آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 7:26 م

ما تعرفه بالفعل هو مفتاح لتعلم أشياء جديدة

عدنان أحمد الحاجي *

ما تعرفه بالفعل هو مفتاح لتعلم أشياء جديدة
بقلم مارليك ڤان كيستيرن، باحثة في علم الأعصاب التربوي في الجامعة الحرة في أمستردام.
9 يناير 2016
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 93 لسنة 2022
What you already know is the key to learning new things
Marlieke van Kesteren
9 Jan 2016

المعارف المتراكمة في دماغك يمكن أن تتحول إلى تربة خصبة. ولكن عليك أن تحرث هذه التربة حتى تترسخ جذور الأفكار الجديدة التي زرعتها.

تخيل كم راكمت من المعارف بالفعل. فقط تأمل في كل ما تعلمته وخبرته طوال حياتك. كل شيء يبدو هائلًا جدًا، أليس كذلك؟

دماغك عامر بالمعرفة التي راكمتها طوال حياتك. تخزين كل هذه المعرفة نافعة، حيث يمكن توظيفها للتنبؤ بالأحداث المستقبلية. على سبيل المثال، لقد رأيت سابقًا الكثير من الكراسي، بحيث يمكنك التعرف على الكراسي الجديدة من طبيعتها فور وقوع نظرك عليها، حتى عندما لو كان مظهرها مختلفًا قليلاً.

تسمح هذه القوة التنبئية لدماغك بمعالجة الأحداث اليومية بسرعة وكفاءة - فأنت بحاجة إلى تخزين أشياء جديدة في الذاكرة فقط. في مثال الكراسي، دماغك يسجل كيف شذ ذلك الكرسي المعيَّن عن الكراسي التي شاهدتها سابقًا.

شيء مختلف عندما نشاهد أشياء تمامًا خارج تجربتنا وممارساتنا المعتادة. إذا فوجئ دماغك بشيء جديد، فسيجده شيئًا لا يمكن نسيانه - وهذا يُعرف باسم ”تأثير الجِدَة [1] [2]  [المترجم؛ وتبعات ذلك أنه عندما تتغير الأشياء في محيطك، فمثلًا، في حال إدخال تقنية جديدة، يرتفع الأداء مؤقتًا]“. يساعد عنصر الحداثة «الجدة» هذا دماغك على تكوين ذاكرة قوية.

نحن لا نستفيد دائمًا مما نعرفه بالفعل عندما نحاول تعلم معلومات جديدة. لكن هناك أدلة متراكمة تفيد أن هذا تصرف ذكي ينبغي الإقدام عليه وفعله. إذن كيف يمكنك الاستفادة من معارفك السابقة إلى أقصى حد لحتى تكون مستعدُا لاكتساب - والاحتفاظ - بمعارف جديدة؟

1. ذكّر نفسك بما تعرفه بالفعل

تذكر دائمًا المعارف ذات الصلة بشكل مقصود وإيجابي عندما تتعلم معلومات جديدة. على سبيل المثال، إذا كانت مهمتك هي التعرف على الوضع الحالي في بلد معين، فتذكر ما تعرفه بالفعل عن تاريخ ذلك البلد.

لا يغريك سهولة البحث عن كل شيء على النت وتبادر في البحث عنه في غوغل Google. انتظر برهة وحاول تذكر واسترجاع ما خزنه دماغك عن الموضوع أولاً، حتى لو لم يكن له علاقة مباشرة بما تبحث عنه.

لقد ثبت أن عملية استرجاع وتذكر ما تعرفه هذه مفيدة جدًا للتعلم «اكتساب المعارف [3] ، وتقوية معارفك المخزنة ومعارفك الجديدة. إذا لم تكن متأكدًا من صحة بعض المعلومات، أو وجدت ثغرات في فيها، فبإمكانك دائمًا التحقق منها بالبحث في الإنترنت بعد ذلك. هذه طريقة جيدة تساعدك في تشخيص المفاهيم الخاطئة وتصحيحها أيضًا.

2. استفد من تأثير الجدة

تخيل أنك تحاول معرفة أن كلمة ”جبن cheese“ بالإنجليزية تعني بالفرنسية كلمة ”جبن fromage“. لن تساعدك معرفتك السابقة بأي شيء في الربط بين الكلمتين. ولكن بإمكانك توظيف المعرفة السابقة وتأثير الجدة لتساعدك على تذكر الكلمة.

أولاً، اربط المعلومات ذهنيًا بما تعرفه من السابق، ثم حاول جعل هذا الربط شيئًا جديدًا قدر الإمكان.

