آخر تحديث: 3 / 5 / 2024م - 1:36 ص

لماذا التثاؤب معدٍ - في جميع أنواع الحيوانات

عدنان أحمد الحاجي *

يشرح باحث في علم الأحياء التطورية أندرو غالوب سبب تثاؤبنا بعد أن نلاحظ تثاؤب غيرنا

24 مايو 2022

بقلم تيس جوز

المترجم : عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 153 لسنة 2022

Why yawns are contagious—in all kinds of animals

24 May 2022

Tess Joosse

مجرد ملاحظة شخص آخر يتثاءب تجعل الكثير منا فاغرًا فاه متثائبا محاكاةً لتثاؤب هذا الشحص. ونحن لسنا وحدنا في هذا العادة - هناك حيوانات اجتماعية أخرى، كالشمبانزي والأسود، تتأثر بما يسمى بالتثاؤب المعدي «الساري». من المرجح أن جميع الفقاريات تتثاءب تلقائيًا لتنظيم عمليات أجسامها الداخلية.

ربما نشأ التثاؤب مع تطور الأسماك الفكية[(1)] قبل 400 مليون سنة أو نحو ذلك، كما يقول أندرو غالوب Andrew Gallup، باحث في علم الأحياء التطورية في معهد البوليتكنيك التابع لجامعة ولاية نيويورك والذي أمضى سنوات في محاولة معرفة لماذا نتثاءب. في ورقة بحثية نُشرت في مايو 2022 في مجلة سلوك الحيوان Animal Behavior[(2)]، أشار غالوب إلى بعض الأدلة على كيف تطور التثاؤب المعدي وذلك للحفاظ على سلامتنا. تحدثت مجلة العلوم

Science مع غالوب عن سبب شيوع وانتشار التثاؤب — وهو مما يعتبر نافعًا.

أسماك فكية تتثاءب

: أولاً، دعنا نتناول الخرافة القديمة: هل التثاؤب يزيد من مستويات الأكسجين في الدم؟

: لا ليس كذلك. على الرغم من هذا الاعتقاد الذي لا زال قائمًا، فقد وضعت الأبحاث هذه الفرضية على المحك وخلصت النتائج إلى أن التنفس والتثاؤب يُتحكم فيهما عن طريق آليات مختلفة. على سبيل المثال، هناك حالات مثيرة للاهتمام بالفعل فيما يخص التثاؤب لدى الثدييات البحرية، حيث يحدث التثاؤب حينما يكون الحيوان البحري مغمورًا تحت الماء وبالتالي لا يتنفس.

: ماذا يفعل التثاؤب بالجسم بالفعل؟

: التثاؤب هو رد فعل منعكس «لا ارادي» مركب / معقد إلى حد ما. ويثار في ظل سياقات / أطر وتغيرات فسيولوجية عصبية[(3)] متنوعة. يحدث في المقام الأول خلال فترات تغيير الحالة، وعادة بعد الانتقال من حالة النوم إلى حالة الاستيقاظ. هناك بحث يشير أيضًا إلى أن التثاؤب يبدأ مع ارتفاع في مستوى الإثارة القشرية [المترجم: الاثارة القشرية هي تنشيط التكوين الشبكي للدماغ وهو يزيد من اليقظة والتيقظ والتوتر العضلي ومعدل ضربات القلب وحجم الهواء الذي يدخل الرئتين في الدقيقة[(4)]]، لذلك قد يعمل التثاؤب نفسه على تعزيز التيقظ «الحذر والاستعداد». وهناك مجموعة متزايدة من الأبحاث التي تشير إلى أن التثاؤب ناتج عن ارتفاع درجة حرارة الدماغ. لقد أُجريت عدة أبحاث لاختبار هذه الفرضية في البشر والثدييات غير البشرية بل وحتى الطيور.


 

: ماذا أثبتت تلك الدراسات؟

: هذه الدراسات بينت أنه يمكننا تغيير وتيرة التثاؤب بشكل موثوق وذلك بتغيير درجة الحرارة المحيطة / درجة حرارة الغرفة ودرجة حرارة دماغ الشخص ودرجة حرارة جسمه. في الفئران، الدراسات التي أجريناها تظهر أن ارتفاع درجة حرارة الدماغ يؤدي بشكل موثوق إلى التثاؤب، [وأن التثاؤب] يؤدي إلى انخفاض في درجة حرارة الدماغ.

