ما تعرفه بالفعل هو مفتاح لتعلم أشياء جديدة
ما تعرفه بالفعل هو مفتاح لتعلم أشياء جديدة
بقلم مارليك ڤان كيستيرن، باحثة في علم الأعصاب التربوي في الجامعة الحرة في أمستردام.
9 يناير 2016
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 93 لسنة 2022
What you already know is the key to learning new things
Marlieke van Kesteren
9 Jan 2016
المعارف المتراكمة في دماغك يمكن أن تتحول إلى تربة خصبة. ولكن عليك أن تحرث هذه التربة حتى تترسخ جذور الأفكار الجديدة التي زرعتها.
تخيل كم راكمت من المعارف بالفعل. فقط تأمل في كل ما تعلمته وخبرته طوال حياتك. كل شيء يبدو هائلًا جدًا، أليس كذلك؟
دماغك عامر بالمعرفة التي راكمتها طوال حياتك. تخزين كل هذه المعرفة نافعة، حيث يمكن توظيفها للتنبؤ بالأحداث المستقبلية. على سبيل المثال، لقد رأيت سابقًا الكثير من الكراسي، بحيث يمكنك التعرف على الكراسي الجديدة من طبيعتها فور وقوع نظرك عليها، حتى عندما لو كان مظهرها مختلفًا قليلاً.
تسمح هذه القوة التنبئية لدماغك بمعالجة الأحداث اليومية بسرعة وكفاءة - فأنت بحاجة إلى تخزين أشياء جديدة في الذاكرة فقط. في مثال الكراسي، دماغك يسجل كيف شذ ذلك الكرسي المعيَّن عن الكراسي التي شاهدتها سابقًا.
شيء مختلف عندما نشاهد أشياء تمامًا خارج تجربتنا وممارساتنا المعتادة. إذا فوجئ دماغك بشيء جديد، فسيجده شيئًا لا يمكن نسيانه - وهذا يُعرف باسم ”تأثير الجِدَة [1] [2] [المترجم؛ وتبعات ذلك أنه عندما تتغير الأشياء في محيطك، فمثلًا، في حال إدخال تقنية جديدة، يرتفع الأداء مؤقتًا]“. يساعد عنصر الحداثة «الجدة» هذا دماغك على تكوين ذاكرة قوية.
نحن لا نستفيد دائمًا مما نعرفه بالفعل عندما نحاول تعلم معلومات جديدة. لكن هناك أدلة متراكمة تفيد أن هذا تصرف ذكي ينبغي الإقدام عليه وفعله. إذن كيف يمكنك الاستفادة من معارفك السابقة إلى أقصى حد لحتى تكون مستعدُا لاكتساب - والاحتفاظ - بمعارف جديدة؟
تذكر دائمًا المعارف ذات الصلة بشكل مقصود وإيجابي عندما تتعلم معلومات جديدة. على سبيل المثال، إذا كانت مهمتك هي التعرف على الوضع الحالي في بلد معين، فتذكر ما تعرفه بالفعل عن تاريخ ذلك البلد.
لا يغريك سهولة البحث عن كل شيء على النت وتبادر في البحث عنه في غوغل Google. انتظر برهة وحاول تذكر واسترجاع ما خزنه دماغك عن الموضوع أولاً، حتى لو لم يكن له علاقة مباشرة بما تبحث عنه.
لقد ثبت أن عملية استرجاع وتذكر ما تعرفه هذه مفيدة جدًا للتعلم «اكتساب المعارف [3] ، وتقوية معارفك المخزنة ومعارفك الجديدة. إذا لم تكن متأكدًا من صحة بعض المعلومات، أو وجدت ثغرات في فيها، فبإمكانك دائمًا التحقق منها بالبحث في الإنترنت بعد ذلك. هذه طريقة جيدة تساعدك في تشخيص المفاهيم الخاطئة وتصحيحها أيضًا.
تخيل أنك تحاول معرفة أن كلمة ”جبن cheese“ بالإنجليزية تعني بالفرنسية كلمة ”جبن fromage“. لن تساعدك معرفتك السابقة بأي شيء في الربط بين الكلمتين. ولكن بإمكانك توظيف المعرفة السابقة وتأثير الجدة لتساعدك على تذكر الكلمة.