يمكنك القيام بذلك عن طريق وضع الجبن ذهنيًا في موضع غريب، وحاول توظيف أكبر عدد ممكن من الحواس بالنحو الأمثل «تخيل جبنًا قديمًا بالفعل في الحمام، جبنًا تنبعث منه رائحة قوية وتفوح منه رائحة العرق».

تسمى الحيلة المستخدمة طريقة المواضع / طريقة المواقع «رحلة الذاكرة [4] »: المعلومات العشوائية تُربط ببعضها بعض بربطها بمواقع داخل بيئة مألوفة. من المفيد أن تجعل الذاكرة شاذة وحيوية قدر الإمكان.

اعتمد الإغريق القدماء على هذه الطريقة ووظفوها لتذكر خطبهم الطويلة الشهيرة. في الوقت الحاضر، غالبًا ما يستخدمها أبطال الذاكرة لاستذكار قوائم طويلة ومخيفة من الحقائق أو الأرقام [5] .

3. خذ لمحة عامة سريعة عن المادة الدراسية

قبل أن تبدأ في الدراسة، تأكد من أن تلقي نظرة عامة على المادة الدراسية وذلك بتصفح كتاب الدراسة، وإلقاء نظرة على فهرس محتويات الكتاب، وحاول الإجابة على الأسئلة، حتى لو لم يكن لديك أدنى فكرة عنها.

التحضير لما ستتعلمه يمكن أن يساعدك على فهم المعلومات عندما تمر عليها. تصفح فصول الكتاب المتعلقة بالنصوص الواجب دراستها ضمن المادة الدراسية حتى تتمكن من تشخيص الاتجاه الذي ستسلكه. استمر في تكرار هذه العملية طوال عملية التعلم؛ من المفيد أن يكون في ذهنك لمحة عامة عن المادة الدراسية في جميع الأوقات.

4

. خذ وقتك وتحلى بالصبر

الوقت ذاته سيساعدك على التعلم. بناء معرفة مهيكلة يأخذ وقتًا - فهو يتطلب جهدًا وكثيرًا من التكرار على مدار عدة أيام أو أسابيع أو حتى شهور.

معظم المعرفة التي علقت في دماغك [احتفظت بها في ذاكرتك] هي نتيجة للتذكر النشط «تأثير الاختبار [6] » والتكرار و- الأمر المهم أيضًا - هناك عمليات مستمرة في العقل الباطن [7]  تنظم معرفتك وتعممها [8] .

العمليات المستمرة هذه تحدث بعد التعلم، أو أثناء الراحة، أو حتى أثناء النوم، وستؤثر في أداء وظائف الذاكرة [المترجم: المتمثلة في تشفير / ترميز المعلومات وتخزينها واستعادتها [9] ] في المستقبل. قيلولة قصيرة أو فترة راحة بعد الدراسة يمكن أن تساعدك على التذكر بشكل أفضل [10] .

من ناحية أخرى، فإن محاولة حشو كميات من المعلومات في الذاكرة قصيرة الأمد في اللحظة الأخيرة مفيد ولكن لفترة قصيرة فقط للأسف. ولن ينفعك في الاحتفاظ الوثيق بالمعلومات على المدى الطويل، وهذا بدوره يعيق تكامل المعرفة المستقبلية.

ستساعدك هذه النصائح على أن تكون أكثر وعيًا بمعارفك السابقة ومدى ارتباطها باكتساب معلومات جديدة عندما تقرأ / تراجع دروسك. عندما تكون في المدرسة، المناهج الدراسية مصممة بعناية للبناء على المعرفة المكتسبة السابقة. ولكن بمجرد أن تصبح راشدًا [في عمر 20 سنة وأكبر]، في الجامعة أو في وظيفة عمل، ستصادف معلومات جديدة وعشوائية الترتيب يوميًا.

تذكر معارفك القديمة - وذلك ببذل الجهد لتذكر ما لديك من معارف بالفعل - لن يساعدك ذلك التذكر فقط في إضافة معلومات جديدة، بل سيعزز ويصقل المعارف التي لديك بالفعل.

 

مصادر من داخل وخارج النص

[1]  https://cutt.ly/aFO7mMt

[2]  https://cutt.ly/dFO7E2s

[3]  https://cutt.ly/qFO7URf

[4]  رحلة الذاكرة أو طريقة المواضع Method of loci «جمع موقع أو موضع باللاتينية»، وهو فن استذكار استخدم قديمًا عند اليونانيين والإغريق لإلقاء الخطبة والشعر وغيرها. ونظام ذاكرة يربط بين العناصر التي نريد أن نتذكرها بربطها بالمواقع المادية المحددة، بمعنى يعتمد على العلاقات المكانية وحفظ الأماكن بالترتيب لتذكّر المحتوى المراد حفظه. خمسة أمور يستحسن مراعاتها عند توظيف رحلة الذاكرة، حيث أنك تستطيع أن توظف المسارات حول الأماكن المألوفة لديك من طرق ومدارس وملاعب ومباني ومتاحف، وحتى يكون هذا فعالًا ومفيدًا، حاول الاستفادة من النصائح التالية التي قدمها دومينيك أوبراين بطل العالم في الذاكرة، وهي:

