آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

من وحي زواج النورين

«السكن الزوجي الهانيء»

مجرد وجود سوء فهم أو خلاف أو احتكاك في حوار بين الزوجين لا يعد مؤشرا على ضعف العلاقة الزوجية أو اتجاهها نحو الإخفاق، بل هي محطة تحتاج إلى خبرة الزوجين وثقافتهما ونضجهما وتفاهمهما في تجاوزها، وتجنب الأضرار الناجمة عن أي تصرف غير محسوب يتسم بالتهور والانفعالية تقوض دعائم علاقتهما واستقرارها، فالعلاقات الزوجية كبقية العلاقات الاجتماعية تحتاج في الحفاظ عليها واستمرارها للهدوء واستماع الطرف الآخر والاعتذار من أي خطأ في حقه والتسامح، وعند مواجهة أي خلاف لابد من تحريك كل طرق البحث عن حلول ممكنة وعدم تجاهل الآخر، وبروز أي توتر واضطراب في علاقتهما يمكن احتواؤه وترتيب أوراق علاقتهما العاطفية، وإذا اتجها للتصعيد والنكدية وأسلوب المواجهة فهذا يعني إيجاد تأزم في علاقتهما، ولا يمكن التنبؤ بعواقبه ومردوداته السلبية على علاقتهما العاطفية ومدى قدرتهما على إدارة حياتهما المشتركة إذا كانت تفتقد لأبسط أسس العلاقة الناجحة وهو التفاهم والحوار الهاديء.

وجود اختلاف أو مشكلة حول أمر يتعلق بهما أو بأحدهما يتم تجاوزه بالاتجاه نحو الحلول الممكنة إذا تحلى الزوجان بقدر من الحكمة وهدوء النفس واستماع الآخر وتقدير ظروفه الخاصة وتقديم التنازل الممكن، كما أن الأهل الذين يهمهم استقرار علاقة الزوجين سيعملون جاهدين على تقريب وجهات النظر ومساعدتهما على الوصول إلى نقاط مشتركة، ومناقشة بؤرة الاختلاف لتجاوزها بسلام ودون أن تخدش كرامتهما وأحاسيسهما.

ما بعد أي محطة اختلاف واحتدام الموقف بين الزوجين يشكل أمرا مهما لمعرفة اتجاه العلاقة بين الزوجين قوة وضعفا، ويرجع ذلك إلى طريقة التعامل مع الاختلاف أو المشكلة وكيفية تدوير الزوايا ومدى انسجامهما مع الحلول، إذ هناك من يبدي ليونة واستجابة مع الحلول الممكنة التي يفترض فيها تقديم بعض التنازلات من الطرفين، وآخر يتصف بالتصلب والحدة في المواقف إذ يشعر بأن موقفه يعكس شخصيته ومكانته، وتقديم أي تنازل أو اعتذار يعني ضعفا في موقفه مما يؤدي إلى استصغار وتقزيم ردوده المستقبلية أمام أي استفزاز أو تطاول!!

كما أن الهدوء النفسي والاستعداد لاستماع الطرف الآخر بالتأكيد يوصل إلى نتائج مقبولة من الطرفين بمستوى معين، وأما التعامل تحت وقع الضغوط النفسية والانفعال الشديد يحول الموقف إلى عناد وتحد وخصومة غير محسوبة العواقب، والأمر الخطير الذي يغفل عنه الكثير هو ما نسميه بالتراكمات السلبية الناجمة عن توالي الخصومات والخلافات مع تركها بلا معالجة، فتأجيل المناقشات بعد تباين وجهات النظر إلى أن تهدأ النفوس ويكون الزوجان في وضع مناسب يمكن من خلاله مناقشة الأمر والبحث عن حلول له هو قرار مناسب، ولكن من الخطأ ترحيل الخلافات بلا معالجة ظنا منهما بأن تقادم الأيام ومرور الوقت يذيب ذلك الخلاف ويمحيه من الذاكرة، وهذا وهم واشتباه إذ أن الخلاف الذي لا ينتهي بالاعتذار يتحول إلى ضربة معول واحدة لا تزحزح الصخرة من مكانها «أزمة عاطفية ونفسية»، ولكن مع توالي الخلافات يشتد الضرب على حبل العلاقة الزوجية حتى يضعف ويترهل، ومن ثم تخلق الفجوة العاطفية بين الزوجين وقد يتحول المشهد إلى فتور وصمت تجنبا لنشوب نزاع أو اشتباك جديد.

طريقة التعامل مع أي الخلاف أو الزعل أو المشكلة التي يواجهها الزوجان هو ما يحدد مستقبل تلك العلاقة وفاعليتها واستمرار التنعم بفيء راحة البال والسعادة، وهذا ما يؤكد أهمية الحوار وتبادل وجهات النظر والاستماع للآخر تجنبا لقدوم جائحة تعصف بعلاقتهما بعد تركها في مهب الريح، فما بعد الاختلاف مرحلة عصيبة يفقد فيها الزوجان هدوءهما ولا يغدو السكن الزوجي هانئا ومحاطا بالمشاعر العاطفية الرقيقة.

والخلاصة أن الخلافات والتوتر المؤقت والمشاكل لا تعني أن الزواج فاقد للنجاح والسعادة، بل اختلاف الشخصيات والطبائع وطريقة التفكير تفرض وجود هذا الأمر، ولكن المهم هو التحلي بالحكمة والصبر والمرونة في التعامل ليتمكنا من عبور تلك الموجة.