أولاً، اربط المعلومات ذهنيًا بما تعرفه من السابق، ثم حاول جعل هذا الربط شيئًا جديدًا قدر الإمكان.
يمكنك القيام بذلك عن طريق وضع الجبن ذهنيًا في موضع غريب، وحاول توظيف أكبر عدد ممكن من الحواس بالنحو الأمثل «تخيل جبنًا قديمًا بالفعل في الحمام، جبنًا تنبعث منه رائحة قوية وتفوح منه رائحة العرق».
تسمى الحيلة المستخدمة طريقة المواضع / طريقة المواقع «رحلة الذاكرة [4] »: المعلومات العشوائية تُربط ببعضها بعض بربطها بمواقع داخل بيئة مألوفة. من المفيد أن تجعل الذاكرة شاذة وحيوية قدر الإمكان.
اعتمد الإغريق القدماء على هذه الطريقة ووظفوها لتذكر خطبهم الطويلة الشهيرة. في الوقت الحاضر، غالبًا ما يستخدمها أبطال الذاكرة لاستذكار قوائم طويلة ومخيفة من الحقائق أو الأرقام [5] .
قبل أن تبدأ في الدراسة، تأكد من أن تلقي نظرة عامة على المادة الدراسية وذلك بتصفح كتاب الدراسة، وإلقاء نظرة على فهرس محتويات الكتاب، وحاول الإجابة على الأسئلة، حتى لو لم يكن لديك أدنى فكرة عنها.
التحضير لما ستتعلمه يمكن أن يساعدك على فهم المعلومات عندما تمر عليها. تصفح فصول الكتاب المتعلقة بالنصوص الواجب دراستها ضمن المادة الدراسية حتى تتمكن من تشخيص الاتجاه الذي ستسلكه. استمر في تكرار هذه العملية طوال عملية التعلم؛ من المفيد أن يكون في ذهنك لمحة عامة عن المادة الدراسية في جميع الأوقات.
4
الوقت ذاته سيساعدك على التعلم. بناء معرفة مهيكلة يأخذ وقتًا - فهو يتطلب جهدًا وكثيرًا من التكرار على مدار عدة أيام أو أسابيع أو حتى شهور.
معظم المعرفة التي علقت في دماغك [احتفظت بها في ذاكرتك] هي نتيجة للتذكر النشط «تأثير الاختبار [6] » والتكرار و- الأمر المهم أيضًا - هناك عمليات مستمرة في العقل الباطن [7] تنظم معرفتك وتعممها [8] .
العمليات المستمرة هذه تحدث بعد التعلم، أو أثناء الراحة، أو حتى أثناء النوم، وستؤثر في أداء وظائف الذاكرة [المترجم: المتمثلة في تشفير / ترميز المعلومات وتخزينها واستعادتها [9] ] في المستقبل. قيلولة قصيرة أو فترة راحة بعد الدراسة يمكن أن تساعدك على التذكر بشكل أفضل [10] .
من ناحية أخرى، فإن محاولة حشو كميات من المعلومات في الذاكرة قصيرة الأمد في اللحظة الأخيرة مفيد ولكن لفترة قصيرة فقط للأسف. ولن ينفعك في الاحتفاظ الوثيق بالمعلومات على المدى الطويل، وهذا بدوره يعيق تكامل المعرفة المستقبلية.
ستساعدك هذه النصائح على أن تكون أكثر وعيًا بمعارفك السابقة ومدى ارتباطها باكتساب معلومات جديدة عندما تقرأ / تراجع دروسك. عندما تكون في المدرسة، المناهج الدراسية مصممة بعناية للبناء على المعرفة المكتسبة السابقة. ولكن بمجرد أن تصبح راشدًا [في عمر 20 سنة وأكبر]، في الجامعة أو في وظيفة عمل، ستصادف معلومات جديدة وعشوائية الترتيب يوميًا.
تذكر معارفك القديمة - وذلك ببذل الجهد لتذكر ما لديك من معارف بالفعل - لن يساعدك ذلك التذكر فقط في إضافة معلومات جديدة، بل سيعزز ويصقل المعارف التي لديك بالفعل.