دراسة جديدة تثبت أن النسيان لا يعكس عملية التعلم [لا يمحو الذاكرة]
بقلم خوان سيليزار
13 أبريل 2022
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 128 لسنة 2022
New study shows forgetting does not reverse the learning process
By Juan Siliezar Harvard Staff Writer
April 13,2022
بدأت دراسة تقودها جامعة هارفارد في معرفة كيف تجري عملية النسيان بالضبط، ووجدت أن النسيان لا يعكس التغييرات الناتجة عن التعلم
النسيان يمكن أن يكون نعمة ونقمة. يبدو أن بعض الذين مروا بحدث صادم لا يستطيعون نسيانه، بينما يبدو أن البعض الآخر يتناسون [عن قصد]، وبسرعة كبيرة للأسف.
معضلات كهذه أدت بباحثي علم الأعصاب إلى التساؤل عن كيف تجري عملية النسيان بالفعل في الدماغ وما إذا كان يمكن تسريعها أو إبطاؤها. هناك وسائل لفهم عملية النسيان جيدًا بما فيه الكفاية للإجابة على هذا السؤال. لكن مجموعة من الباحثين بقيادة جامعة هارفارد تقترب خطوة أكثر نحو الإجابة.
في دراسة جديدة [1] ، الباحثون الذين يستخدمون الديدان الربداء الرشيقة C. elegans2، وهي كائن حي نموذجي لأبحاث الدماغ، وجدوا أن النسيان لا يعكس التغييرات في الدماغ الناتجة عن التعلم «اكتساب المعلومات» أو محوها، كما اقترحت ذلك بعض النظريات.
دودة الربداء الرشيقة
ولكن النسيان يولِّد حالة دماغية جديدة تختلف عن تلك التي كانت موجودة قبل حدوث التعلم أو تلك الموجودة حين لا يزال السلوك المكتسب مُتَذكرًا. بعبارة أخرى، ما يُنسى لا يختفي تمامًا ويمكن إعادة تنشيطه بنوع من التفعيل السريع.
”بعد النسيان، غالبًا ما نتذكر ما تعلمناه من قبل، ولم يعد دماغنا في حالته البدائية / الأولية naive state،“ كما قالت يون تشانغ Yun Zhang، برفسورة علم البيولوجيا الأحيائبة organismic والتطورية وعضو مركز هارفارد لعلوم الدماغ[3] . ”لو حضرنا حفلة وبعدها بعدة أشهر نسينا تلك الحفاة تمامًا:“ أوه، متى كانت تلك الحفلة؟ من حضرها؟ ”وحينئذ قد يذكرك صديقك،“ أوه، تذكر هذا وذاك. تذكر أننا غنينا لك تلك الأغنية، ”فجأة، ستتذكر، أليس كذلك؟“
البحث، الذي نُشر في مجلة تقدم العلوم Science Advances[1] ، يسلط الضوء على كيف يحدث النسيان في الدماغ على مستوى الكلي للدماغ وعلى مستوى الجزيئات التي وجد الباحثون أنها قادرة على تسريعه أو إبطائه [أي النسيان].
يمكن استخدام جوهر هذه الدراسة يومًا ما لفهم مشكلات الصحة العقلية / النفسية حين يكون هناك خلل في عملية النسيان، أي إما أن يحدث النسيان ببطء شديد أو حين يحدث بسرعة كبيرة. قد ينطوي النسيان، مثلًا، على مفاتيح لمعالجة الاضطرابات مثل الكرب التالي للصدمة[4] ، حيث تبقى الذكريات السلبية متشبثة في الذهن بقوة.
”الآليات التي من شأن هذه الدراسة أن توفرها ستمنحنا نقاط دخول للتفكير في الأسباب التي أدت إلى هذه الأمراض العصبية، كما قالت تشانغ.“ ”هذه الدراسة تساعدنا على وضع فرضيات بشأن الجزيئات المعنية والعمليات المرتبطة بها، بالإضافة إلى نشاط الخلايا العصبية التي تعتبر مهمة لعملية النسيان، واقتراح طرق لفهم باثولوجيا[5] الأمراض العصبية ذات العلاقة.“
النسيان هو جانب من جوانب وظائف الدماغ الطبيعية وذلك بسبب قدرة الدماغ المحدودة. الكثير من الأبحاث ركزت على كيف تتكون الذاكرة، ولكن القليل من الأبحاث تناولت طبيعة النسيان أو كيف يأخذ مجراه في الدماغ. تشير بعض الدراسات إلى أنه عند نسيان ذاكرة ما، فإنها تُمحى من الدماغ مباشرةً، وبذلك يُفقد ما تم تعلمه. الاحتمال الآخر هو أن الوصول إلى «الاستفادة من» الذاكرة والتعلم يصبح أكثر صعوبة أثناء عملية النسيان ولكنهما يبقيان بشكل أو بآخر.
البحث الذي قام به أعضاء مختبر تشانغ - بقيادة طلاب ما بعد الدكتوراه هي ليو He Liu وتيهونغ وو Taihong Wu - وهؤلاء المتعاونون يميلون نحو النظرية الأخيرة [أي الوصول إلى «الاستفادة من» الذاكرة والتعلم يصبح أكثر صعوبة أثناء عملية النسيان ولكنهما يبقيان بشكل أو بآخر].
قام الباحثون بتعليم الديدان تجنب سلالة بكتيريا معدية تجعلها مريضة وذلك بالتعرف عليها من الرائحة. لكن بعد ساعة نسيت الديدان هذا السلوك. ثم قام الباحثون بتحليل نشاط أدمغة هذه الديدان والجينات المعبرة[6] في أجهزتها العصبية.
بمقارنتها بالديدان التي لم تتعلم السلوك [تجنب البكتيريا المعدية] مطلقًا أو أنهت لتوها التدريب، رأى الباحثون أن النشاط العصبي والتعبير الجيني للديدان التي نسيت السلوك لم تعُد إلى الحالة البدائية من قبل ولم يتساوى نشاطها العصبي مع نشاط الديدان التي دُربت للتو. بل كانت مختلفة.
نظر الباحثون أيضًا في ما إذا كان من الممكن تذكير الديدان التي نسيت التدريب، وكان الجواب: نعم، تبدو أنها قد تستطيع ذلك. عادة، تدريب الديدان يستغرق حوالي ثلاث إلى أربع ساعات، لكن تلك الديدان التي أُعيد تدريبها أكملت عملية التدريب في حوالي ثلاث دقائق. وهذا يعني أنها ”لا زالت تحتفظ بآثار للذاكرة في دماغها والتي يمكن اثارتها وإعادة تنشيطها،“ كما قالت تشانغ.
تخطط تشانغ وزملاؤها لاستخدام هذه الدراسة كنقطة انطلاق لمواصلة دراسة آليات النسيان، وكيف يمكن تطبيقها في النهاية على مشاكل الصحة العقلية / النفسية. ”هذه مجرد بداية لفهم النسيان، وهي عملية دماغية ضرورية لأنشطة الحياة اليومية،“ كما قالت تشانغ.