آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 11:51 ص

معرفة نفسك بنفسك ليس بالأمرً السهل

عدنان أحمد الحاجي *

بقلم كيتلين مكديرموت مورفي، هارفارد
11 أبريل 2022
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 124 لسنة 2022

It`s not easy being your brain
By Caitlin McDermott-Murphy Harvard Correspondent
April 11,2022


سبر أغوار الوعي الذاتي[1]  مع الباحث الذي وضع كتابًا جديدًا بعنوان ”اعرف نفسك“

حكمة ”أنا أفكر، إذن أنا موجود“ كان نوعًا من الشعارات الانسانية منذ أن كتب الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت في القرن السابع عشر عبارته الشهيرة هذه. لكن علماء مثل ستيفن فليمنغ Stephen Fleming قد زاد عليها العبارة التالية: ”أفكر في التفكير، لذلك أنا موجود“.

فليمينغ، الذي يدرس ما وراء المعرفة، قال الأسبوع الماضي خلال محاضرة

كتاب ”اعرف نفسك“: علم الوعي الذاتي

كتاب العلوم الافتراضية بجامعة هارفارد قدمها قسم العلوم بالجامعة[2] ، ومكتبة كابوت Cabot للعلوم، ومتجر هارفارد لبيع الكتب: ”غالبًا ما نعتبر هذا أمرًا مفروغًا منه“. وتابع أن الذهاب في نزهة مشيًا على الأقدام أو العزف على البيانو أو حل مسألة حسابية هو شكل أكثر وضوحًا من أشكال التفكير. لكن ما وراء المعرفة - الوعي الذاتي أو التفكير في التفكير3 - هو الحَكَمُ «القلضي» غير المرئي الذي يقيم قرارات مثل ماذا نأكل على الغداء اليوم، ومن ترغب فيه أن يكون شريكًا لحياتك، وما إذا كانت قناعاتنا صحيحة أم خاطئة.

متحدثًا مع إليزابيث فيلبس Elizabeth Phelps، برفسورة علم الأعصاب البشري، ناقش فليمنغ كتابه الجديد، ”اعرف نفسك: علم الوعي بالذات“. امتد الحديث إلى أصول ما وراء المعرفة[3] ، من يبرز فيه «ملاحظة: الأطفال لا يبرزون فيه»، وكيف يلامس هذا المجال كل شيء من اليونان القديمة إلى التصوير بالرنين المغناطيسي، ومن الدلافين إلى السيارات ذاتية القيادة، ومن القلق إلى أساس الوعي البشري.

يعتقد أفلاطون وسقراط وفلاسفة يونان آخرون أن الوعي الذاتي، أو القدرة على معرفة المرء لعقله، هو مفتاح الحكمة، كما قال فليمينغ، الباحث الرئيس في مركز ويلكوم Wellcome للتصوير العصبي البشري، جامعة كوليدج لندن، حيث يشرف على مجموعة ما وراء المعرفة. بعد عدة قرون، أجرى ديكارت تجارب لمحاولة الكشف عن هذه القدرة البشرية الفريدة. ولكن لم يكن إلّا قبل خمسين عامًا - واختراع تقنية التصوير العصبي مثل التصوير بالرنين المغناطيسي - حين تمكن الباحثون أخيرًا من البدء في قياس ما تبدو عليه هذه العملية التجريدية الغامضة في دماغ الإنسان.

على الدماغ البشري أن يتعامل مع وابل مستمر وفوضوي من المشاهد والأصوات والروائح. ”الدماغ محبوس داخل هذه الجمجمة المظلمة،“ قال فليمنغ. ”ليس لديه إمكانية الاستفادة من العالم الخارجي. لديه فقط مدخلات حسية مفعمة بالضجيج.“ ما وراء المعرفة «ادراك الادراك3» تساعد في تحديد أي المدخلات ينبغي عليك تحديد أولوياتها وما هي الأولويات التي لا تعرفها بعد على الرغم من عصف / وابل تلك المدخلات الشديد. ولكن حتى هذا المستوى الأعلى من التفكير فيه ثغرات، لصالح المتكلمين من بطونهم [4]  وغيرهم من الممارسين لفن الوهم5. قال فليمينغ، لأن الدماغ البشري يتعامل مع الرؤية على أنها أكثر موثوقية من السماع، رؤية شخص أبكم يتكلم أكثر إقناعًا من سماع غمغمة ممثل [على مسرح].

