آخر تحديث: 3 / 5 / 2024م - 11:29 ص

ماذا يعني لجائحة كوفيد-19 متحورا أميكرون BA.4 وBA.5

عدنان أحمد الحاجي *

23 يونيو 2022

المترجم : عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم : 178 لسنة 2022

What Omicron’s BA.4 and BA.5 variants mean for the pandemic

23 June 2022

مقدمة غسان علي بو خمسين، صيدلاني أول، مستشفى جونزهوبكنز

يتهرًب المتحوران الفرعيان من ”أوميكرون“ BA.4 وBA.5، حسبما يبدو، من استجابات الأجسام المضادة لدى الذين سبق وأن أصيبوا ب ”كوفيد-19“، وأولئك الذين تحصنوا بالكامل وتلقوا الجرعة المعززة، وفقًا لما أظهرته بيانات جديدة لباحثين في مركز بيت إسرائيل الشماسة ”Beth Israel Deaconess“ الطبي، التابع لكلية هارفارد للطب. قام بعض صانعي اللقاحات بتطوير لقاحات خاصة بمتحورات محدّدة لتحسين استجابات الجسم المضاد لمتحورات فيروس كورونا وتلك المتفرعة منه المثيرة للقلق. لذلك ينبغي من الجميع الالتزام بالاشتراطات الصحية قدر الإمكان، فالجائحة لم تنته بعد، وأهم إجراء ينبغي الحرص عليه هو لبس الكمامة في الأماكن المزدحمة والمغلقة أو المناطق عالية الخطورة مثل مراكز الرعاية الصحية؛ بسبب الارتفاع الكبير في عدد الحالات وسرعة انتشار العدوى.

الدراسة المترجمة من مجلة نتشر تلقي الضوء على المتحورات الجديدة من اوميكرون، والوضع الوبائي حالياً.

النص المترجم

يبدو أن ظهور سلالات فيروس أوميكرون ناشئ من قدرتها على إصابة المحصنين ضد المتحورات السابقة لـ أوميكرون ومتحورات أخرى.

كسلسلة أفلام هوليوود[1]  المملة التي تُنتج واحد تلو آخر، عاد فيروس أوميكرون Omicron مرة أخرى.

بعد أسابيع فقط من تسبب سلالة متحور أوميكرون BA.2 في ارتفاع أعداد الاصابات بالعدوى على مستوى العالم، يتزايد نوعان آخران متولدان من متحورات أوميكرون في الاتاشارفي جميع أنحاء العالم. اُكتشف متحورا BA.4 وBA.5 أول مرة من قبل باحثين في جنوب إفريقيا في أبريل 2022 وربطوهما بالارتفاع في عدد حالات الاصابة بالعدوى اللاحقة هناك، وهما أحدث أفراد عائلة فيروس أوميكرون النامية من متحورات فيروسات كورونا الفرعية. اكتشفت هذه المتحورات في عشرات البلدان في جميع أنحاء العالم..

يتزايد انتشار متحوري BA.4 وBA.5 الفرعية على مستوى العالم لأن بإمكانهما أن ينتشرا بشكل أسرع من المتحورات المنتشرة الأخرى - متحور BA.2 كان أكثرها / أسرعها انتشارًا، مما تسبب في زيادة عدد حالات الاصابة بالعدوى في بداية عام 2022. ولكن حتى الآن، يبدو أن أحدث متحورات أوميكرون تسببت في عدد أقل من الوفيات والتنويم في المستشفيات «الاستشفاء» مقارنة بنظرائها من المتحورات القديمة - وهي علامة على أن تزايد مناعة السكان قد خفف من الآثار المباشرة المترتبة على ارتفاع عدد حالات الإصابة بالعدوى بكوفيد-19.

مجلة نتشر تستكشف ما يعنيه للجائحة ظهور متحوري BA.4 وBA.5 الفرعيين.

ما هما متحورا BA.4 وBA.5؟

يتشابه المتحوران مع متحور BA.2 أكثر مما يتشابهان مع سلالة متحور BA.1 الذي أطلق موجات انتشار فيروس أوميكرون في معظم بلدان العالم في أواخر العام الماضي، 2021 لكن متحورا BA.4 وBA.5 يحملان طفرات فريدة خاصة بهما، بما في ذلك تغيرات تسمى L452R وF486V في الحسكات البروتينية الفيروسية الذي قد يعدل من قدرته على الارتباط بالخلايا المضيفة وتجنب بعض الاستجابات المناعية.

وجدت إحدى الدراسات، التي نشرت في مايو 2022، أن متحوري BA.4 وBA.5 يشتركان في المنشأ مع سلالات أوميكرون السابقة «2». بيد أن تحليلًا غير منشور بقيادة باحثا علم الوراثيات التطورية بيت كوربر Bette Korber وويليام فيشر William Fischer في مختبر لوس ألاموس Los Alamos الوطني في ولاية نيومكسيكو الأمريكية يشير إلى أن المتحورين قد يكونا ناشئين من متحور BA.2.