: هل كل الحيوانات تتثاءب بنفس الطريقة؟

: لقد أجرينا عددًا من الدراسات المقارنة واسعة النطاق[(5)]، حيث سجلنا فترات تثاؤب لأكثر من 100 نوع من الثدييات والطيور. وجدنا أنه حتى عندما حيدنا تأثير حجم الجسم، هناك علاقة إيجابية قوية جدًا بين طول فترة تثاؤب الحيوان ومدى ضخامة وتعقيد دماغه.

: من أكثر الأشياء المثيرة للفضول بشأن التثاؤب هو أنه يمكن أن يكون معدٍ «سارٍ». هل تثاؤب كل الحيوانات معدٍ؟

: لقد كنا نتحدث عن التثاؤب العفوي حتى الآن - ذلك الذي يصدر داخليًا ومن عمليات فسيولوجية. يثار التثاؤب المعدي «الساري» بملاحظة أو سماع آخرين يتثاءبون، وقد وُثق ذلك السلوك فقط في الحيوانات الاجتماعية[(6)]، بما فيها الانسان. هناك تباين كبير في تلك الاستجابة اللإرادية في أوساط الأفراد. بعض الأفراد قابلون للتأثر بشكل كبير لعدوى «سراية» التثاؤب، بينما البعض الآخر ليسوا كذلك.

: هل هناك تفسير لهذا التباين؟

: تشير بعض الدراسات إلى أن الفروق في تقمص المشاعر بين الأفراد قد تساهم في هذه الاستجابة اللاإرادية. إذا رأينا شخصًا يتثاءب، فهذا يثير نفس الاستجابة فينا بشكل انعكاسي لاإرادي، فقد يكون ذلك نوعًا من المؤشرات الأساسية للمعالجة الوجدانية «التقمصية». بيد أن، دراسات أخرى أخفقت في إثبات هذه العلاقة [بين المشاعر التقمصية والتثاؤب]. أنا من رأيي أن الأمر لا زال غير واضح ولم يُتوصل بعد إلى نتيجة مقنعة بشأن ذلك.

: لماذا نتثاءب عندما نرى شخصًا آخر يتثاءب؟

: ربما يكون التثاؤب المعدي «الساري» قد تطور لمزامنة سلوك المجموعة - غالبًا ما يتكثف التثاؤب خلال أوقات معينة من اليوم تتوافق مع التحول بين حالات اليقظة والنوم والنشاط. وربما تكون قد تطورت أيضًا لزيادة التيقظ داخل المجموعة. الأساس المنطقي هو أنه إذا كان التثاؤب مؤشرًا على أن فردًا ما يعاني من ضعف الإثارة، فإن رؤية شخص آخر يتثاءب، بدوره، قد يزيد من تيقظ الرائي للمتثائب للتعويض عن قلة تيقظه. قد يؤدي انتشار التثاؤب المعدي في جميع المجموعة إلى زيادة تيقظ المجموعة بأكملها.

أجريت دراسة العام الماضي اختبرت سريان التثاؤب هذا. عرضنا على أشخاص مجموعات من الصور تضمنت مثيرات / منبهات مخيفة - صور ثعابين - ومنبهات غير مخيفة - صور ضفادع - وقمنا بتوقيت السرعة التي تمكنوا بها من التقاط تلك الصور بعد مشاهدة مقاطع فيديو لأشخاص يتثاءبون أو يحركون أفواههم بطرق أخرى. بعد رؤية أشخاص آخرين يتثاءبون، تحسنت بسرعة قدراتهم على التعرف على واكتشاف الثعابين، والتي تعتبر منبهات مخيفة. بيد أنه، حتى بعد رؤية أشخاص يتثاءبون، لم تتأثر سرعة اكتشافهم أو التقاطهم صور الضفادع «غير المخيفة».

: أنت تقرأ وتكتب وتفكر في التثاؤب يوميًا. هل أنت تتثاءب طوال الوقت نتيجة لذلك؟

: عندما بدأتُ دراسة هذا الموضوع لأول مرة، كنت أتثاءب بشكل مفرط. كنت أقرأ الأوراق العلمية المنشورة وأكتب ملاحظات وأوراق علمية، ووجدت نفسي أتثاءب حينها طوال الوقت. لكن تدريجيًا وبمرور الوقت أصبحت معتادًا على هذه المؤثرات. ما زال يعديني تثاؤب غيري ولذالك يجعلني أتثاءب أثناء الفعاليات الاجتماعية، لكن رؤيتي للمنبهات التي أستخدمها في المختبر لم تعد تؤثر علي.