الولادة المعقدة لدى البشر واكتساب القدرات المعرفية كانت نتيجة المشي منتصباً
10 مايو 2022
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 143 لسنة 2022
Complex Human Childbirth and Cognitive Abilities a Result of Walking Upright
10 May 2022
تعتبر الولادة عند البشر أكثر تعقيدًا وألمًا مما هي عليه في القردة العليا[1] . كان يعتقد منذ زمن طويل أن هذا التعقيد كان نتيجةً لحجم أدمغة البشر الكبيرة والحجم الضيق لحوض الأم[2] . استخدم الباحثون في جامعة زيورخ محاكاة ثلاثية الأبعاد لإثبات أن الولادة كانت أيضًا عملية معقدة جدًا في أنواع البشراناويات القديمة1 التي أنجبت مواليد ذوي أدمغة صغيرة نسبيًا - لها تبعات مهمة على تطورهم المعرفي[3] .
أثناء الولادة عند البشر، يخرج الجنين عادةً عبر قناة ولادة ضيقة ومجدولة / ملفلفة وذلك بثني الجنين رأسه ويلفه في مراحل مختلفة من عملية الولادة. تأتي هذه العملية المعقدة بمستوى مخاطر عالية من وجود مضاعفات ولادة، تتراوح من مدة مخاض مطولة[4] إلى ولادة جنين ميت «إملاص[5] » أو وفاة الأم[6] . كان يُعتقد منذ فترة طويلة أن هذه المضاعفات ناتجة عن التضارب بين محاولة البشر التكيف مع المشي منتصبين وبين أدمغتهم الكبيرة.
الصورة: بالمقارنة مع القردة، يستطيع الدماغ البشري أن ينمو لفترة أطول خارج الرحم، مما يسمح للأطفال بتعلم / باكتساب مهاراتهم المعرفية.
معضلة بين المشي المنتصب وبين حجم الأدمغة الكبيرة
تطور المشي على قدمين منذ حوالي سبعة ملايين سنة وتغيير شكل حوض البشرانيات بشكل درامتيكي إلى قناة ولادة حقيقية. بيد أنه لم تبدأ الأدمغة كبيرة الحجم في التطور إلا قبل مليوني عام، عندما ظهرت كائنات من جنس الهومو «الانسان[7] ». الحل التطوري لهذه المعضلة التي أحدثتها هاتان القوتان التطوريتان المتضاربتان [أي المشي المنتصب وحجم الدماغ] هو ولادة أطفال قبل الأوان «خدجًا» بأدمغة صغيرة نسبيًا لا حول ولا قوة لهم - وهي حالة تعرف باسم ”طويل الحضانة“ [أي الطفل الرضيع المولود في حالة غير مكتملة النمو «مبستر / خديج» ولذا يتطلب رعاية وتغذية من والديه[8]
وجدت مجموعة بحثية بقيادة مارتن هوسلر Martin Häusler من معهد الطب التطوري بجامعة زيورخ «UZH» وفريق برئاسة بيير فرمونديير Pierre Frémondière من جامعة إيكس مرسيليا Aix-Marseille أن لدي الأسترالوبيثيسين، الذين عاشوا منذ حوالي أربعة إلى مليوني سنة، نمط ولادة معقد مقارنة بالقردة العليا. ”نظرًا لأن أحجام أدمغ الأسترالوبيثيسينات australopithecines، من فصيلة لوسي [أحد فصائل البشر القديمة[9] صغيرة نسبيًا، ولكنها أظهرت بالفعل تكيفات مورفولوجية [المفورولوجيا تعني تغير في المظهر الخارجي بما فيه الهيكل[10] لتصبح ثنائية الحركة [تمشي على رجلين[11] ، ولذا تعتبر عينات مثالية لدراسة تأثير هاتين القوتين التطوريتين المتعارضتين،“ كما يقول هوسلر Häusler.
النسبة المالوفة لحجم رأس الجنين والراشد
استخدم الباحثون محاكاة حاسوبية ثلاثية الأبعاد للحصول على النتائج. نظرًا لعدم وجود متحجرات لحديثي الولادة من لأسترالوبيثيسينات، فقد قاموا بمحاكاة عملية الولادة باستخدام أحجام مختلفة من رأس الجنين لمراعاة نطاق التقديرات المحتملة. لكل نوع species نسبة معتادة بين أحجام دماغ الطفل حديث الولادة وحجم دماغ الراشد [الراشد هو من بلغ 20 سنة وأكثر]. بناءً على نسبة الرئيسيات غير البشرية ومتوسط حجم الدماغ لشخص أسترالوبيثكسي راشد قام الباحثون بحساب متوسط حجم دماغ لكفل حديث الولادة يبلغ وزن دماغه 180 غرامًا. هذا الحجم يقابل حجم دماغ بشر بوزن 110 غرامًا.
من أجل عمل محاكاة ثلاثية الأبعاد، أخذ الباحثون أيضًا في الاعتبار زيادة حركة مفاصل الحوض أثناء الحمل وحددوا سماكة الأنسجة الرخوة الواقعية. ووجدوا أن أحجام رأس الجنين التي يبلغ وزنها 110 غرامًا فقط هي التي تمر عبر مدخل الحوض والمستوى الناصف midplane [أي المستوى الذي يعبر من منتصف شيء ما] دون صعوبة، بعكس أحجام أدمغة بوزن 180 غرامًا و145 غرامًا. ”هذا يعني أن الأطفال حديثي الولادة للأوسترالوبيثكس كانوا غير مكتملي النمو «خدج» من الناحية العصبية ولذا كانوا يعتمدون على مساعدة والديهم، كما هي الحال مع الأطفال اليوم،“ كما يوضح هوسلر.
التعلم / الاكتساب لفترة طويلة مفتاح لاكتساب القدرات المعرفية والثقافية
تشير النتائج إلى أنه من المحتمل أن تكون الأسترالوبيثيسينات قد مارست شكلاً من أشكال التربية التعاونية[12] ، حتى قبل ظهور جنس الإنسان. بالمقارنة مع القردة العليا، تطورت الأدمغة لفترة طويلة خارج الرحم، مما مكن الرضع من التعلم / الاكتساب من أعضاء آخرين في المجموعة. ”تعتبر هذه الفترة الطويلة من التعلم / الاكتساب بشكل عام حاسمة للتطور المعرفي والثقافي للبشر،“ كما يقول هوسلر. هذا الاستنتاج مدعوم أيضًا باكتشافات موثقة للأدوات الحجرية القديمة، والتي يعود تاريخها إلى 3 مليون وثلاثمائة ألف سنة - بوقت طويل قبل ظهور جنس الإنسان.
الصورة: محاكاة ولادة فصيلة لوسي «أسترالوبيثكس أفارينسيس» بثلاثة أحجام مختلفة لحجم رأس الجنين. فقط حجم دماغ بحد أقصى 30 بالمائة من حجم رأس الشخص الراشد «يمين» يناسب قناة الولادة.
الدراسة نشرت في 19 أبريل 2022 في مجلة Communications biology.[13]