وجد كوربر وفيشر أيضًا أن العديد من تسلسلات الجينوم المصنفة على أنها متحور BA.2 في قواعد البيانات العامة هي في الواقع متحورا BA.4 أو BA.5. نتيجة لذلك، قد يقلل الباحثون من شأن الارتفاع في مستوى الطفرات الجاري، فضلاً عن تنوع الطفرات الناشئة منها.

لماذا المتحورات آخذة في الازدياد على مستوى العالم؟

مزايا انتشار المتحورات قد تنشأ عن تغيرات بيولوجية تسرع بالإصابة بالعدوى، على سبيل المثال، تسمح للفيروس بعدوى المزيد من الناس، وبسرعة أكبر.

لكن يبدو أن ظهور متحوري BA.4 وBA.5 نشأ من قدرتهما على إصابة المحصنين ضد الأشكال السابقة من فيروس أميكرون والمتحورات الأخرى، كما يقول كريستيان ألتهاوس Christian Althaus، باحث الأوبئة الحوسبية في جامعة برن الألمانية. بسبب عدم قيام معظم العالم خارج آسيا بما يكفي للسيطرة على فيروس سارس - كوفيد-[2] ، فإن الظهور - والتلاشي الحتمي - لمتحوري BA.4 وBA.5 سيكون مدفوعًا بالكامل تقريبًا بمناعة القطيع للسكان، كما أضاف ألتهاوس Althaus، في وجود زيادة في عدد الحالات عندما تقل الحصانة ولا ينخفض عدد حالات الاصابة إلا عندما يصاب عدد كافٍ من الناس.

بالاستناد إلى عدد حالات الاصابة بالعدوى بمتحور BA.5 في سويسرا - حيث كان انتشار متحور BA.4 منخفضًا - يقدر ألتهاوس أن حوالي 15 ٪ من الناس هناك سيصابون بالعدوى. ويضيف ألتهاوس أن من المرجح الآن أن يكون لدى الدول مستويات مناعية متميزة لأن تاريخ اصابتها بموجات فيروس كوفيد-19 ومعدلات التطعيمات لديها مختلفة. نتيجة لذلك، ستختلف أحجام موجات متحوري BA.4 وBA.5 من مكان إلى آخر. ”قد تكون 5٪ في بعض البلدان و30٪ في بلدان أخرى. كل هذا يتوقف على مستوى المناعة لدى السكان في تلك البلاد،“ كما يقول.

ما هو وقع متحوري BA.4 وBA.5 في المجتمع؟

هذا التأثير، أيضًا، من المحتمل أن يختلف حسب البلد. على الرغم من ارتفاع أعداد حالات الإصابة بالعدوى، لم تشهد جنوب إفريقيا سوى ارتفاع طفيف في حالات الاستشفاء والوفيات خلال موجتي متحوري BA.4 وBA.5، كما تقول وسيلة جاسات Waasila Jassat، أخصائية الصحة العامة في المعهد الوطني للأمراض المعدية في جوهانسبرغ.

في دراسة سيتم نشرها قريبًا على خادم ما قبل الطباعة medRxiv، وجدت جاسات وزملاؤها أن موجة متحوري BA.4 وBA.5 في جنوب إفريقيا أدت إلى معدلات مشابهة من الاستشفاء ولكن معدل الوفيات أقل قليلاً عند مقارنته بموجة أوميكرون Omicron السابقة التي حدثت هناك. تَبيّن أن كل من موجتي أوميكرون أخف، من حيث معدلات حالات الاستشفاء والوفيات، من معدلات موجة دلتا الشرسة التي حدثت في البلاد.

خارج جنوب إفريقيا، شهدت بلدان أخرى تأثيرات أكبر من متحوري BA.4 وBA.5. في البرتغال - حيث معدلات التطعيمات والتطعيمات المعززة ضد فيروس كوفيد-19 مرتفعة جدًا - مستويات الوفيات والاستشفاء بسبب الموجة الأخيرة مشابهة لتلك التي كانت بسبب الموجة الأولى من أوميكرون «إلّا أنه لا يمكن مقارنتها بالتأثير الشرس الذي سببته المتحورات السابقة».

