آخر تحديث: 3 / 5 / 2024م - 1:08 م

آخ! تجنب الفشل يؤدي إلى ضياع فرص النجاح بالنسبة للأطفال المشخصين باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة

عدنان أحمد الحاجي *

23 سبتمبر 2016

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 146 لسنة 2022

Ouch! Avoiding Failure Leads to Missed Opportunities for Children with ADHD

23 September 2016

التقدم في العمر من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ ومن ثم إلى مرحلة الرشد يُعتبر بالنسبة للنشء مهمة صعبة، كما هي مليئة بالانجازات العظيمة فهي لا تخلو من عثرات. معرفة ما هو الأسلوب الأفضل لا يكون أحيانا مباشرةً بذلك الوضوح، ولكن الناس من حولهم - من أولياء أمور ومعلمين - يساعدونهم وذلك من خلال اعطائهم ملاحظاتهم «تغذيتهم الارتجاعية» على تصرفاتهم وسلوكهم. عمومًا، يكرر الأطفال التصرفات والسلوكيات التي يثابون عليها [تحظى بالرضا والقبول]، ويتجنبون التورط في تلك التي يُوبخون عليها. ومع ذلك، يواجهون دائمًا صعوبة في اتخاذ الخيار الأفضل

الأطفال المشخصون باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة «ADHD» ربما يتعرضون للتوبيخ أكثر مما يتعرض له أقرانهم من الأطفال الطبيعيين. الصعوبات التي يواجهونها في التركيز ومستوى نشاطهم المرتفع والتسرع والاندفاع في تصرفاتهم غالبا ما تورطهم في مشاكل مع أولياء أمورهم ومعلميهم وأصدقائهم. وهذا يجعل معرفة مدى تأثير العقاب في سلوك الأطفال المشخصين باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة مسألة مهمة. هل هؤلاء الأطفال أكثر تأثرًا أو أقل تأثرًا بالعقاب؟[1]  نتائج الدراسة نشرت في مجلة سيكلوجيا والطب النفسي الطفل Journal of Child Psychology and Psychiatry[2] .

قال البروفسور غيل تريب Gail Tripp أحد مؤلفي الورقة، ومدير وحدة علم الأعصاب البشري التنموي في معهد أوكيناوا للعلوم والتكنولوجيا جامعة الدراسات العليا «OIST» ”عندما بدأنا هذه الدراسة، لم يكن هناك الكثير من البحوث التجريبية في هذا الحقل.“ ”علينا أن نكون حذرين جدًا عندما يتعلق الأمر باستخدام العقاب، خاصة خبن التعامل مع الأطفال. حيث كانت بعض محاولاتنا الأولى لدراسة نقص الانتباه وفرط الحركة والعقاب لم تكن ناجحة جدًا، لأن الأطفال ببساطة يتخلون عن القيام بهذه المهمة عندما يستمرون في خسارة النقاط أو لم يحصلوا على المكافآت [المحفزات] الكافية.“

هذه المرة، استطاع الباحثون تطوير لعبة حاسوبية كانت جذابة ولكنها منطوية على شيء من العقاب. يختار الأطفال المشخصون باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة والأطفال الطبيعيون عادةً بين لعب لعبتين متوفرتين تزامنيًا. عُرضت كلتا اللعبتان بالتزامن على شاشة كمبيوتر، وبدتا متشابهتين: شبكة grid مقاسها 2 × 2 على شاشة ظهر فيها مزيج من الشخصيات المرحة والوجوه الحزينة بعد الضغط على زر. أربع شخصيات متماثلة تعادل ”ربح“، بينما أربعة وجوه حزينة تساوي ”خسارة“. أي تركيبة أخرى تعتبر نتيجة محايدة [لا ربح ولا خسارة]. بإمكان الأطفال أن ينتقلوا باللعب بين اللعبتين كما يحلو لهم.

شارك في البحث 210 طفلًا، منهم 145 طفلًا مشخصًا باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة. جميع الأطفال كانوا يعيشون في اليابان أو نيوزيلندا ويتحدثون الإنجليزية كلغة أولى.

