شريط ذكريات الحياة يمر أمام أعيننا: ماذا يحدث في الدماغ عند الاحتضار؟
مجلة فرونتيرز
22 فبراير 2022
المترجم : عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 87 لسنة 2022
Does our life flash before our eyes during death?
By Frontiers
22 February 2022
يقول باحثون أمريكيون إنه عندما يحتضر المرء، موجات الدماغ تظهر بنفس الحالة التي تظهر بها أثناء الحلم أو التذكر[1] أو التأمل، وتبقى الأدمغة نشطة ومتناسقة أثناء الاحتضار وحتى بعد الموت. فريق الدراسة كان يقيس الموجات الدماغية لرجل في ال 87 من عمره ومصاب بالصرع حينئذ، لسوء الحظ، أصيب بنوبة قلبية في الأثناء وتوفي بعدها. استطاع الباحثون استحصال بيانات فترة ال 30 ثانية قبل وبعد توقف قلب المريض عن النبض. يقول الباحثون إن الموجات الدماغية التي سجلوها والتي عادة ما يكون لها دخل في وظائف معرفية عليا[2] ، يمكن أن تكون مثالًا حرفيًا لرؤية شريط ذكريات الحياة يمر أمام العين.
سجل باحثو علم الأعصاب نشاط دماغ انسان يحتضر واكتشفوا أنماط موجات دماغية منتظمة «إيقاعية» قرب وقت الوفاة تشبه تلك التي تحدث أثناء الحلم واسترجاع الذاكرة والتأمل. حاليًا، دراسة لهذه النتائج نشرت في مجلة آفاق في علوم أعصاب الشيخوخة Frontiers in Aging Neuroscience [3] نظرة ثاقبة جديدة للدور التنظيمي المحتمل للدماغ أثناء الاحتضار وتقترح تفسيراً لتذكر شريط الحياة في تجارب الاقتراب من الموت.
تخيل أنك تعيش حياتك كلها لمدة ثوان معدودة [وأنت تشاهد ذلك الشريط]. كومضة برق خاطف يمر أمام عينيك، وأنت تعيش خارج جسدك وتشاهد ذكريات لا تنسى قد عشتها في الماضي. يمكن أن تكون هذه العملية، المعروفة باسم ”استعراض شريط ذكريات الحياة life recall“ [4] ، مشابهة لما يعرف بتجربة الاقتراب من الموت. ما يحدث داخل الدماغ خلال هذه التجارب وبعد الموت هي أسئلة حيرت باحثي علم الأعصاب لعدة قرون. بيج أن دراسة جديدة تشير إلى أن الدماغ قد يظل نشطًا ومتناسقًا أثناء بداية المرحلة الأخيرة من الاحتضار [وهي مرحلة اقتران علامات تشير إلى اقتراب المريض من الموت في غضون أيام قليلة[4] ]. وحتى بعد هذه المرحلة، قد يكون الدماغ مبرمجًا لتنسيق هذه التجربة المرة بأكملها.
عندما أصيب مريض يبلغ من العمر 87 عامًا بالصرع، استخدم الدكتور راؤول ڤيسينتي Raul Vicente من جامعة تارتو في إستونيا وزملاؤه تخطيط كهربية الدماغ «EEG» للكشف عن نوبات الصرع وعلاج المريض. خلال فحص كهربية الدماغ، أصيب المريض بنوبة قلبية وتوفي بعدها. هذا الحدث غير المتوقع وفر فرصة للباحثين لأول مرة على الإطلاق بتسجيل نشاط دماغ انسان يحتضر.
النتائج ”تطعن في فهمنا السابق لمتى تنتهي الحياة بالضبط“
”قمنا بقياس 900 ثانية من نشاط الدماغ في وقت قريب من الوفاة وعيّنا فترة زمنية بغرض التركيز عليها لدراسة ما يحدث في ال 30 ثانية قبل وبعد توقف القلب عن النبض،“. كما قال أجمل زمّار Ajmal Zemmar الذي رتب لهذه الدراسة.
”مباشرة قبل توقف القلب عن النبض وبعده، رأينا تغييرات في نطاق معين من التذبذبات «الموجات» العصبية[5] ، ما يسمى بموجات غاما[6] ، ولكن أيضًا في تذبذبات أخرى مثل موجات دلتا وثيتا وألفا وبيتا [معلومات مستفيضة عن هذه الموجات هنا[7] .“
تذبذبات الدماغ «المعروفة بشكل أكثر باسم ”موجات الدماغ“» هي أنماط من نشاط الدماغ المنتظم الموجود عادة في دماغ الإنسان الحي. الأنواع المختلفة من التذبذبات «الموجات»، بما فيها موجات غاما[8] ، في وظائف معرفية / ادراكية عليا، كتركيز الانتباه، والحلم والتأمل والتذكرومعالجة المعلومات والإدراك الحسي الواعي[9] ، تمامًا مثل تلك المرتبطة بالفلاش باك flashback «أو الذاكرة المتكررة اللاإرادية[10] .
وتكهن زمّار قائلاً: ”من خلال اصدار تذبذبات متضمنة في استرجاع الذاكرة، قد يحاول الدماغ آخِر استرجاعٍ لشريط ذاكرة «تذكر» أحداث الحياة المهمة قبل الوفاة مباشرة، على غرار تلك التي أُفيد بها في تجارب الاقتراب من الموت.“ ”هذه النتائج تطعن في فهمنا السابق عن متى تنتهي الحياة بالضبط وتطرح أسئلة لاحقة مهمة، مثل تلك المتعلقة بتوقيت التبرع بالأعضاء.“
مصدر أمل
على الرغم من أن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها لقياس نشاط دماغ انسان حي أثناء فترة الاحتضار، فقد لوحظت تغيرات مماثلة في موجات غاما في الفئران المحفوظة في أمكنة خاضعة للرقابة. هذا يعني أنه من الممكن، أثناء الاحتضار، أن ينظم الدماغ وينفذ استجابة بيولوجية يمكن حفظها في كل الأنواع species.
ولكن، هذه القياسات استندت إلى حالة واحدة وانبثقت من دماغ مريض تعرض لإصابة ونوبات صرع وتورم في الدماغ، مما يعقد تفسير بيانات كهربية الدماغ. ومع ذلك، يخطط زمار لدراسة المزيد من الحالات ويرى في هذه النتائج مصدر أمل.
وقال ”بصفتي جراح أعصاب، أتعامل مع موت أشخاص في بعض الأحيان. ومن الصعب بشكل لا يوصف ابلاغ خبر الوفاة لأفراد الأسرة المذهولين“.
”الشيء الذي قد نتعلمه من هذا البحث هو: على الرغم من أن أحباءنا قد أغمضوا أعينهم وسيغادروننا للأبد، فقد تتذكر أدمغتهم بعض أجمل اللحظات التي مروا بها في حياتهم خلال تلك اللحظة.“
