آخر تحديث: 2 / 5 / 2024م - 1:07 ص

لماذا يتخوف الأطفال من أن يسألوا معلميهم ويطلبوا المساعدة منهم

عدنان أحمد الحاجي *

قد يتردد الأطفال الذين لا تزيد أعمارهم عن سبع سنوات في طرح الأسئلة في المدرسة بسبب مخاوفهم من أن زملاءهم في الصف قد يعتقدون أنهم ”أغبياء“

بقلم كايلا غوود، علم النفس التنموي، جامعة ستانفورد.

أليكس شو، أستاذ مساعد، علم النفس بجامعة شيكاغو

14 فبراير 2022

المترجم : عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 57 لسنة 2022

Why Kids Are Afraid to Ask for Help

Children as young as seven years old may hesitate to ask questions in school because they worry classmates will think they are“stupid”

Kayla Good is a Ph.D. candidate pursuing her graduate studies in developmental psychology at Stanford University.

Alex Shaw is an associate professor of psychology at the University of Chicago

14 February 2022

غالبًا ما يشعر الراشدون بالحرج من طلب المساعدة من أحد [أو سؤاله]. يعد هذا تصرفًا يمكن أن يجعل الناس يشعرون بالقلق من احتمال تعرضهم للرفض أو للاذلال أو بالحكم عليهم بعدم الكفاءة «العجز]. في اللحظة التي تسأل فيها عن عنوان مكان ما، فأنت في النهاية تكشف أنك ربما ضيعت الطريق. طلبك المساعدة من أحد الناس قد يشعرك وكأنك تفصح عن عدم كفاءتك / جدارتك / عجزك.

يفيد بحث جديد بأن الأطفال الصغار لا يطلبون المساعدة في المدرسة، حتى حين يحتاجون إليها، للسبب نفسه. حتى عهد قريب نسبيًا، افترض باحثو علم النفس أن الأطفال لا يبدأون بالاهتمام بسمعتهم وانطباعات أقرانهم عنهم حتى يبلغوا سن التاسعة من العمر تقريبًا. لكن مجموعة من نتائج دراسات متعددة في السنوات القليلة الماضية رفضت وعارضت هذا الافتراض. أظهر هذا البحث أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات [1]  يهتمون بشدة بالطريقة التي يفكر بها الآخرون عنهم. في الواقع، يتمادى الأطفال أحيانًا إلى حد الغش في الألعاب البسيطة[2]  حتى يظهروا أنهم أذكياء.

يشير بحثنا إلى أنه ابتداءً من سن السابعة[3] ، يبدأ الأطفال في ربط طلبهم للمساعدة بظهورهم بمظهر غير كفوء [بمظهر العجز] أمام الآخرين.

قد يكون لقلقهم بشأن سمعتهم عواقب وخيمة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالتعليم. في مرحلة ما، يجد كل طفل صعوبات في الصف الدراسي. إذا كانوا يخشون طلب المساعدة لأن زملاءهم في الصف الدراسي يراقبونهم، فسوف يتضرر تعلمهم. في وجود هذه المعرفة المسبقة بهذه العواقب، يجب على المعلمين ومقدمي الرعاية تقييم ممارساتهم مع هذا النوع من الأطفال والأخذ في الاعتبار كيف يجعلونهم لا يشعرون بالقلق [مرتاحين] في سعيهم للحصول على طلب المساعدة من أحد.

لمعرفة المزيد عن كيف يفكر الأطفال في السمعة، طبقنا اسلوبًا كلاسيكيًا من علم النفس التنموي. يمكن أن يكون تفكير الأطفال عما حولهم معقدًا «متقدمًا» بشكل كبير، لكن لا يمكنهم دائمًا شرح ما يدور في أذهانهم. لذلك قمنا بصياغة قصص بسيطة ثم طرحنا أسئلة على الأطفال حول هذه السيناريوهات لفسح المجال أمام هؤلاء الأطفال بإبداء ما يفكرون فيه.

في العديد من الدراسات، طلبنا من 576 طفلاً، تتراوح أعمارهم بين 4 إلى 9 سنوات، التنبؤ بسلوك الطفلين في القصة. أرادت إحدى شخصيتي للقصة أن تكون ذكية، والأخرى أرادت فقط أن تبدو ذكية للآخرين. في إحدى الدراسات، أخبرنا الأطفال أن أداء كلا الطفلين [الشخصيتين في القصة] سيئ في الاختبار. ثم سألنا أي من هاتين الشخصيتين يمكن أن ترفع يدها أمام طلاب الصف لتطلب المساعدة من المعلم.

من المرجح أن يختار الأطفال البالغون من العمر أربعة أعوام أيًا من الطفلين [الشخصيتين] باعتباره الشخص الذي سيطلب المساعدة من المعلم. ولكن عند بلوغهم السابعة أو الثامنة من العمر، يعتقد الأطفال أن الطفل الذي يريد أن يبدو ذكيًا سيكون أقل احتمالًا لرفع يده ليطلب المساعدة. وكانت توقعات الأطفال بالفعل ”متعلقة بالسمعة“ بطبيعتها - كانوا يفكرون بشكل خاص في كيف تتصرف الشخصيتان أمام أقرانهما. لا يزال بإمكانهم تصور الحالات التي يطلب فيها الطفل، الذي أراد أن يبدو ذكيًا، المساعدة من المعلم: عندما يكون طلب المساعدة طلبًا خاصًا «على جهاز كمبيوتر وليس حضوريًا»، اعتقد الأطفال أنه من المحتمل أن تطلب كلا الشخصيتين المساعدة بنفس القدر.