ما وراء المعرفة تساعد أيضًا الناس على التنبؤ بالأفعال والتصرفات وتتبعها، وتلقائيًا توهم الجسم بالتحرك للأمام، على سبيل المثال، للتعويض عن رجة السلّم المتحرك الأولية «لو تعطل هذا السلم المتحرك، فإن معظم الناس سيميلون إلى الأمام على أي حال وسيتعثرون، وهو خطأ تلوي في التقدير meta-miscalculation».

على الرغم من أن مستوي ما وراء المعرفة المنخفض قد قيس عند الرضع ببلوغهم عمر 6 أشهر، كما قال فليمينغ ”إلّا أن الأطفال دون عمر 3 أو 4 سنوات معروفون أنهم سيئون بشكل ملحوظ في معرفة ما إذا كانوا يعرفون الإجابة أم لا“. ابن فليمينغ البالغ من العمر 3 سنوات، اسمه فين Finn، على سبيل المثال، كان سريعًا في الادعاء بأنه يعرف كل شيء عن شيء ما، ولكن عند الضغط عليه، اعترف بأنه لا يعرف في الواقع أي شيء. قال فليمنغ: ”قبل هذا العمر، الأطفال هم أكثر واقعية“. ”ويعتقدون أن الجميع يرى العالم كما يرونه هم.“ ولكن ماذا يأتي أولًا - ادراكنا للعقول الأخرى أو ادراكنا لعقولنا - لا يزال يمثل أحجية الدجاجة والبيضة في دراسة ما وراء المعرفة.

حتى في ”الراشدين مكتملي الرشد [30 سنة وأكبر]“، يمكن أن يختلف مستوى ما وراء المعرفة من شخص لآخر وحتى من ثقافة إلى أخرى «كما وجدت دراسة أولية أجراها فليمنغ وزملاؤه في الصين أن المجتمعات الجماعية[6] ، كما في الصين، أن مستوى ما وراء معرفة لدى المجتمع هناك أفضل من مستواها لدى المجتمعات الفردية / الفردانية، كما في بريطانيا».

ولكن وجدت دراسات اختلافات ضئيلة بين الجنسين، باستثناء حين يتعلق الأمر بالثقة في قدرة المرء على أداء مهمة ما، والتي، كما قال فليمنغ، ”تصبح نبوءة ذاتية التحقق“ [المترجم: نبوءة ذاتية التحقق تحدث عندما يؤثر الاعتقاد الخاطيء في السلوك بحيث يصبح هذا المعتقد معتقدًا صحيحًا عند حامله[7] . الثقة، سواء أكانت مكتسبة أم لم تكن، يمكن أن تعزز الأداء. لكن ما وراء المعرفة العالية المستوى لا تقترن بالضرورة بالذكاء - يمكنك أن تكون ذكيًا جدًا ولكنك غير مدرك لمدى أدائك في مهمة معينة. في الواقع، أظهرت دراسات وجود تلازم بين القلق أو الاكتئاب وارتفاع مستوى ما وراء المعرفة، ربما بسبب الحساسية المفرطة من ارتكاب أخطاء[8] .

”ما وراء المعرفة تعزز اتخاذ القرار الجيد،“ كما قال فليمنغ. لكن بالنسبة للرياضيين أو الموسيقيين ذوي المهارات العالية، فإن هذه المراقبة الذاتية «مراقبة النفس[9]  الثابتة يمكن أن تكون حجر عثرة.

”لذا، هل يمكنك أن تنفر منها؟“ سألت فيلبس.

