آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 12:27 ص

ما فعله والدك قبل ولادتك يمكن أن يؤثر في مستقبلك

عدنان أحمد الحاجي *

ما فعله والدك قبل ولادتك يمكن أن يؤثر في مستقبلك
13 أكتوبر 2015
بقلم بول هاغارتي معهد رويت للتغذية والصحة الوعائية، جامعة أبردين
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقال رقم 98 لسنة 2022
What your father did before you were born could influence your future
Paul Haggarty, Rowett Institute of Nutrition & Health, Vascular Health, University of Aberdeen


قد لا تنحصر العناية بأسلوب الحياة بالنساء الحوامل الآتي عليهن. دراسة نشرت في مجلة العلوم [1]  يمكن أن تكون ذات صلة بمجموعة متزايدة من الأبحاث التي تبحث في السبل التي يمكن أن يكون لنمط الحياة والبيئة التي يعيشها الرجال، قبل أن يصبحوا آباءً، تأثير في حياة أبنائهم وأحفادهم.

نعلم أن العديد من السمات البشرية، كالوزن أو الطول أو القابلية للإصابة بالأمراض أو طول العمر أو الذكاء، يمكن أن تتوارث جزئيًا، وقد واجه الباحثون حتى حينه صعوبات في تحديد الأساس الجيني الدقيق لهذا التوريث. هذه الصعوبات قد تكون جزئيًا بسبب القصور في فهمنا لطريقة عمل الوراثيات [2] ، ولكن حينئذ كان هناك اهتمام متزايد في إمكانية لما يسمى ب ”التخلق المتعاقب epigenetics[3] “ لتفسير عملية قابلية التوريث هذه.

التخلق المتعاقب يرجع إلى المعلومات في الجينوم فوق تلك الموجود في تسلسل الحمض النووي. تأخذ هذه المعلومات أشكالًا متعددة، ولكن المعلومات الأكثر شيوعًا التي درسها الباحثون تتعلق بالتعديل / التغيير الكيميائي المعروف باسم «المثيلة وهي إضافة مجموعة ميثيل CH3 والأستلة وهي إضافة مجموعة أستيل OCH3 إلى مركب كيميائي [4] [5] » على الحمض النووي والبروتينات وتسمى الهستونات [6]  والتي تشكل معًا الجينوم البشري.

معلومات التخلق المتعاقب والتي تؤثر في أي نسخة من النسخ الجينية في الحمض النووي تُستخدم أو تخضع للتعبير الجيني [والتعبير الجيني هو عملية يتم من خلالها استخدام المعلومات الجينية لتخليق منتجات جينية وظيفية [7] ] يمكن أن تُتوارث «تنتقل وراثيًا» من جيل إلى جيل آخر أثناء عملية التناسل - حتى يمكن أن تبقى مدى الحياة في داخل أنسجة وأعضاء الشخص، حتى مع تجدد خلاياه.

كان هناك الكثير من الاهتمام في السنوات الأخيرة [8]  في إمكانية تأثير بيئة الشخص أثناء التناسل، كعملية التغذية [9] ، في ”بصمات التخلق المتعاقب“ في أطفاله - ويحتمل أن تكون لها عواقب على الصحة في وقت لاحق من حياتهم.

وقد ركزت معظم الدراسات على بصمات عملية التخلق المتوالي المنتقلة «الموروثة» من خلال خط الأم [10] . لكن المادة الوراثية للأم تساهم فقط في نصف جينوم الطفل والباحثون يدرسون بشكل متزايد أهمية الآباء «الذكور» في عملية التوارث عبر عملية التخلق المتعاقب. وتزعم الدراسة التي نشرت في مجلة العلوم [1]  إنها أثبتت أن التغيير في عملية التخلق المتعاقب أثناء إنتاج الحيوانات المنوية «وتعرف أيضا بعملية ”الإنطاف“ [11] » في الفئران أثرت في تطور نسلها على مدى أجيال متعددة.

ما يورثه الآباء للأبناء

نعلم من السابق أن بصمات التخلق المتعاقب المعينة في حيوانات الأب المنوية قد ربطت باحتمال إصابة الأطفال بطيف التوحد [12] . كما رُبط عمر الأب عند حمل زوجته «عند انعقاد النطفة» بتغيرات عملية التخلق المتعاقب في الحيوانات المنوية وقابلية أطفاله للإصابة ببعض الأمراض [13] .

كما لوحظت تغيرات في التخلق المتعاقب في الأطفال الذين ولدوا من عملية تلقيح اصطناعي «إخصاب خارج الرحم IVF [14] » حيث كانت حيوانات آبائهم المنوية مختلة. الدراسات على الفئران [15]  تبين أن تعاطي الذكور خمورًا غيرت بصمات التخلق المتعاقب في أدمغة نسلها. هذه الدراسة وغيرها من الدراسات تشير إلى الأثر المحتمل لطريقة الحياة التي يعيشها الآباء في صحة أطفالهم. وتقدم الدراسة التي نشرت في مجلة العلوم رؤى جديدة بشأن كيف يحدث ذلك.

