آخر تحديث: 2 / 5 / 2024م - 1:07 ص

كيف تبني الكلمات قدرات دماغك وتقويها على مدى حياتك

عدنان أحمد الحاجي *

17 فبراير 2019

المترجم : عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 64 لسنة 2022

How Words Build and Strengthen Your Brain Over Your Life

February 17,2019

تساعد الكلمات على بناء قدرات دماغية سليمة وتحافظ على بقائها طوال حياة المرء. ابتداءً من الولادة، تساعد الكلمات دماغ الطفل على التطور. وكلما نما الدماغ، كلما ساعدت الكتابة والقراءة الدماغ على أن يتطور ليقوم بوظائفه على النحو الأمثل. وفي السنوات اللاحقة، تعد قراءة الكلمات طريقة مثبتة لتمرين شيخوخة الدماغ[1]  والمساعدة على إبقائه متقدًا.

كيف تبني الكلمات قدرات دماغ الطفل

يولد الطفل بكمية هائلة من الخلايا العصبية - حوالي 100 مليار. إلَّا أنها، ليست كلها متصلة ببعضها البعض بعد. مثل أدمغة الثدييات الأخرى، تأتي أدمغتنا ”وتحتاج إلى اعادة تنظيم“. يشبه دماغ الإنسان مبنىً فائقًا وفاخرًا من مكعبات الليغو Lego. وهذا الدماغ مركب من مليارات الأجزاء الصغيرة.

كل ما يلزم لبناء هذا الشيء المذهل موفر، ولكن الأمر سيستغرق زمنًا طويلًا وجهدًا لبنائه على النحو الأمثل.

كلما كبر الأطفال الصغار وتفاعلوا مع الآخرين واستكشفوا محيطهم، تستحكم التوصيلات بين خلايا أدمغتهم العصبية بناءً على تجاربهم. حياتهم تشكِّل أدمغتهم[2] . قدرة الدماغ هذه على تغيير الشكل والوظيفة بناءً على المنبهات «المثيرات الخارجية» الواردة [عبر الحواس] تسمى المرونة / اللدونة العصبية «[3] ,[4] ».

الكلمات تبني قدرات دماغ الطفل

بينت الدراسات[5]  أن الأطفال يحتاجون إلى شيء ما إلى جانب أحدث عربة أطفال أو لعبة تفاعلية أو مقعد سيارة ليبدأوا بشكل جيد في نموهم الفكري والعاطفي والبدني. إنهم بحاجة إلى كلمات - أناشيد أطفال ودردشة / ثرثرة وكتب وقصص ما قبل النوم. كل ما تقوم به من مناغاة مع الطفل ليس عملًا تافهًا أو سخيفًا بالنتيجة. هذه الأشياء تبني قدراتهم العقلية.

الكلام مع الطفل لا يشجع فقط على تطوير قدراتهم اللغوية. بل هو ضروري لتطور أدمغتهم بشكل عام. في كل مرة تقوم الأم بإشغال الطفل بتفاعلها اللفظي الإيجابي والجذاب معه، تقوى الروابط العصبية في دماغه السريع النمو. أثبت الباحثون أن الكلمات الواردة من الراديو أو التلفزيون أو شخص يتحدث على الهاتف المحمول ليس لها فائدة.

فجوة ال 30 مليون كلمة

وجدت دراستان في جامعتي رايس وكولومبيا أنه خلال السنوات الأربع الأولى من العمر، يسمع الطفل من أسرة منخفضة الدخل ما يقرب من 30 مليون كلمة أقل من أقرانهم الأكثر ثراءً، أي أقل من الثلث. هذه الفجوة في الكلمات تتسع طرديًا مع عمر الطفل.

بالإضافة إلى عدم التعرض لكلمات جديدة بشكل عام، فإن الكلمات التي يسمعها الطفل من أسرة منخفضة الدخل غالبًا ما تكون أوامر سلبية أو كلمات مثبطة لعزيمتهم. وفقًا لإحدى الدراسات، يسمع الطفل العادي في سن الرابعة من أسرة تعيش معتمدةً على مساعدة تتلقاها من الرعاية الاجتماعية[7]  ما يصل إلى 125 ألف كلمة مثبطة لعزيمتهم أكثر من سماعهم لكلمات تشجيعية. وبالمقارنة، فإن الطفل الذي ينتمي لأسرة ذات دخل مرتفع من شأنه أن يسمع 560 ألف كلمة مدح أكثر مما يسمع كلمات مثبطة للعزيمة.