”فرصة الفوز بالمكافآت كانت متساوية في اللعبتين، ولكن صممت إحدى اللعبتين بحيث تزيد احتمالية الخسارة فيها بأربعة أضعاف على اللعبة الأخرى: عندما يلعب الطفل بتلك اللعبة، فسيكون من شأنه أن يتلقى“ عقابًا " بأكثر وتيرة مما لو لعب باللعبة الأخرى، كما أوضح تريب Tripp. في كلتا اللعبتين، عندما يفوز الطفل، يمنحه الكمبيوتر 10 نقاط ويشغِّل له مقطع رسوم متحركة بسيطة؛ وعندما يخسر، يخصم الكمبيوتر منه 5 نقاط ويشغل له صوتًا ضاحكًا. بدأ جميع الأطفال برصيد قدره 20 نقطة واستمرت اللعبة حتى وصلوا إلى 400 نقطة أو أكملوا 300 محاولة. ربح كل طفل جائزة في نهاية اللعبة. رُتبت المكافآت أيضًا وذلك لثني الأطفال عن اللعب بلعبة واحدة حصريًا أو الانتقال من لعبة إلى أخرى في كل مرة. استمرت جلسة اللعب نصف ساعة كالعادة. وقت هذه اللعبة الممتد كان من أجل مراقبة أداء الطفل الثابت إلى حد ما بمرور الوقت.

قال تريب: ”ما لاحظناه في الواقع هو أن كلاً من الأطفال الطبيعيين «غير المشخصين باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة» والمشخصين بهذا الاضطراب أظهروا تفضيلًا - ما نسميه“ تحيزًا ”- للعبة التي تنطوي على الأقل مستوىً من“ العقاب ”.“ لعبت كلتا المجموعتين اللعبة الأقل عقابًا في كثير من الأحيان. ولكن بمرور الوقت، وجد الأطفال المشخصون باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة أن خسارة «خصم» النقاط والصوت الضاحك «بسبب الخسارة» أكثر عقابًا مما وجده الأطفال الطبيعيون ".

خلال أول 100 محاولة، لم يكن هناك فرق بين مجموعتي الأطفال «المشخصين السليمين / الطبيعيين». ولكن بعد ذلك، زاد التحيز إلى اللعبة البديلة الأقل عقابًا بشكل كبير من قبل الأطفال المشخصين باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، بينما كانت اختيارات الأطفال الطبيعيين ثابتة طوال مدة اللعب. عند وصول الأطفال المحاولة رقم 200، كان الأطفال المشخصون باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة أقل احتمالًا للعب اللعبة الأكثر عقابًا. تشير النتائج إلى أن الأطفال المشخصين باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة غالبًا ما يتجنبون العقوبة بمرور الوقت أكثر مما يفعل ذلك الأطفال الطبيعيين. بدت المجموعة الأخيرة [السليمة] أقل انشغالًا بالعقاب وأقل تفكيرًا فيه ولذا استمر تركيزها على الفوز.

هذه النتيجة لها تداعيات مهمة. ”إذا كان الطفل المشخص باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة مترددًا في أداء إحدى المهمات، أو إذا استسلم الطفل بسهولة وتخلى عن المهمة المناطة به، فقد يكون من المهم للوالد / للوالدة أو للمعلم التحقق مما إذا كانت هذه المهمة تتمتع بالتوازن المناسب بين المكافأة / الثواب والعقاب،“ حسب ما قال تريب. ”نحن لا نقول أن يكون العقاب داخلًا ضمن تصميم المهمة «اللعبة في هذه الدراسة»، بل أن الجهد المطلوب للقيام بالمهمة قد يمثل عقابًا في حد ذاته من منظور الطفل. كلما تطلبت المهمة جهدًا أكثر، كلما توجب ان بكون هناك المزيد من الحوافز للطفل للاستمرار فيها، والمكافآت / المحفزات البسيطة ولكن المتكررة، كالابتسامة أو كلمات التشجيع، يمكن أن تساعد الطفل المشخص باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة على الاستمرار فيها.“. الشيء نفسه ينطبق على الأطفال السليمين، ولكن هذا النوع من التحفيز مهم بشكل خاص للأطفال المشخصين باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة، لأنه يبدو أنهم أكثر حساسية لـ «تأثرًا ب» للمحاولات الفاشلة المتكررة وممارسات العقاب المترتبة على هذا الاخفاق، وأكثر احتمالًا لإضاعة فرص النجاح.