آخر تحديث: 3 / 5 / 2024م - 1:36 ص

فهم الكذب عند الأطفال - متى وكيف ولماذا يكذبون؟

عدنان أحمد الحاجي *

بقلم غادة سلهب، طالبة دكتوراه، علم النفس الجنائي، جامعة بورتسموث
14 ديسمبر 2022
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رفم 355 لسنة 2022

Understanding dishonesty in children - when, how and why do kids lie?
Gadda Salhab، PhD Candidate, Forensic Psychology, University of Portsmouth
December 14,2022

حين سُئلوا عما إذا اختلسوا نظرة إلى إحدى الدمى، اعترف 40٪ من الأطفال كذبًا بأنهم نعم قد اختلسوا نظرة، مع أنهم لم يفعلوا ذلك، حسب دراسة حديثة عن الكذب لدى الأطفال الدارجين «الفئة العمرية من سنة إلى سنتين» [1] . عندما يختلق الكثير من الأطفال أكاذيب بلا فائدة تعود عليهم، فالأمر لا يقتصر فقط على الكذب الأبيض.

اختبر باحثون، من بولندا وكندا، ضبط النفس لدى 252 طفلًا بعمر 18 شهرًا بأمرهم بعدم اختلاس نظرة إلى دمية. وبعد بلوغهم السنتين من العمر أُختبر نفس الأطفال مرة أخرى، ثم مرة ثالثة بعد مضي ستة أشهر على الاختبار الثاني. فقط 35٪ من المشاركين الصغار لم يطيعوا الأمر بعدم اختلاس نظرة إلى الدمية، لكن 27٪ من مختلسي النظر زعموا كذبًا أنهم فعلوا ما قيل لهم.

يُربى الأطفال من بواكير أعمارهم على أن الكذب هو قصور أخلاقي [المترجم: القصور الأخلاقي moral failure في أبسط معانيه هو تصرف يفعله الشخص وهو يعلم أنه لا ينبغي أن يفعله، أو بالعكس، أن لا يقوم الشخص بفعل ما يعلم أنه ينبغي عليه فعله [2] ]. بيد أنه في بعض السياقات الاجتماعية، قد يُشجع الأطفال أيضًا على الكذب. لكن الكثير من أولياء الأمور يطلبون من أطفالهم صراحةً بتحري الصدق وعدم تشويه الحقيقة[3] ، مؤكدين على أهمية الصدق. إلَّا أن رسائلهم إلى أطفالهم عن تحري الصدق غير جلية. على سبيل المثال، قد يدَّعون أن الكذب الأبيض مقبول أحيانًا وذلك مراعاةً لمشاعر الآخرين.

هناك عدة أسباب تجعل الأطفال المشتركين في هذه الدراسة يدلون باعترافات كاذبة. حيث هم في النهاية لا يزالون صغارًا لدرجة أنهم ربما يواجهون صعوبة في فهم السؤال المطروح عليهم. نعلم أن الأطفال أكثر سرعة وسهولةً من الكبار للإجابة ب ”نعم“ عند طرح أسئلة عليهم طبيعة اجوبتها مقصورة على نعم أو لا[4] .

الدراسات تثبت أن الأطفال بحاجة إلى استكشاف واختبار حدود أي مفهوم جديد قبل أن يستوعبوه[5] . اللعب والتعلم متداخلان، خاصة عند الأطفال.

يمارس الاطفال الكذب الأبيض في سنوات ما قبل المدرسة[6] . يجيد الأطفال هذا النوع من الكذب ابتداءً من عمر السنتين. الكذب يتماشى مع تطور المهارات الاجتماعية[7] [8] [9] عند الأطفال. على الرغم من أن الكذب يعتبر سلوكًا اشكاليًا، إلا أنه يوحي أيضًا بتطور ونمو دماغ سليم عند الأطفال وهو مرحلة من مراحل التطور المعرفي / الادراكي لديهم[10] .

أكاذيب الأطفال الأولى لا تعدو كونها جملة مكونة من بضع كلمات. ومع تطور مهاراتهم المعرفية[11] ، تصبح أكاذيبهم أكثر تعقيدًا[12] ، وتتضمن الأكاذيب كلمات أكثر ويمكن الاحتفاظ بها لفترة أطول.

لا تكذب أو تفشي أسرار الآخرين حتى لا تسبب لهم مشاكل

حتى يكذب الأطفال، يحتاجون إلى ثلاثة أمور. أولاً، يحتاجون إلى ضبط النفس بشكل كافٍ للتغلب على نزعتهم لقول الحقيقة. في علم النفس، نسمي هذا ب التحكم التثبيطي[13] [14] . ثانيًا، يحتاجون إلى الاستفادة من محتوى الذاكرة قصيرة الأمد [وهي القدرة على الاحتفاظ بقدر بسيط من المعلومات في الذهن، في حالة نشطة وسهلة المنال لفترة زمنية قصيرة. [15] ]، وكذلك تحضير سيناريوهات بديلة بشكل تزامني. وثالثًا، يحتاج الأطفال إلى أن يكونوا قادرين على التحول من التصرف وفقًا للحقيقة «للصدق والأمانة» إلى التصرف وفقًا للكذب الذي يألفونه «ما يُعرف ب المرونة المعرفية[16] » وبالعكس.