قال فليمنغ: ”من الصعب أن تفعل ذلك بمحض ارادتك.“ من ناحية أخرى، الضغط النفسي أو الإصابة أو المرض يمكن أن يؤدي إلى العزوف عنها بشكل لا إرادي - وهو تعقيد محتمل للجهاز القانوني، والذي يقوم على فكرة القصد الواعي [اختيار المرء الصربح لهدف يسعي إلى تحقيقه[10] .

كما تعاونت فيلمينغ Fleming مؤخرًا مع باحثي روبوتات لدراسة التداخل بين ما وراء المعرفة والذكاء الاصطناعي. قد يكون التعلم الآلي شكلاً من أشكال ”التفكير“، لكن الروبوتات تبدو إلى الإفراط في الثقة عند مواجهتها موقفًا جديدًا، على حد قول فليمنغ. ”من الواضح أنك لا تريد أن بكون لدى سيارتك ذاتية القيادة افراط في الثقة“.

حتى لو لم يعد بإمكان الناس التفوق في التفكير على أجهزة الكمبيوتر الحالية، فلا يزال بإمكانهم أن يجاروها في التفكير في التفكير «ما وراء المعرفة».

مصادر من داخل وخارج النص

[1]  ”الوعي بالذات؟ يعبّر الوعي الذاتي، أو الوعي بالذات أو ال Self-awareness عن عادة الانتباه إلى الطريقة التي نفكّر ونشعر بها، ونتصرّف بناءً عليها. وبتفصيل أكبر، يعني ذلك: البحث عن الانماط المختلفة في طرق التفكير التي نميل إليها، وكيفية ملاحظة المواقف التي نمرّ بها. بالإضافة إلى كيفية تفسير الأشياء لأنفسنا وفهم العالم من حولنا. فهم مشاعرنا الخاصّة وأمزجتنا المتنوعة. وليس محاولة تجنّبها أو إصلاحها، نكتفي بمراقبة مشاعرنا وملاحظتها، حتى وإن كانت صعبة أو غير مريحة. الانتباه إلى الكيفية التي نتصرّف بها في مواقف معيّنة. ما هي استجابتنا الطبيعية للأشياء؟ ما هي عاداتنا وسلوكياتنا؟ باختصار، فالوعي بالذات يعني الانتباه ومحاولة معرفة المزيد حول أنفسنا وذواتنا.“

https://cutt.ly/3G3ZMrh

[2]  https://cutt.ly/uG3Z2do

[3]  ”إدراك الإدراك «Metacognition»، أو ما وراء المعرفة، هو مجال دراسة كيفية إدراك المعرفة المحصلة. يعرف عادة ب ”المعرفة حول المعرفة“ . الإدراك الذاتي يأخذ أشكالًا مختلفة مثل معرفة متى وكيف تطبق إستراتيجيات مختلفة للتعلم أو حل المشاكل ”الذاكرة الإدراكية“، أو معرفة الفرد عن ذاكرته، هو نوع مهم من أنواع ”إدراك الإدراك“. لا يوجد دراسات وافية حول الاختلافات في الإدراك بين الثقافات المختلفة والتي لو حصلت لأعطت نتائج مفيدة في تحسين ظروف التعلم بين الطالب والمعلم في مجال الثقافات المتعددة. وينظر بعض علماء النفس الثوريين بأن الميتاكوغنيشن هو أداة للمحافظة على البقاء والذي يجعله ضرورة حية في جميع الثقافات. كما يمكن تتبع الكتابات حول الموضوع إلى أيام الفيلسوف الإغريقي أرسطو وخاصة في أعماله بعنوان ”حول الروح“ «De Anima» و”الماورائيات“ «Parva Naturalia». “ اقتبسناه من نص ورد على هذا العنوان