بغض النظر عن دخل الأسرة، الحل بسيط: ويتمثل في الكلام مع الطفل. القضاء على فجوة ال 30 مليون كلمة يتطلب تدخلاً مبكرًا وهو محور البرامج الحكومية المختلفة[8]  ومبادرة الثلاثين مليون كلمة[9] . يمكنك هنا تعلم طرق بسيطة لمساعدة أطفال ما قبل المدرسة في حياتك [10] .

يحتاج دماغ الشباب إلى كتابة الكلمات باليد لا كتابتها على الأجهزة الكمبيوترية

أظهرت الدراسات التي أجريت على مئات من طلاب الجامعات في جامعة برينستون وجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس[11]  أن الطلاب الذين يعتمدون على أجهزة الكمبيوتر المحمولة لتدوين الملاحظات قاموا بتدوين ملاحظات أطول وأكثر شموليةً. ولكن الطلاب الذين استخدموا ورقة وقلم للكتابة «كتبوا بأيديهم» كان فهمم لفكرة المادة أفضل حين جرى اختبارهم. الطلاب الذين استخدموا القلم والورقة لكتابة ملاحظاتهم تذكروا المادة المغطاة وطبقوها وربطوا بين أفكارها بنجاح أكبر.

يتطلب تدوين الملاحظات يدويًا معالجة معرفية / ادراكية مختلفة مما تتطلبه كتابتها على الأجهزة المحمولة والتي لها تداعيات على التعلم. تدوين الملاحظات بالقلم والورقة عملية أبطأ وتتطلب مجهودًا ذهنيًا أكثر مما تتطلبه الكتابة على الكمبيوتر. لهذا السبب، لا يتمكن الطلاب الذين يكتبون ملاحظاتهم يدويًا من تدوين كل كلمة حرفياً كما قيلت. ولكن، يتعين عليهم ترجمة تلك المعلومات كما يفهموها بكلماتهم ويلخصوها. الكتابة باليد تجبر الدماغ على معالجة المعلومات بفعالية والاشتغال ببعض التمارين الذهنية التي تعزز الاستيعاب والحفظ / التذكر.

تدخل الأذان وتخرج من أطراف الأصابع

وخلصت الدراسة إلى أن مستخدمي الكمبيوتر المحمول كانوا فقط يكتبون دون الكثير من التفكير في محتوى ما كتبوه أو معرفة معناه. في الواقع، ارتبط المعدل المرتفع لكتابة الملاحظات كتابةً حرفية كما قيلت بانخفاض في معدلات الاحتفاظ بمادة المحاضرة. الطلاب الذين يستخدمون أجهزة الكمبيوتر قد يكتبون ملاحظات بطريقة التكرار من غير فهم، مما لا يتطلب سوى القليل من التحليل أو الصياغة من قبل الدماغ.

في الأساس، الكلمات تدخل الأذان وتخرج من أطراف الأصابع. هذا النوع من الكتابة السطحية تخفق في تعزيز الفهم الهادف للمعلومات أو تطبيقها.

قد تساعد للكلمات شيخوخة الدماغ على البقاء متقدًا

القراءة مفيدة لأي دماغ[12] ، ويمكن أن تكون بمثابة جلسة تمرين قوية لدماغ شخص مسن. بالكلمات المنطوقة أو المكتوبة، منطقة معالجة اللغة في الدماغ، وهي القشرة الصدغية اليسرى [13] ، تحصل على قسط من التمرين جراء هذه العملية. ولكن عندما يقرأ المرء، يصبح لديه المزيد من فرص التوقف عن القراءة والتفكير والمعالجة مما يجعل دماغه يعمل بجدية أكبر. وجدت إحدى الدراسات أن بعض الفوائد التي حصل عليها الدماغ من جلسة قراءة واحدة بقيت موجودة لمدة خمسة أيام[14] . [المترجم: زادت الاتصالية في القشرة الصدغية اليسرى لدى طلاب الجامعات بعد قراءة روايات خيالية كما ورد في [14] ].

