آخر تحديث: 2 / 5 / 2024م - 1:07 ص

الاكتئاب عند الصغار والكبار: الجذور والمخرجات والعلاقة بأمراض أخرى

عدنان أحمد الحاجي *

22 فبراير 2022

المترجم : عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 85 لسنة 2022

Depression in youth and adults: origin، outcomes، and relation to other diseases

2022-02-22

الاكتئاب هو حالة صحية عقلية [1] شائعة وخطيرة، يسبب مجموعة أعراض متنوعة، كالشعور باليأس والحزن وفقدان الاهتمام بالهوايات والأنشطة أو الاستمتاع بها. حتى يشخص أي فرد أنه مصاب بالاكتئاب أم غير مصاب، يجب أن تستمر الأعراض التي يعاني منها مدة أسبوعين متتاليين على الأقل. في أسوأ حالات الإكتئاب، يمكن أن تؤدي هذه الحالة العقلية إلى الانتحار. يعد الاكتئاب مرضًا نفسيًا عالميًا، لا يوجد عمر محدد لبدء ظهوره، ويصيب النساء أكثر من الرجال بمرتين تقريبًا.

معظم الدراسات الرصدية ركزت على السكان الراشدين «أي بعمر 20 سنة وأكبر»، وتركت الاكتئاب الذي يصيب الأطفال بلا استكشاف إلى حد كبير. تشير الأبحاث الحالية إلى أن الاكتئاب ناتج عن توليفة من العوامل الوراثية والفسيولوجية والبيئية والاجتماعية والنفسية. ومع ذلك، فإن العديد من الجوانب المتعلقة بأسبابه والآثار المترتبة عليه وعلاقته بأمراض أخرى لا تزال مجهولةً في الغالب. في أطروحتها لدكتوراه الجديدة، سعت ماريكا ليون Marica Leone، طالبة الدكتوراه من قسم الوبائيات الطبية والإحصاء الحيوي، إلى زيادة فهمنا لحالة الاكتئاب التي تصيب الأطفال والمراهقين والراشدين، محاولةً استكشاف المخرجات الصحية غير المواتية[2] ، والأمراض النفسية والجسدية المصاحبة له، وعوامل الخطر المحتملة، والعلاج بالميلاتونين لاضطرابات النوم.

تهدف ماريكا إلى تقديم رؤىً جديدة فيما يخص الجذور والمخرجات الصحية [الناتجة عن التدخلات الطبية[3] ] المرتبطة بالاكتئاب، وزيادة الوعي بشأن هذه الحالة العقلية الخطيرة، والتي تؤثر في نسبة كبيرة من السكان، بما في ذلك العديد من المراهقين. قد تكون النتائج التي توصلت إليها ماريكا مهمة لمساعدة المرضى والأطباء وواضعي السياسات «المشرعين» في اتخاذ قرارات مستنيرة، والتشديد على الحاجة الماسة لعلاج هذه الفئة من السكان المحتاجة إلى حماية ومساندة ودعم طويل الأمد.

ما هي أهم نتيجة توصلت إليها في أطروحتك؟

بينّا أن واحدًا على الأقل من كل 40 طفلًا ومراهقًا يعاني من الاكتئاب. هؤلاء المرضى لديهم احتمال مرتفع للإصابة بمجموعة واسعة من الأمراض الجسدية «66 مصابًا من 69 شخصًا تم فحصهم» والموت المبكر، وخاصة الموت من جراء حالة انتحار. على سبيل المثال، بالمقارنة مع أقرانهم غير المصابين بالاكتئاب، وُجد أن احتمال إيذاء هؤلاء المصابين أنفسهم يبلغ 14 ضعفًا واحتمال، إصابتهم باضطرابات النوم يصل إلى 8 أضعاف، واحتمال إصابتهم بمرض السكري من النوع 2 يبلغ 4 أضعاف.