في هذه الدراسة، باحثون من جامعة ماكغيل في كندا، استخدموا الهندسة الوراثية لتغيير نشاط أحد بروتينات الهيستون الذي يتحكم في عمليات التخلق المتعاقب -KDM1A histone lysine 4 demethylase - خلال عملية الإنطاف في الفئران. وبيَّن الباحثون أن هذا التغيير أثر في الصحة والتطور في النسل وأن التأثير استمر على مدى عدة أجيال.

بصمات التخلق المتعاقب للأب

لا توفر الدراسة أدلة على أن أي حالة وراثية بشرية معروفة أو التعرض لعوامل بيئية معينة سوف تحاكي هذا التأثير المحاكى [في المختبر]. ولكن يرى الباحثون أن التباين الجيني في ضوابط التخلق المتعاقب المعينة «الهستونات» التي أخضعوها للدراسة يمكن أن تنتج تأثيرات مشابهة في البشر.

واقترح هؤلاء الباحثون أيضا أنه إذا كان هناك بعض العوامل في بيئية الرجل تربك / تعطل عملية التخلق المتعاقب نفسها أثناء عملية الإنطاف، فهذا يمكن أيضا أن يكون السبب الكامن وراء التشوهات الخلقية والأمراض التي قد يكون مصدرها الأب. هذه حالات صحية خطيرة، لكن العديد من الباحثين مهتمون أيضً بتأثيرات أكثر دقة وصعبة على الفهم في عموم السكان.

وقد افترض الباحثون أن ”المنفعة التطورية“ لهذه الآثار اللطيفة هي أنها مكنت النسل من الشعور ”بتأثير البيئة الأيضية“ «كبيئة تسود فيها المجاعة أو بيئة تسود فيها الوفرة» التي سيولدون فيها، وتبرمج عملية الأيض للتستجيب بشكل مناسب لتلك البيئة. لكي تعمل هذه البرمجة لا بد أن يبدأ ”برنامج التخلق المتعاقب“ من جديد في كل جيل ولكن يبدو أن هذا الدراسة الجديدة تثبت أن التغيير في التخلق المتوالي ثابت والذي يتوارث عبر أجيال متعددة.

يتعين عمل المزيد من الأبحاث لفهم كيف ترتبط هذه النتائج بتوارث التخلق المتوالي لدى البشر ولكنه يسهم في تقدم معرفتنا بالطريقة التي تتم فيها العملية. هذا الحقل من الأبحاث لا يزال في أيامه الأولى ولكن إذا ثبت أن هذه العمليات ذات صلة بالبشر فقد تكون النتائج مهمة. الصفات التي اعتقدنا أنها قدر لا بد منه يمكن أن تخضع للتعديل وما نقوم به في الحياة قد يكون له آثار ليس فقط في صحتنا ولكن من المحتمل أيضا في صحة أطفالنا وحتى أحفادنا.

 

مصادر من داخل وخارج النص

[1]  https://cutt.ly/AGu9Di4
[2]  https://cutt.ly/qGu9GF4
[3]  ”علم ما فوق الجينات «Epigenetics» أو علمُ التَّخَلُّق أو علم التخلق المتعاقب أو علم التخلق المتوالي هو دراسة التغيرات التي تحدث لنمط ظاهري وراثي لأسباب لا تتعلق بتغير تسلسل الدنا. والسابقة الإغريقية“ epi ”«ἐπι“ فوق، خارج، حول ”» تعني في علم ما فوق الجينات ميزات أو آليات تكون“ فضلًا على ”أو“ زيادة عن ”الأسس الجينية التقليدية للوراثة. لعلم ما فوق الجينات عادة دور في التغيُّرات التي تؤثر في نشاط الجين والتعبير عنه، لكن يمكن استخدام المصطلح كذلك لوصف أي تغيرٍ وراثي في نمط ظاهري. يمكن أن تَنتج هذه التأثيرات في السمات الظاهرية الفيسيولوجية والخلوية من عوامل خارجية أو بيئية، أو تكون جزءً من النمو الطبيعي. التعريف النموذجي لعلم ما فوق الجينات يتطلب أن تكون هذه التغيرات في الأنماط الظاهرية وراثيةً في نسل كلٍ من الخلايا أو الكائنات.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://cutt.ly/XGu9HNQ
[4]  https://cutt.ly/RGu9J7v
[5]  https://cutt.ly/uGu9KFE
[6]  https://cutt.ly/nGu9ZNZ
[7]  https://cutt.ly/HGu9Xzc
[8]  https://cutt.ly/mGu9X78
[9]  https://cutt.ly/DGu9CWU
[10]  ”خط الأم matriline هو خط سلالة من سلف أنثى إلى سلالة «من كلا الجنسين» يكون فيه الأفراد في جميع الأجيال المتدخلة أمهات - وبعبارة أخرى،“ خط الأم ”. في نظام السلالة الأمومي «من جهة الأم»، يعتبر الفرد ينتمي إلى نفس السلالة كسلالة أمه.“ ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان
https://cutt.ly/hGu9VrH
[11]  https://cutt.ly/yGu9VLF
[12]  https://cutt.ly/YGu9BSl
[13]  https://cutt.ly/0Gu9NIu
[14]  https://cutt.ly/cGu9M3z
[15]  https://cutt.ly/BGu91Yb

المصدر الرئيس
https://cutt.ly/0Gu92sI