من المنطقي أن تحصل منطقة اللغة في الدماغ على حصة من التمرين أثناء القراءة. من المثير للدهشة أن دراسة وجدت أن القراءة أيضًا تنشط جزءً من الدماغ المعني بالنشاط الحركي [15] . وذلك لأنه، في الدماغ، لا يوجد فرق كبير بين القيام بعمل شيء والتفكير فيه[16] . قد تقرأ عن أحد الأشخاص يركض، وعلى الرغم من أنك لا تركض واقعًا، فإن دماغك ينشط بنفس المقدار. كلما زاد عدد أجزاء دماغك المنخرطة في النشاط الذهني، كلما كان التمرين أفضل بالنسبة لك من الناحية المعرفية / الادراكية.

القراءة تحسن الذاكرة

عندما تقرأ، فإن دماغك يقوم بأكثر من مجرد فك رموز الكلمات على ورقة. من الناحية البيولوجية، القراءة أكثر ارهاقًا من معالجة الصور أو الكلام. تعتبر القراءة تمرينًا عصبيًا للدماغ. وأنت تقرأ، مناطق مختلفة من دماغك، مثل المناطق البصرية واللغة والتعلم الشرطي [17] ، عليها أن تعمل معًا بشكل تعاوني.

وفقًا لإحدى الدراسات[18] ، يمكن أن يساعد التحفيز الذهني، كالقراءة، في تحسين مهارات الذاكرة والتفكير، خاصة مع تقدم الشخص في العمر. حتى أن المؤلفين قد أفادوا أن القراءة اليومية يمكن أن تبطئ التدهور المعرفي / الادراكي في أواخر العمر. في بحث آخر، تبين أن القراءة تعمل على إبطاء معدل تدهور الذاكرة[19]  وانخفاض القدرات العقلية الأساسية الأخرى [المترجم: القدرة العقلية هي قدرة الشخص على اتخاذ قرار وتوصيله إلى الغير، [20] .

القراءة تساعد على تقوية وظائف الدماغ بشكل عام وتزيد الذاكرة. وجد باحثون من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، القراءة يمكن أن تخفض من مستويات بيتا أميلويد، وهو بروتين دماغي له علاقة بمرض الزهايمر، وذلك بالاستمرار في تحفيز الدماغ معرفيًا / إدراكيًا[21] . القراءة لها علاقة أيضًا بإبطاء التدهور الذهني وذلك بتحسين المرونة العقلية العامة[4] ، وهي مكوِّن مهم لتحسين الذاكرة والتذكر.

اقرأ الكتب الكلاسيكية لتمرين دماغك بشكل أفضل

وجدت إحدى الدراسات [22]  في جامعة ستانفورد أن قراءة الكتب الأدبية الكلاسيكية[23]  على وجه الخصوص، تعطي الدماغ أفضل تمرين على الإطلاق. أظهرت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي للذين يقرؤون الكلاسيكيات تدفق دم أكثر إلى مناطق الدماغ المعنية بالوظائف الإدراكية والتنفيذية. الاهتمام بالنصوص الأدبية يتطلب تنسيق عمليات التفكير المركبة المتعددة [24] . على الرغم من أن مواد القراءة الممتعة لها بعض الفوائد، إلا أنها توجد في مناطق مختلفة من الدماغ وليست منتشرة بنفس القدر.

 

 

مصادر من داخل وخارج النص

[1] - ”الشيخوخة هي عامل خطر رئيسي لأكثر أمراض التدهور العصبي شيوعًا، بما في ذلك ضعف الإدراك الخفيف، والخرف الذي يتضمن مرض الزهايمر، وأمراض الأوعية الدماغية، ومرض الشلل الرعاشي، ومرض التصلب الجانبي الضموري. على الرغم من أن الكثير من الأبحاث ركزت على أمراض الشيخوخة، إلا أن هناك القليل من الدراسات الغنية بالمعلومات حول البيولوجيا الجزيئية للدماغ المتقدم في السن في غياب مرض التدهور العصبي أو السجل العصبي النفسي لدى الراشدين الأصحاء. ومع ذلك، تشير الأبحاث إلى أن عملية الشيخوخة ترتبط بعدد من التغييرات التركيبية والكيميائية والوظيفية في الدماغ بالإضافة إلى مجموعة من التغيرات المعرفية العصبية. تشير التقارير الحديثة للكائنات الحية إلى أنه مع تقدم العمر، هناك تغيرات واضحة في تعبير الجينات على مستوى كل واحدة من الخلايا العصبية.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/شيخوخة_الدماغ