https://cutt.ly/7G3Z26V

[4]  ”التكلم البطني أو المقمقة: Ventriloquism هو العمل أو العرض المسرحي الذي يقوم فيه الشخص بتغيير صوته بحيث يبدو أن صوته قادم من مكان آخر، وعادة ما يكون“ دمية ”. ويسمى القدرة على القيام بذلك عادة في اللغة القدرة على“ رمي ”الصوت. والمتكلم من بطنه هو ممارس لفن الوهم يستخدم الحبال الصوتية وليس بطنه لإعطاء الكلمة لشخصية أخرى، عموماً يعطي الصوت لدمية، عن طريق نطق الكلمات دون تحريك شفتيه. هنا تكمن الصعوبة. وبواسطة التدريب المستمر يمكن أن يكون التعبير اللغوي ذا مصداقية. تبقى عضلات الوجه غير متحركة تمامًا، كما لو كان المستمع يستمع فقط إلى دمية المتكلم من بطنه، ويكون لدى الجمهور انطباع بأن الصوت يأتي من بعيد، ومن هنا جاء اسم التكلم البطني.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://cutt.ly/lG3Z9Gx

[5]  ”فن الوهم فن قديم في الحضارة الفرعونية وانتشر في جميع العالم. يعتمد على إيهام المشاهدين بمجموعة من القدرات الخارقة للطبيعة عن طريق استخدام الخداع البصري وخفة اليد.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://cutt.ly/2G3Z3F3

[6]  ”الجماعية أو الجموعية «Collectivism» هو المصطلح المستخدم لوصف أي وجهة نظر أخلاقية أو اجتماعية أو سياسية تشدد على أهمية التواكل المتبادل بين أفراد المجتمع. والجماعيون بشكل عام يرغبون بإعطاء أولوية لأهداف المجتمع كافة فوق أهداف الفرد. فالمجتمع - بنظرهم - له قيمة أكبر من قيمة الأفراد الذين يكونونه. بمعنى آخر، الجماعية عكس الفردية، أي أن ثقافات المجتمعات قد تكون جماعية أو فردية. تشتهر الثقافات الآسيوية والأفريقية والعربية واللاتينية بأنها ثقافات جماعية. بينما الثقافات الاجتماعية في دول كأمريكا وألمانيا هي ثقافات فردية.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://cutt.ly/6G3Z87A

[7]  https://cutt.ly/QG3Z49Y

[8]  https://cutt.ly/5G3Z7Mw

[9]  ”مراقبة النفس أو مراقبة الذات هي مفهوم أثاره في سبعينيات القرن الماضي مارك سنايدر، يوضح مدى مراقبة المرء لسلوكه التعبيري وتقديمه لذاته وتعبيراته العاطفية غير اللفظية. البشر عمومًا مختلفون من نواح جوهرية في القدرة على التحكم التعبيري وفي الرغبة فيه «انظر الدراماتورجيا». تُعرَّف مراقبة النفس بأنها: سمة شخصية تشير إلى القدرة على ضبط السلوك بما يلائم مختلف المواقف الاجتماعية. يميل المهتمون بتقديمهم التعبيري لأنفسهم «انظر توجيه الانطباع» إلى الإمعان في مراقبة الحضور، لضمان الظهور بالمظهر العام المناسب أو المرغوب. يحاول من يُراقب نفسه أن يفهم كيف سيحكم الأفراد والجماعات على تصرفاته. عادة ما تتصرف بعض الشخصيات تلقائيًا «مراقبة نفس منخفضة»، في حين تميل شخصيات أخرى إلى التحكم في سلوكاتها وضبطها عن قصد ووعي «مراقبة نفس عالية». تحث بعض الدراسات الحديثة على التمييز بين المراقبة الاكتسابية للنفس والمراقبة الوقائية، لاختلاف تفاعل كل منهما مع السمات التِّلْوية. في هذا تمييز لدوافع السلوكات الناجمة عن مراقبة النفس: فإن كان السلوك لاكتساب تقدير من الآخرين فهو «اكتسابي»، وإن كان لوقاية النفس من الرفض الاجتماعي فهو «وقائي».“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://cutt.ly/uG3Z5Cv

[10]  https://cutt.ly/nG3Z6PY

المصدر الرئيس

https://cutt.ly/RG3XqTp