آخر تحديث: 2 / 5 / 2024م - 12:45 م

من أين أتى الماء؟

عدنان أحمد الحاجي *

من أين أتى الماء؟
15 فبراير 2022
المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 55 لسنة 2022
Where on Earth did the water come from?
February 15,2022

مخزون الأرض من الماء مهم جدًا لإمكانيته للحفاظ على الحياة، ولكن من أين أتى ذلك الماء؟ هل كان موجودًا عندما تشكلت الأرض أم قدم إليها لاحقًا عبر نيازك أو مذنبات من الفضاء الخارجي؟

مصدر ماء الأرض كان ولا زال محل نقاش طويل الأمد ويعتقد علماء مختبر لورانس ليڤرمور الوطني Lawrence Livermore National Laboratory أن لديهم الإجابة - ووجدوها عند دراستهم صخور من القمر.

نظرًا لأن نظامي الأرض والقمر Earth-Moon قد تشكلا معًا من جراء اصطدام جرمين كبيرين في وقت مبكر جدًا من تاريخ النظام الشمسي، ولذا فإن تاريخهما مرتبط معًا بشكل كبير. ونظرًا لأن القمر يفتقر إلى الصفائح التكتونية وعوامل التعرية، وهما عاملان كافيان لحجب الأدلة والقرائن [على تاريخ الماء] من على الأرض، لذلك فإن القمر في الواقع يعتبر مكانًا رائعًا للبحث عن أدلة عن تاريخ ماء الأرض. [المترجم: نظام الأرض والقمر نظام فريد من نوعه بين الكواكب الأرضية من حيث أنه النظام الوحيد الذي يحتوي على جرمين كرويين كبيرين متمايزين، حيث تشير أوجه التشابه التي لوحظت في نسب النظائر المشعة في صخور كل من القمر والأرض أيضًا إلى وجود علاقة وثيقة بين الجرمين [1] ، من جهة، أخرى سميت الكواكب الأرضية أيضًا بالكواكب الشبيهة بالأرض earth-like لأنها تشبه الأرض في تركيبها ومكوناتها، بحسب 2].

تشير الأدلة المستمدة من تحليل عينات الصخور من القمر إلى أنه على الرغم من تكوِّن الأرض والقمر من تأثير اصطدام هائل، إلا أنهما احتفظا في الغالب بوفرة العناصر المتطايرة الأولية، بما فيها الماء.

على الرغم من أن ما يقرب من 70 في المائة من سطح الأرض مغطىً بالماء، فإن كوكب الأرض بشكل عام مكان جاف نسبيًا مقارنة بالعديد من الكواكب الأخرى في النظام الشمسي. وأما القمر فيعتبر أكثر جفافاً من الأرض. الحكمة التقليدية تقول أن عدم وجود العناصر المتنوعة المتطايرة «مثل الماء» على الأرض - وخاصة على القمر - كان بسبب هذا الاصطدام العنيف الذي تسبب في نضوب العناصر المتطايرة.

ولكن من دراسة تركيب النظائر المشعة للصخور القمرية، وجد الفريق أن للأجرام الداخلة في الاصطدام الذي شكّل نظامي الأرض والقمر مستويات منخفضة جدًا من العناصر المتطايرة قبل الاصطدام، وليس بسببه. على وجه التحديد، استخدم فريق البحث المقدار النسبي لنظير الروبيديوم المشع 87 «87Rb» المتطاير، والذي حُسب من نظيرالسترونشيوم المشع 87 «87Sr» المتولد من نظير الروبيديوم المشع لتحديد مخزون الروبيديوم Rb في نظامي الأرض والقمر عند تكوينهما. وجد الفريق أنه نظرًا لأن السترونشيوم 87 «87Sr»، الممثل لمخزون القمر من العناصر المتطايرة الطويلة الأمد، كان منخفضًا جدًا، فلا بد أن الأجرام التي اصطدمت كانت جافة من البداية، ولم يكن بالإمكان إضافة الكثير من تلك المواد إليها بعد الاصطدام.

الأرض إما تكونت بهذا الماء الذي نعرفه، أو تعرضت الأرض للاصطدام بشيء كان في الأساس ماءً قراحًا، ولا يوجد معه أي شيء آخر. هذه الدراسة استبعدت النيازك أو الكويكبات كمصادر محتملة للماء على الأرض ويشير بقوة نحو خيار ”أن الماء وُجد مع وجود الأرض“، كما قال الباحث في الكيمياء الكونية [3]  غريغ برينيكا Greg Brennecka، المؤلف المشارك في الورقة [4] .

بالإضافة إلى تقليص المصادر المحتملة للماء الموجود في الأرض بشكل كبير، تكشف هذه الدراسة أيضًا إلى أن الأجرام الكبيرة التي اصطدمت لا بد أنها أتت من النظام الشمسي الداخلي، ولا يمكن أن يكون حدث الاصطدام هذا قد وقع قبل 4,45 مليار سنة، مما يقلل بشكل كبير من نسبة احتمال تكوِّن. القمر.

وفقًا لارس بورغ Lars Borg، المؤلف الرئيس للدراسة: ”لم يكن هناك سوى أنواع قليلة من المواد التي يمكن أن تتحد لتشكل الأرض والقمر، ولم تكن هذه المواد غريبة «غير مألوفة» - فمن المحتمل أن كلاهما مجرد جرمين كبيرين تشكلا تقريبًا في نفس المنطقة التي صادف أنهما اصطدما ببعضها البعض بعد أكثر من 100 مليون سنة بقليل من تشكُّل النظام الشمسي... لكن من حسن حظنا أنهما اقتصرا على ذلك الاصطدام بالضبط“.

نُشر البحث في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم [4] . ساهم الباحث من مختبر لورانس ليڤرمور الوطني توماس كروير Thomas Kruijer أيضًا في البحث.