[2]  - https://thebestbrainpossible.com/five-ways-experience-changes-your-brain/

[3] - https://thebestbrainpossible.com/the-play-dough-in-your-head/

[4] - ”اللدونة / المرونة العصبية Neuroplasticity تسمى أيضاً مطاوعة الدماغ، يشمل هذا المصطلح كلاً من اللدونة المشبكية واللدونة غير المشبكية. اللدونة غير المشبكية هي التي تتعلق بتغيرات في طرق النقل العصبي وأيضاً بعض المشابك المرتبطة بتغيرات في سلوك الجسم وبيئته وعملياته العصبية بالإضافة إلى التغيرات التي تعقب الإصابات الجسدية. تظهر اللدونة العصبية في مستويات مختلفة، بدءً من التغيرات الخلوية الناجمة عن التعلم وصولاً إلى تغيرات شاملة في القشرة الدماغية استجابة لإصابة ما. يبرز دور اللدونة العصبية في التنمية الصحية والتعلم والذاكرة وكذلك التعافي بعد إصابة دماغية.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/لدونة_عصبية

[5] - https://opinionator.blogs.nytimes.com/2013/04/10/the-power-of-talking-to-your-baby/?_r=0&mtrref=undefined&gwh=361D751A6E16BFFCF820388C76F7FB4C&gwt=pay&assetType=PAYWALL

[6] - https://childrenshousepreschool.org/wp-content/uploads/2014/08/Rice-University-School-Literacy-and-Culture-The-Thirty-Million-Word-Gap-1.pdf

[7] - ”الرعاية الاجتماعية هي ابسط نظم الرفاهية الاجتماعية «Welfare» المتبعة في اغلب دول العالم المتقدم. يقوم نظام الرفاهية الاجتماعية إلى توفير حد مقبول من الرفاه والدعم الاجتماعي لجميع المواطنين. يعتمد هذا النظام على مبدأ صرف رواتب وتوفير سكن للعاطلين عن العمل وللمتقاعدين والعاجزين.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/رعاية_اجتماعية

[8] - https://obamawhitehouse.archives.gov/blog/2014/06/25/empowering-our-children-bridging-word-gap

[9] - https://tmwcenter.uchicago.edu/

[10]  - https://www.mindbodygreen.com/0-16308/this-is-the-best-thing-you-can-do-for-your-childs-brain.html

[11] - https://journals.sagepub.com/doi/abs/10,1177/0956797614524581

[12] - https://thebestbrainpossible.com/reading-improves-brain-memory-stress/

[13] - ”الفص الصدغي الأيسر يحمل القشرة السمعية الأولية، والتي تعتبر مهمة في معالجة الدلالات في كل من الكلام والرؤية عند الإنسان.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/فص_صدغي

[14] - https://www.theatlantic.com/education/archive/2014/01/study-reading-a-novel-changes-your-brain/282952/

[15] - https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3888398/

[16] - https://thebestbrainpossible.com/get-the-picture/

[17] - ”"الاستجابة الشرطية أو التعلم الشرطي هي نظرية في التعلم الترابطي وضعها الطبيب الروسي إيفان بافلوف، وتعنى رد الفعل التكيفى للكائن تجاه منبه خاص ويكتسب هذا التكيف من وضع الكائن في الموقف نفسه أكثر من مرة.“ مقتبس من تص ورد على عذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/استجابة_شرطية

[18] - https://www.alzinfo.org/articles/reading-alzheimers-bay/

[19] - https://www.ncu.edu/blog/reading-improves-memory-concentration-and-stress

[20] - https://www.mentalhealth.org.uk/a-to-z/m/mental-capacity

[21] - https://matrix.berkeley.edu/research-article/brain-exercise-and-alzheimers/

[22] - https://news.stanford.edu/news/2012/september/austen-reading-fmri-090712.html

[23] - https://ar.wikipedia.org/wiki/عمل_أدبي_كلاسيكي

[24] - ”التفكير المركب complex thinking يشمل التفكير الإبداعي والنقدي، وحل المشكلات وتطوير المفاهيم لحل المشاكل والخلافات والتفكير والتحليل الأخلاقي والأدبي. غالبًا ما تتضمن عمليات التفكير المركب محتوى مجردًا أو مركبًا.“ ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:

https://possibilitiesforlearning.com/curriculum-differentiation/process-differentiation-options/complex-thinking/

المصدر الرئيس

https://thebestbrainpossible.com/how-words-build-and-strengthen-your-brain-over-your-life/