من المرجح أن يكذب الأطفال كذبًا أبيضًا عندما تصبح لديهم قدرة عالية على فهم المشاعر «17,18»: وهي المهارات التي تساعدهم على فهم طبيعة وأسباب وعواقب المشاعر المتعلقة بأنفسهم وبالآخرين.

تلعب الأساليب التربوية دورًا في ممارسة الأطفال الكذب الأبيض. تربية الأطفال الذين يكذبون للحفاظ على مشاعر الآخرين من المرجح أن تكون على يدي والدين يمارسان اسلوب التربية الحازمة[19] [20] ، حيث يقومان برعاية ودعم أطفالهما ويستجيبان لاحتياجاتهم. في المقابل، الأطفال الذين تمارس معهم اساليب تربوية عقابية هم أكثر احتمالًا للكذب والتمسك به، ربما يستخدمونه لحماية أنفسهم ضد العقوبة القاسية التي يتوقعونها.

التعلم بالقدوة

سلوك أولياء الأمور[21]  مع أطفالهم يؤثر إما سلبًا أو ايجابًا فيما يخص ترسيخ ملكة الكذب أو الصدق في أطفالهم. الأطفال الذين ينتظرون شخصًا إما يحصلون منه على مكافأة على صدقهم[22]  أو معاقبة على كذبهم سيصبحون على الأرجح صادقين في أقوالهم، [التعلم بالملاحظة / بالقدوة[23] ]. وبالمثل، الأطفال الذين يشاهدون أقرانهم يُكافئَون على اعترافهم بارتكاب خطأ فسيصبحون على الأرجح صادقين في أقوالهم. لذلك يجب أن يدرك أولياء الأمور أن الأطفال ينتبهون إلى الأفعال كما ينتبهون إلى الكلمات.

تشجيع الأطفال على تحري الصدق وذلك بعدم ممارسة الكذب أمامهم ومكافأتهم على ممارسة الصدق، حتى عندما يتصرفون بطريقة غير مرغوب فيها، بإمكانه أن يشجعهم على أن يكونوا صادقين في المستقبل. كأولياء أمور، الكثير منا يجد صعوبة للاعتراف بأن المنطقة الرمادية بين الصدق والكذب هي بمثابة زيت العلاقات الاجتماعية تساعد على العيش حياة اجتماعية قليلة المشاكل.

 

مصادر من داخل وخارج النص

[1]  https://cutt.ly/s2i1XP9

[2]  https://cutt.ly/z2i1CQB

[3]  https://cutt.ly/42i1C9y

[4]  https://cutt.ly/02i1Bh4

[5]  https://cutt.ly/l2i1Nii

[6]  https://cutt.ly/i2i1MiM

[7]  ”يُقال إن الكذب في الصغر سلوك متعارف normative، ويعكس التطور المعرفي والاجتماعي لدى الأطفال. يكذب الأطفال للحفاظ على المصالح الذاتية وكذلك للحفاظ على مصالح الآخرين. مع التقدم في العمر، يتعلم الأطفال الأعراف الاجتماعية التي تعزز الصدق على الرغم من أنها تشجع على الكذب المحابي للمجتمع «الكذب الذي يستهدف مصلحة الأخرين «8» بين الحين والآخر. ومع ذلك، بمرور الوقت يمكن أن يصبح الكذب سلوكًا اشكاليًا حين يتكرر أو حين يوظف بشكل غير مناسب. الكذب المزمن من أي نوع قد تكون له تبعات اجتماعية خطيرة، ومنها فقدان المصداقية وإلحاق الضرر بالعلاقات المحابية للمجتمع. في مرحلة الطفولة المتوسطة «ست سنوات إلى 11 سنة»، قد يكون الاعتماد المزمن على الكذب مرتبطًا بضعف في نمو الضمير «9» وبضعف في ضبط النفس وبالسلوك المعادي للمجتمع، وقد يكون مؤشرًا على عدم القدرة على التكيف مع المحيط.“ ترجمناه ببعض التصرف من نص ورد على هذا العنوان:

https://cutt.ly/u2i1M4R

[8]  https://cutt.ly/b2i11Mu

[9]  https://cutt.ly/d2i10ba

[10]  ”التطور المعرفي cognitive development يصف كيف يتطور دماغ الطفل، وينطوي على تطور مهارات، مثل مهارات التفكير والتعلم والاستكشاف وحل المسائل. كما أنه يؤثر في المجالات الأخرى لنمو الطفل، بما فيها المهارات اللغوية والاجتماعية،“ ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:

https://cutt.ly/Y2i12cu

[11]  ”المهارات المعرفية cognitive skills، والتي تسمى أيضًا الوظائف المعرفية cognitive functions أو القدرات المعرفية cognitive capacity، هي مهارات دماغية ضرورية لاكتساب المعرفة واستخدام المعلومات والتفكير. ولها علاقة بآليات كيف يتعلم الناس ويتذكرون ويحلون مشكلاتهم وكيف يولون انتباههم، ولكن ليس لها علاقة بالمعرفة الفعلية. تشمل المهارات أو الوظائف المعرفية مجالات الإدراك الحسي والانتباه والذاكرة والتعلم واتخاذ القرار والقدرات اللغوية.“ ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:

https://cutt.ly/02i19tO

[12]  https://cutt.ly/F2i18Oc

[13]  ”التحكم التثبيطي inhibitory control، ويسمى كذلك تثبيط الاستجابة، هو عملية معرفية cognetive، وبشكل أدق، وظيفة معرفية «14» تسمح للفرد بتثبيط ومنع نزواته وتثبيط الاستجابات السائدة أو الطبيعة، والاعتيادية للمنبهات «الاستجابة الأكثر قوة» في سبيل اختيار السلوك الأنسب الذي يتسق مع تحقيقه لأهدافه. ضبط النفس هو جانب مهم من التحكم التثبيطي. على سبيل المثال: التثبيط الناجح للاستجابة السلوكية الطبيعية المتمثلة في تناول كعكة حين يشتهيها المرء بشدة أثناء اتباعه حمية غذائية يتطلب توظيف التحكم التثبيطي.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://cutt.ly/X2i14Ss

[14]  https://cutt.ly/M2i170E

[15]  https://cutt.ly/S2i158O

[16]  " المرونة الادراكية أو المرونة المعرفية هي القدرة الذهنية على التحول بين مفهومين مختلفين أو أكثر، والتفكير في مفاهيم متعددة في آن واحد، أي الانتقال من مهمة إلى أخرى أو من سلوك إلى آخر وفقًا للمتطلبات. فعادة ما توصف المرونة الإدراكية بأنها واحدة من الوظائف التنفيذية. مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://cutt.ly/F2i16Ww

[17]  ”فهم المشاعر emotional understanding هو عبارة عن مجموعة من المهارات التي تمكن الطفل من فهم طبيعة وأسباب ونتائج المشاعر سواء أكانت هذه المشاعر خاصة بالطفل أو مرتبطة بشخص آخر «18». ومن منظور تطوري، يتطور فهم المشاعر على عدة مراحل من التعقيد المضطرد بين مرحلة الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المراهقة. فقد طور باحثون نموذجًا تجريبيًا حددوا فيه تسعة مكونات لفهم المشاعر مرتبة بشكل هرمي في ثلاث مراحل تطورية «كل مرحلة تتكون من ثلاثة مكونات». في المرحلة الخارجية external stage «ببلوغ 4 سنوات من العمر تقريبًا»، يكتسب الأطفال فهمًا لجوانب المشاعر الخارجية وتأثير الأحداث الخارجية في المشاعر. في المرحلة العقلية mental stage «حوالي 7 سنوات من العمر»، يصبح الأطفال قادرين على فهم تأثير الظواهر العقلية في المشاعر؛ ويبدأون في فهم أن المعتقدات والرغبات والنوايا يمكن أن تنتج ردود فعل عاطفية، ويميزون بين المشاعر التي يستبطنها الشخص وبين المشاعر التي يظهرها للناس. أخيرًا، في المرحلة الانعكاسية reflexive stage «حوالي 10 سنوات من العمر»، يصبح الأطفال قادرين على فهم كيف يُعمِل الشخص تفكيره في وضع معين من وجهات نظر مختلفة؛ ويعرفون أن المشاعر قد تكون متناقضة من الناحية الأخلاقية، وأن المشاعر يمكن ضبطها بطرق شتى، وأنه يمكن الشعور بعاطفتين مختلفتين في نفس الوقت. أظهرت الدراسات أن فهم المشاعر يسمح للأطفال بتكييف سلوكهم استجابة للمشاعر / الانفعالات التي يمر بها آخرون أثناء تفاعلاتهم الاجتماعية. ويعتبر فهم المشاعر مؤشرًا على السلوكيات الاجتماعية المحابية للمجتمع «أي، السلوكيات التي تعزز رفاهية الآخرين».“ ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:

https://cutt.ly/82i0qIG

[18]  https://cutt.ly/v2i0wWQ

[19]  ”التربية الحازمة authoritative حين يكون أولياء الأمور حازمين وحنونين وداعمين ويحترمون استقلالية أطفالهم، ويمنحونهم الكثير من الحرية ويشجعونهم على الاعتماد على أنفسهم. كما أنهم يسمحون بالأخذ والرد في الحوار. يُعرف هذا الأسلوب أيضًا بأسلوب التربية الديمقراطية.“. ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:

https://cutt.ly/D2i0eQs

[20]  https://cutt.ly/V2i0rYc

[21]  https://cutt.ly/72i0tOq

[22]  https://cutt.ly/B2i0yUi

[23]  https://cutt.ly/T2i0ulF

المصدر الرئيس

https://cutt.ly/02i0izo