وجدنا أيضًا أن القابلية للتأثر بالاكتئاب ولحالات أخرى معينة، كالسمنة ومرض السكري من النوع[2] ، لديها عوامل احتمال جينية مشتركة، مما يبرز أهمية الفحص للكشف عن أعراض الاكتئاب لدى المرضى الذين يعانون من هذه الحالات والعكس صحيح.

أخيرًا، أثبتنا أن الاصابة بالعدوى في مرحلة الطفولة لا يبدو أنها تسبب اكتئابًا في مرحلة لاحقة ولا إلى إيذاء النفس بشكل مباشر، وأن تحسن النوم قد يكون عنصرًا مهمًا للحد من السلوك المضر بالنفس لدى الفتيات الصغيرات المصابات باضطرابات الاكتئاب والقلق.

لماذا اخترتِ دراسة هذا المجال بالذات؟

لطالما كنت مفتونةً بالبحث العلمي؛ في نهاية دراستي الجامعية في مرحلة البكالريوس، وجدت تخصص علم الوراثة السلوكي [أو علم الوراثة النفسي وهو العلم الذي يدرس تأثير المورثات «التركيب الجيني» للكائن الحي على سلوكه ضمن البيئة المحيطة به[4] ]، وعلمت أن الحمض النووي يؤثر في مدى استعداد الناس للصحة العقلية [الصحة العقلية هي الصحة العامة لكيف يفكر المرء وينظم مشاعره وتصرفاته[5]  وكذلك في السمات الوراثية السلوكية[4] . لقد كان ذلك كله مصدر الهام لي لمتابعة دراستي لنيل درجة الدكتوراه في هذا المجال البحثي، وكانت خطتي الأولية هي دراسة علم وراثة العافية [ورد في أحد تعريفاتها أنها عبارة عن جودة الحياة وهي تحمل معلومات عن مجموعة من السلوكيات ومنها الصحة البدنية والعقلية وعن العلاقات الاجتماعية والمتعة والسعادة[6] . ومع ذلك، عندما سنحت لي فرصة الالتحاق بمعهد كارولينسكا Karolinska Institutet، كانت هناك الفرصة مواتية لاستخدام البيانات السويدية واسعة النطاق لدراسة الأمراض العقلية. وبالاتفاق مع المشرف على رسالة الدكتوراه، قررنا تركيز مشروع الدكتوراه هذا على الاكتئاب، وهو حالة نفسية خطيرة وشائعة ولديها فيزيولوجيا مرضية [7]  مجهولة في الغالب. كان هدفنا هو اكتساب المعرفة العلمية الجديدة التي قد تحسن فهمنا للاكتئاب والحالات ذات الصلة، وتفيد المرضى في المستقبل.

ما هي الصعوبات التي واجهتيها في دراسة هذه الاضطرابات النفسية، حيث قد يكون الحصول على البيانات المطلوبة أمرًا حساسًا؟

توفر السويد فرصًا فريدة للبحوث الطبية من خلال جهاز الرعاية الصحية الشامل والممول من أموال الضرائب، وتاريخ طويل من السجلات الوطنية. باستخدام رقم الهوية الشخصية «رقم الشخص» المخصص لكل مواطن عند ولادته أو لكل مقيم بعد هجرته اليها، الربط بين هذه السجلات ممكن، مما يسمح بتجميع المعلومات الديموغرافية والطبية وغيرها من المعلومات عن السكان السويديين بالكامل. خلال هذه العملية، حماية البيانات الحساسة للأفراد المشاركين في هذه السجلات مضمونة. يمكِّن هذا المصدر الفريد للبيانات واسعة النطاق الباحثين من تطوير المعرفة العلمية في المجالات المهمة التي قد تكون فيها تصميمات الدراسات الأخرى غير أخلاقية أو يصعب تنفيذها، بما في ذلك جذور المخرجات الصحية طويلة الأمد للاضطرابات النفسية.