يقول ألتهاوس إن أحد التفسيرات لهذا الاختلاف قد يكون التركيبة السكانية للبرتغال. ”كلما زاد عدد كبار السن في البلاد، زادت حدة المرض“. تعتقد جاسات Jassat أن طبيعة مناعة الدولة يمكن أن تفسر أيضًا النتائج المتفاوتة. تم تطعيم حوالي نصف الراشدين في جنوب إفريقيا، وأخذ 5 ٪ فقط الجرعة المعززة. ولكن هذا، إلى جنب معدلات الإصابة المرتفعة جدًا من موجات كوفيد-19 السابقة، أقام جدارًا من ”المناعة الهجينة [المناعة الهجينة هي تلقي التطعيم والاصابة بالعدوى]“ التي توفر حماية قوية ضد الأمراض الحادة، لا سيما لدى كبار السن، الذين هم أكثر احتمالًا لتلقي التطعيمات.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

لا أحد يعلم بالضبط. قد تستمر سلسلة متحورات أميكرون الفرعية في الظهور، حيث تستغل المتحورات الجديدة ثغرات المناعة وتنتشر. ”لا أحد يستطيع أن يقول أن متحوري BA.4 / 5 هما المتحوران الأخيران. يقول كي ساتو Kei Sato، باحث في علم الفيروسات بجامعة طوكيو،“ من المحتمل جدًا ظهور متحورات إضافية لـ أوميكرون". تعرَّف الباحثون على عدة مواضع على بروتين الحسكات التي يمكن أن تتعرف عليها الأجسام المضادة بسبب التطعيمات والعدوى السابقة، ولكنها يمكن أن تتحور في سلالات أوميكرون في المستقبل[3] .

الاحتمال الآخر هو ظهور متحور من فرع من مشجرة فيروس سارس - كوف-2 يختلف عن تلك التي حملت فيروس أوميكرون. يقول غوبتا Gupta إن عدوى أوميكرون المتكررة يمكن أن تبني مناعة واسعة ضد السلالات المتعاقبة، مما يوجِد فرصة لظهور متحور مختلف تمامًا عن فيروس سارس - كوف-2 غير المألوف لاستجابات الناس المناعية. ”تزداد الفرصة صعوبة أكثر فأكثر حتى يتمكن الفيروس من أن يكون الفيروس السائد“.

بنحو متزايد، يعتقد الباحثون أن المتحورات بما فيها أوميكرون وألفا Alpha ربما نشأت من اصابات بعدوى فيروس سارس - كوف-2 المزمنة التي استمرت لأشهر[4] ، والتي يمكن أن تتراكم فيها مجموعات من الطفرات المعززة لتتهرب من المناعة والانتشار الفيروسي. ولكن كلما استمر الانتشار السائد لأوميكرون ومتحوراته لفترة أطول، كلما قل احتمال ظهور متحور جديد بالكامل من عدوى مزمنة، كما يقول ماهان غفاري Mahan Ghafari، الذي يجري أبحاثًا في التطور الفيروسي في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة.

سيتعين على المتحورات المستقبلية التهرب من المناعة حتى تنجح في الانتشار. لكن يمكن أن تأتي مع خصائص أخرى مثيرة للقلق. وجد فريق ساتو أن متحوري BA.4 وBA.5 كانا أكثر فتكًا في حيوان الهامستر مما كان عليه متحور BA.2، وكان المتحوران أكثر قدرة على إصابة خلايا الرئة المستنبتة[5] .

تشير الدراسات الوبائية، مثل تلك التي قادتها جاسات، إلى أن موجات كوفيد-19 المتتالية أصبحت أخف. لكن ساتو يحذر من أن هذا الاتجاه لا ينبغي أن يؤخذ على أنه أمر مسلم به. لا تتطور الفيروسات بالضرورة لتصبح أقل فتكًا.

كما أنه من غير الواضح متى سيظهر المتحور التالي. بدأ متحورا BA.4 وBA.5 في الظهور في جنوب إفريقيا بعد أشهر قليلة فقط من ظهور متحوري BA.1 وBA.2، وهو نسق يتكرر الآن في أماكن بما فيها المملكة المتحدة والولايات المتحدة. ولكن مع تزايد تراكم المناعة الشاملة من التطعيمات المتكررة والاصابة بالعدوى، يتوقع ألتهاوس أن يتباطأ تواتر موجات فيروس سارس - كوف-2.

يقول ألتهاوس إن أحد المتحورات المحتملة لفيروس سارس - كوف-2 في المستقبل هو أنه سيصبح مثل الفيروسات التاجية الموسمية الأربعة الأخرى، والتي تنحسر مستوياتها حينًا وتشتد حينًا آخر مع تغير الموسم، وعادة ما تبلغ ذروتها في الشتاء وعادة ما تعاود اصابة الناس بالعدوى مرة أخرى كل ثلاث سنوات أو نحو ذلك. ”السؤال الكبير هو ما إذا كانت الأعراض ستصبح أخف وأخف، وما إذا كانت المشكلات من جراء الاصابة بكوفيد الطويل الأمد [6]  ستختفي ببطء.“ ”إذا بقيت على ما هي عليه الآن، فستكون مشكلة صحية عامة خطيرة.“