تقول دراسة إن عسر القراءة التطوري ضروري لنجاح البشر التكيفي
24 يونيو 2022
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 175 لسنة 2022
Developmental dyslexia essential to human adaptive success، study argues
24 June 2022
خلص باحثون من جامعة كامبريدج يدرسون المعرفة[1] والسلوك والدماغ إلى أن الذين يعانون من عسر القراءة [2] متخصصون في استكشاف المجهول. من المحتمل أن تلعب هذه القدرة دورًا أساسيًا في التكيف البشري مع البيئات المتغيرة.
يعتقد الباحثون أن هذا ”التحيز الاستكشافي explorative bias“ له أساس تطوري ويلعب دورًا حاسمًا في بقائنا على قيد الحياة.
بناءًا على هذه النتائج - التي كانت ظاهرة في مجالات متعددة من المعالجة البصرية[3] إلى الذاكرة وعلى جميع مستويات التحليل - ناقش الباحثون بأننا بحاجة إلى تغيير منظورنا لعسر القراءة باعتباره اضطرابًا عصبيًا.
النتائج التي نشرت في مجلة فرونتيرز في علم النفس Frontiers in Psychology [4] » في 24 يونيو 2022 لها آثارعلى المستويين الفردي والمجتمعي / الجماعي، كما تقول المؤلفة الرئيسة الدكتورة هيلين تايلور Helen Taylor، من معهد ماكدونالد لبحوث الآثار في جامعة كامبريدج وباحثة مشاركة في جامعة ستراثكلايد Strathclyde.
”إن وجهة النظر المتمحورة حول فكرة العجز / النقص بالنسبة لعُسر القراءة لا تروي القصة كاملةً.“. ”يقترح هذا البحث إطارًا جديدًا لمساعدتنا على فهم أفضل للقوة المعرفية[1] للذين يعانون من عسر القراءة،“ كما قالت تايلور.
وأضافت: ”نعتقد أن مجالات الصعوبة التي يعاني منها المشخصون بعُسر القراءة ناجمة عن المقايضة المعرفية بين استكشاف معلومات جديدة والاستفادة من المعرفة الموجودة، بكون الجانب الايجابي تحيزًا استكشافيًا يمكن أن يفسر القدرات المعززة التي لوحظت في بعض المجالات. مثل الاكتشاف والاختراع والإبداع.“
هذه هي المرة الأولى التي تُطبق مقاربة متعددة التخصصات بالاستفادة من المنظور التطوري في تحليل الدراسات التي تجري على عسر القراءة.
”المدارس والمعاهد الأكاديمية وأماكن العمل ليست مصممة لتحقيق أقصى استفادة من التعلم الاستكشافي[5] . لكننا بحاجة ماسة إلى البدء في تبني ورعاية اسلوب التفكير هذه حتى يتسنى للبشرية مواصلة التكيف والتغلب على التحديات والصعوبات الرئيسة،“ كما قالت تايلور.
يعاني ما يصل إلى 20٪ من عامة السكان من عسر القراءة، بغض النظر عن الدولة والثقافة والمنطقة الجغرافية التي جاءوا منها. عرّف الاتحاد العالمي لطب المخ والأعصاب عسر القراءة بأنه ”اضطراب يصيب الأطفال الذين، على الرغم من حضورهم الصفوف الدراسية التقليدية، يخفقون في اكتساب المهارات اللغوية للقراءة والكتابة والتهجئة بما يتناسب مع مستوى قدراتهم الفكرية.“
تُفسَر هذه النتائج الجديدة في سياق نظرية ”المعرفة التكاملية[6] ،“ وهي نظرية تقترح أن أسلافنا تطوروا ليتخصصوا في أساليب تفكير مختلفة، ولكنها تكاملية، مما يعزز قدرة الإنسان على التكيف من خلال التعاون.
هذه التخصصات المعرفية متجذرة في مقايضة معروفة بين استكشاف المعارف الجديدة واستغلال تلك الموجودة. على سبيل المثال، لو أكلت كل ما لديك من طعام، فإنك تخاطر بتعريض نفسك للمجاعة. ولكن لو صرفت كل وقتك في البحث عن الطعام، فأنت تهدر طاقة لست مضطرًا إلى هدرها. كما هو الحال في أي منظومة معقدة / مركبة، يجب أن نتأكد من أن نوازن بين حاجتنا إلى استغلال الموارد المعروفة وبين استكشاف موارد جديدة للبقاء على قيد الحياة.
”تحقيق التوازن بين استكشاف الفرص الجديدة واستغلال مزايا وعوائد خيار معين هو مفتاح التكيف والبقاء ويساند العديد من القرارات التي نتخذها في حياتنا اليومية،“ كما قالت تايلور.
الاستكشاف يشتمل على الأنشطة التي تنطوي على البحث عن المجهول مثل التجربة والاكتشاف والابتكار. في المقابل، يُعنى الاستغلال بما هو معروف بالفعل بما في ذلك التحسين والكفاءة والاختيار.
"بالنظر إلى هذه المقايضة، يمكن أن يساعد التخصص الاستكشافي في الذين يعانون من عسر القراءة في تفسير سبب مواجهتهم لصعوبات في مهمات تتعلق باستغلال «بالاستفادة من» امكانيات / مهارات، كالقراءة والكتابة.
”يمكن أن يفسر أيضًا سبب انجذاب الذين يعانون من عسر القراءة إلى مهن معينة تتطلب قدرات متعلقة بالاستكشاف، كالفنون والعمارة والهندسة وريادة الأعمال.“
وجد الباحثون أن نتائجهم تتوافق مع أدلة أُستفيدت من عدة مجالات بحثية أخرى. على سبيل المثال، يشير التحيز الاستكشافي explorative bias في مثل هذه النسبة الكبيرة من السكان إلى أنه لا بد أن الجنس البشري قد تطور خلال فترة تغمرها مستويات عالية من عدم اليقين والتغيير [المترجم: في هذه الحالة يحاول الناس التقليل من وقوع الاحداث المجهولة ويمارسون التغيير التدريجي البطيء - خطوة بخطوة[7] ]. هذا يتوافق مع نتائج الدراسات التي أجريت في حقل علم الآثار القديمة paleoarchaeology، كاشفةً أن التطور البشري قد تأثر على مدى مئات آلاف السنين بالتقلب الدراماتيكي للأحوال المناخية والبيئية.
سلط الباحثون الضوء على أن التعاون بين الأفراد ذوي القدرات المختلفة قد يساعد في تفسير القدرة الاستثنائية للجنس البشري على التكيف.