ماذا تعتقدين عما ينبغي القيام به لمواصلة هذا المجال البحثي؟

تظل العديد من الجوانب المتعلقة بجذور وتبعات الاكتئاب مجهولة إلى حد كبير. يجب أن تكون إحدى الأولويات القصوى في هذا المجال تمييز وتصنيف الأنواع الفرعية المختلفة للاكتئاب حتى يتمكن المرضى من تلقي علاجات مشخصنة بنحو أكثر «أي مناسبة لشخص بعينه». على سبيل المثال، من الضروري معرفة سبب ظهور اختلافات في أعراض الاكتئاب وشدتها واستجابة العلاج للمرضى. أيضًا، نظرًا لأن الاكتئاب يحدث عند النساء بمعدل الضعف تقريبًا مقارنة بالرجال، فمن الأهمية بمكان تحديد الآليات المسؤولة عن الفروق بين الجنسين التي نشهدها في انتشار الاكتئاب والمسار السريري للمرض[8] .

بشكل عام، قد تفسر هذه الجهود البحثية تعقيد العوامل المسببة لمرض الاكتئاب، مما يمهد الطريق لاكتشاف مسارات بيولوجية محددة مقترنة بأنماط معينة من الأعراض أو أنواع فرعية من أحد الاضطرابات الأخرى، والمساهمة في تطوير استراتيجيات وقائية أفضل وعلاجات مشخصنة للمرضى.

عنوان أطروحة الدكتوراه: ”الاكتئاب لدى الصغار والكبار: المسببات والمخرجات والأمراض المصاحبة،“ المؤلفة: ماريكا ليون. معهد كارولينسكا «2022»، ISBN: 978-91-8016-460-3 «انظر[9] .

مصادر من داخل وخارج النص

[1]  ”المرض العقلي، المعروف أيضًا باسم اضطرابات الصحة العقلية، يشير إلى مجموعة واسعة من حالات الصحة العقلية - الاضطرابات التي تؤثر في المزاج والتفكير والسلوك. أمثلة الأمراض العقلية تشمل الاكتئاب واضطرابات القلق والفصام واضطرابات الأكل والسلوكيات المسببة للإدمان.“ ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:

https://cutt.ly/FFi8Rim

[2]  ”يُعرَّف المفعول / التأثير الصحي الضار بأنه عامل يسبب و/ أو يسرّع أو يمهد و/ أو يفاقم خللًا بنيويًا و/ أو وظيفيًا، وما يترتب على ذلك من تغيرات غير طبيعية لديها القدرة على خفض جودة الحياة، ومسببة لمرض موهن أو إلى وفاة مبكرة.“ ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:

https://cutt.ly/yFi8UxC

[3]  https://cutt.ly/rFi8Pkt

[4]  https://cutt.ly/SFi8DLv

[5]  https://cutt.ly/dFi8Jr4

[6]  https://cutt.ly/8Fi8LTL

[7]  ”الفيزيولوجيا المرضية Pathophysiology هي دراسة التغييرات في الوظائف الطبيعية للأعضاء، سواء أكانت التغيرات ميكانيكية أو فزيولوجية، أو كيميائية حيوية، وتُسبب هذه التغيرات إما عن طريق مرض معين، أو ناجمة عن متلازمة. وبتعريف رسمي، هو فرع من الطب الذي يتعامل مع أي اضطرابات لوظائف الجسم، والناجمة عن مرض أو أعراض بادرية «prodromal symptoms». «وهي الأعراض التي تسبق ظهور المرض مثل ارتفاع درجة الحرارة، الوهن. وما إلى ذلك...». تعريف بديل للفزيولوجيا المرضية: هي“ دراسة المظاهر «manifestations» البيولوجية والفيزيائية للمرض والتي ترتبط بالاضطرابات الفزيولوجية والشذوذات الكامنة وراء هذا المرض. " مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://cutt.ly/bFi8C57

[8]  "مسار المرض، ويسمى أيضا تاريخه الطبيعي، يشير إلى تطور المرض في المريض، بما في ذلك تسلسل وسرعة المراحل والأشكال التي يتخذها. مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://cutt.ly/KFi4NDj

[9]  https://cutt.ly/FFi42qS

المصدر الرئيس

https://cutt.ly/YFi48id