• اختر مسارات تعرفها تمامًا من الداخل والخارج: اختر أماكن مألوفة لك، مثل منزلك، والحي الذي تسكنه، والمدرسة التي تعلمت فيها، والمتنزه الذي تمارس رياضة المشي فيه، والمبنى الذي تعمل فيه، والملاعب التي تمارس فيها رياضة ما، وهكذا.

• اختر مسارات ذات دلالة مريحة وسعيدة لك: إن اختيار أشياء لا تمثل أهمية معنوية ولا ذكريات بهيجة تجعل العقل يسقطها من تسلسل الأحداث أو التخيلات، وأنت بحاجة إلى شيء مميز ويعني لك شيئا جيدًا حتى لا يسقط منك في أثناء رحلة التذكر.

• اختر مسارات تعطيك تنوعًا جيدًا: إن اختيار سلسلة من أشياء متشابهة مثل سلسلة المطاعم في مدينتك، أو المكتبات، أو محطات الحافلات أو القطارات يعتبر من أخطأ المبتدئين، لأن هذا التشابه يجعل من الصعب ربط الأشياء بها بعد ثالث أو رابع بند في القائمة، ولهذا اختر شيئا يحتوي على تنوعات مختلفة بحيث يمكنك أن تكون صورًا مختلفة ومتنوعة بسهولة ووضوح، مثل قصر كبير له قاعات مختلفة، ومرافق متنوعة، أو طريقًا تمر فيه على أشياء مختلفة ومتنوعة، وهكذا.

• اختر مسارات محددة لتذكر أشياء محددة: ستجد بعد وقت أن هناك مسارات ما فعالة أكثر من غيرها في حفظ أشياء معينة، فمثلا المسارات المفتوحة كالطرق والمتنزهات تكون أنسب لحفظ أسماء الأشخاص ومحاور الحديث، بينما المسارات المغلقة كالمنزل والمبنى يجعلك مقيدا أكثر لا سيما مع كثرة الأسماء التي قد تحتاج لحفظها في وقت واحد.

• اختر مسارات تتيح لك موقع مراقبة جيد: تنقل بين الأماكن والأشياء وأنت تنظر إليها من الزاوية نفسها دائما، فتخيل نفسك دائما تنظر إلى المحلات التجارية من الخارج عبر الزجاج وأنت تتأمل المعروضات داخلها بدون أن تدخل المحل التجاري، وانظر دائما إلى تقاطع الطرق وأنت في المنتصف تبحث عن الطريق في الاتجاهات الأربعة، وإذا كنت تقف في محطة توقف فتصور نفسك دائما وأنت تنظر إلى الإعلانات في الجدار، وبهذا يكون لك زواية نظر ثابتة لا تتغير، مما يسرع من قدرتك على تذكر الأماكن وتخزين الأشياء فيها.

مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://cutt.ly/zFO7OGe

[5]  https://cutt.ly/2FO7Sh6

[6]  ”تأثير الاختبار «Testing effect» هو ظاهرة زيادة الذاكرة طويلة الأمد عندما تخصص بعض الوقت لاسترجاع المعلومات التي يجب تذكرها بالاختبار الذي يتبعه تغذية مرتجعة سليمة. ويشار إلى التأثير أحيانا على أنه ممارسة الاسترجاع / التذكر، أو التعلم المعزز بالاختبار. من المفيد أن يختبر الناس معرفتهم بالمواد التي تكروها أثناء الدراسة / المراجعة، لا مجرد دراستها أو قراءتها. فعلى سبيل المثال، يمكن للطالب استخدام البطاقات الاستذكارية للاختبار الذاتي وتلقي التغذية المرتجعة أثناء دراسته. ويوفر تأثير الاختبار أكبر فائدة للذاكرة على المدى الطويل عندما تكون المواد التي اُختبرت صعبة بما فيه الكفاية وتتطلب مزيدًا من الجهد، ومستوى استرجاع عالٍ وإعطاء إجابات صحيحة بعد اختبار التغذية المرتجعة.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://cutt.ly/UFO7ZyN

[7]  https://cutt.ly/cFO7V6X

[8]  https://cutt.ly/cFO71xJ

[9]  https://cutt.ly/AFO79g2

[10]  https://cutt.ly/bFO76zD

المصدر الرئيس

https://cutt.ly/bFO5r46