سألنا الأطفال أيضًا عن سيناريوهات أخرى. وجدنا أنهم يدركون العديد من السلوكيات التي قد تجعل الطفل يبدو أقل ذكاءً أمام زملائه الأطفال، مثل [لو طلب المساعدة، فهذا يفيد] باعترافه بالاخفاق أو بتقليله من مستوى نجاحاته تواضعًا. لذلك فإن الأطفال في الواقع على دراية تامة بالعديد من الأساليب التي قد تجعل من تصرفات طفل ما يبدو أقل ذكاءً في نظر الآخرين.

بالنظر إلى النتائج التي توصلنا إليها، يبدو من الممكن تمامًا أنه عندما يكون الأطفال أنفسهم هم الذين يجدون صعوبات، فقد يتفادون أيضًا طلب المساعدة لو أن لديهم مخاوف بشأن سمعتهم. فإذا كان الأمر كذلك، فإن هذا التردد في طلب المساعدة في وجود آخرين قد يعيق بشكل خطير تقدمهم الأكاديمي. حتى يحسٍّن من مستواه في أي مجال من المجالات، فلابد للشخص أن يعمل بجد ويضطلع بمهام صعبة «حتى لو كانت تلك المهام قد تؤدي إلى مواجهة صعوبات أو اخفاق» وأن يسأل أسئلة ويطلب المساعدة. يمكن أن تكون كل هذه الجهود صعبة عندما يهتم أحد الأشخاص بمظهره أمام الآخرين [أي يهتم بسمعته].

كيف يمكننا مساعدة الأطفال على التغلب على هذه العوائق؟ قد يكون حدسنا الأول هو حثهم على طلب المساعدة وذلك بالتأكيد على فوائدها التعليمية. لكن هذه الجهود قد لا تساعد الأطفال الذين همهم الأساس هو أنهم بطلبها قد يبدون عاجزين. تظهر دراسات[4] أن الذين هم في وضع يسمح لهم بتقديم المساعدة يقللون من أهمية الدور الذي يلعبه الإحراج في اتخاذ الآخرين قرارات تتعلق بطلب المساعدة من عدم وجود احراج.

ولكن، من المحتمل أن العوائق التي يفرضها الاهتمام بالسمعة تتطلب حلولاً مستندة للسمعة. أولاً، على الراشدين [الوالدين والمعلمين] تقليل التبعات الاجتماعية [ومنها تعرضهم للرفض أو للاذلال أو للحكم عليهم بعدم الكفاءة والعجز] المترتبة على طلب المساعدة. على سبيل المثال، يمكن للمدرسين منح الأطفال المزيد من الفرص لطلب المساعدة بشكل شخصي [على انفراد] وذلك بإتاحة أنفسهم للطلاب لإجراء حوارات فردية حينما يكون زملاؤهم في الفصل مشغولين بالعمل على مهمة جماعية.

على المعلمين أن يقرنوا هذا الجهد بخطوات تساعد هؤلاء الطلاب على إدراك أن طرحهم الأسئلة أمام الطلاب الآخرين هي سلوكيات طبيعية، بل وإيجابية. على سبيل المثال، يمكن للمدرسين إستحداث أنشطة يصبح فيها كل طالب ”خبيرًا“ في موضوع معين مختلف، ومن ثم على الأطفال طلب المساعدة من بعضهم بعض لإتقان كل المادة الدراسية. إذا فُهم طلب المساعدة على أنه نشاط مشترك في الصف الدراسي، فقد يكون من غير المرجح أن يفكر الأطفال فيه على أنه مؤشر على الشك في عدم قدرتهم الشخصية.

​​

يمكن حتى القيام بتأطير طلب المساعدة على أنه مرغوب فيه اجتماعيًا. يمكن لأولياء الأمور الإشارة إلى كيف يؤدي سؤال الطفل في المساعدة على بدء اثارة حوار قيم بحيث على كل أفراد العائلة بأكملها الانخراط في هذا الحديث والتعلم معًا. بالنتيجة، غالبًا ما يفيد طلب المساعدة ليس فقط الطفل الذي طلب المساعدة ولكن أيضًا يفيد الآخرين المستمعين للسؤال الذين ربما لديهم نفس الأسئلة أو يعانون من نفس الصعوبات في فهم المادة العلمية. علاوة على ذلك، يمكن للراشدين [أولياء الأمور و/ أو المعلمين] مدح الأطفال الساعين لطلب المساعدة. هذا النوع من رد الفعل من المدرسين يفيد بأنهم يقدِّرون رغبة الأطفال في طلب المساعدة وليس فقط نجاحهم بدون بذلهم أي مجهود.

للمضي قدمًا، على علماء النفس والباحثين التربويين تقييم هذه التوصيات وتطوير استراتيجيات جديدة تدفع بالأطفال الصغار لتجاوز مخاوفهم بشأن تصورات اقرانهم عنهم. هناك شيء واحد على الأطفال، بالإضافة إلى أولياء أمورهم والمعلمين، أن يتذكروه بوضوح: أن الأطفال مهتمون بسمعتهم، ويحاولون إدارتها، أكثر مما قد نظن.