكَ الحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرَ بِها عَليَّ، حَتّى تَرْضى وَبَعْدَ الرِّضا.“

في بعض الأحيان تكون مضطرا للبقاء في مكان ما، لا يمكنك الخروج منه، أي أن تكون سجينا في ذلك المكان.

سجن لم تكن ترغب بالدخول فيه، ولكن إذا حدث الدافع للدخول، فإنك توجب على نفسك ضرورة البقاء فيه حتى انتهاء المدة.

وهذا ما حدث لي، فقد كنت سجين المكان قبل ثلاثة أسابيع نتيجة إصابتي بكوفيد - 19، والتي كانت أعراضه خفيفة بفضل الله سبحانه وتعالى ودعوات الأخوة المؤمنين والأخوات المؤمنات وبفضل اللقاحات الثلاثة التي خففت كثيرا من شدة المرض.

أحمد الله سبحانه وتعالى على ما من به علي من صحة وعافية ومعافاة، وخروج من هذه الإصابة دون مضاعفات.

أيام وليال قضيتها منفردا في غرفة داخل البيت، كانت أشبه بميلاد حياة جديدة لي، بعيدا عن مشاغل الحياة، حيث التأمل في النفس وما قدمت في ماضيها وما ينبغي أن تقدمه مستقبلا.

هكذا ينبغي أن تعيش حياة انفرادية في بعض الأحيان، ونظاما أنت لست مطالبا فيها بأداء مهام معينة، بسبب مكوثك في ذلك المكان.

واستثمرت الوقت في مطالعة بعض الكتب، والانتهاء من بعض المهام الكتابية، والرد على استفسارات الآباء والأمهات حول أبنائهن وجوانب أخرى.

وهنا أعيد التأكيد على أهمية أخذ اللقاحات ضمن البرنامج المعد اتباعا لخطة وزارة الصحة، حيث أن لها دور فاعل وقوي في التخفيف من شدة الإصابة بكوفيد - 19 بدرجة عالية، حيث نجد أن الإصابات الخطيرة كالوفاة والمضاعفات الخطيرة يكثر حدوثها لدى غير المحصنين، وينبغي عدم الاستماع إلى الشائعات المتداولة التي تستهين باللقاحات وفعاليتها وتثير حولها الشكوك التي لا تستند إلى أساس علمي.

إننا نطمح في الوصول إلى المناعة الاجتماعية بمجتمعنا، والتي من فوائدها:

⁃ الحد من تفشي الفيروس.

⁃ بدء العودة الطبيعية للحياة.

⁃ تقليل أعداد الإصابات والحالات الحرجة.

⁃ المحافظة على الأرواح وتقليل أعداد الوفيات.

⁃ تقليل تحور الفيروس والحماية من المتحورات.

ولكي نصل إلى هذا المستوى العالي من المناعة الاجتماعية، ينبغي الإقبال على التطعيم والاستفادة من مزاياه الإيجابية، التي يحققها.

الأوبئة السابقة كالطاعون كانت تفتك بالأرواح، وبعد حصول المناعة في الفئات المحظوظة الناجية؛ عند مقارنة مثل هذه الحالات باللقاح، لا شك أن اللقاح هو الأفضل.

لقاح كورونا هو المحور الأساس، الذي سيغير مسيرة تعامل البشرية مع كورونا، ومتحوراته المستجدة.

والجرعات المعززة وظيفتها أن تبقي المناعة في مستويات مناعية عالية، مما يعطي اللقاح فعالية عالية ضد الإصابات الفيروسية.

بعض الدراسات العلمية أوضحت أن إمكانية انتقال الفيروس إلى الآخرين عند المحصنين أقل من غير المحصنين، فالتحصين يوفر حماية ذاتية، ويقلل من إمكانية تكاثر الفيروس في جهازهم التنفسي وبالتالي انتقاله إلى الآخرين.

وكما ذكر الدكتور القدير حاتم محمد الهاني، مدير الطب الوقائي ومكافحة العدوى بالمنطقة، واستشاري الأطفال والالتهابات والأمراض المعدية، في إحدى اللقاءات ”تعد اللقاحات من أهم الإنجازات البشرية عبر تاريخ العلم، وبمراجعة المدونات والمنشورات حول الأمراض التي كانت سارية بين البشر مثلا قبل 50 سنة والآن، سيلاحظ أنه بحمد الله وبفضل اللقاحات اختفت بعض الأمراض عن وجه الأرض، فلا نرى حاليا حالات الجدري أو شلل الأطفال، كذلك الدفتيريا والتيتانوس بدأ ينخفض بشكل كبير جدا، وأمراض كثيرة لم يمكن السيطرة عليها بفضل الله سبحانه وتعالى إلا باللقاحات، وإن أي أحد يشكك في فعالية اللقاحات، فهو بحاجة إلى إعادة قراءة التاريخ الطبي والمدونات الطبية من بداية التدوين الطبي وحتى الآن، كي يطلع على هذه الأمور بشكل واقعي.“.. انتهى

ختاما، لم أشأ أن ينزعج الأخوة الأعزاء بموضوع إصابتي بالكوفيد، لذا لم أنشر الخبر في وقته، والذين علموا به كان من مصادر أخرى.

وأنا هنا، أشكر كل الأخوة الفضلاء والأخوات الفاضلات الذين تواصلوا معي هاتفيا، أو خلال قنوات التواصل المختلفة للاطمئنان علي، وأقدر لهم هذا الجانب الإنساني العظيم. كما أنني أقدم اعتذاري لعدم تمكني من الرد على المكالمات الصوتية خلال تلك الفترة، لأن الإصابة كانت شديدة في الحنجرة والحبال الصوتية، وقد خفت الأعراض الصوتية كثيرا في الوقت الحالي.

اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ أنَّهُ ما أمْسى وَأصْبَحَ بي مِنْ نِعْمَةٍ أو عافيةٍ، في دينٍ أو دُنْيا، فَمِنْكَ وَحْدَكَ لاشَريكَ لَكَ، لَكَ الحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرَ بِها عَليَّ، حَتّى تَرْضى إلهَنا.

استشاري طب أطفال وحساسية