آخر تحديث: 6 / 5 / 2024م - 9:41 ص

سيكولوجية اللوم: لماذا نلوم آخرين على أخطاء نحن ارتكبناها؟

عدنان أحمد الحاجي *

بقلم اشلي ليدر

16 يناير 2020

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 210 لسنة 2022

?Why Do We Blame Others For Our Mistakes

Ashley Laderer

Jan 16,2020

عندما ارتكبتَ خطأ، هل ستعترف بهذا الخطأ الذي ارتكبته، أو هل ستتبادل إلقاء اللوم [1]  مع شخص آخر؟

الكثير من الناس يسارعون إلى توجيه أصابع الاتهام ويتبادلون إلقاء اللوم مع آخرين [يلوم كل طرف الآخر]. في الواقع، أثبتت الأبحاث الحديثة أننا نتوقع حدوث هذا السلوك. نتوقع أن نجد آخرين ينخرطون في تبرئة أنفسهم ويلومون / يتهمون آخرين مع أنهم هم من ارتكب الخطأ.

أنا لست بريئًا. لقد اتهمتُ ناسًا أكثر من مرة لأخطاء ارتكبتها، وهذا أمر مؤكد. لماذا؟ تعتبر عملية إلقاء اللوم / الاتهام شيئًا سهلًا.

لماذا نلوم / نتهم الآخرين

ببساطة، من الأمور السهلة أن تلوم / تتهم شخصًا آخر بدلاً من أن تتحمل المسؤولية الكاملة عن أفعالك وتصرفاتك. من السهل أيضًا أن نلوم / نتهم شخصًا آخر لأفعال وتصرفات نحن قمنا بها بدلاً من إلقاء نظرة أعمق على سبب ارتكابنا لتلك الأخطاء ومواجهة العواقب المحتملة - سواء أكان ذلك شيئًا فعلته في العمل أو حدث أثناء مشاجرة بينك وبين شريك حياتك. تبرئة النفس واتهام / ولوم الآخر لا يكلف جهدًا، ويعتبر شيئًا سهلًا بالنسبة لنا من الناحية العاطفية - على الأقل في لحظته.

”القاء اللوم / الاتهام تعتبر آلية دفاعية [2,3] أخرى“ كما تقول ساينثيا كاتشينغس Cynthia Catchings. ”يمكننا أن نطلق عليه إنكارًا [4]  أو اسقاطًا [5] ، لأنه يساعدنا في الحفاظ على إحساسنا بتقدير الذات «6» أو الاعتداد بالنفس وذلك بتحاشي احساسنا بمشاكلنا.“

لماذا نستخدم الآليات الدفاعية [2] ؟ لحماية أنفسنا - سواء أكان ذلك بحمايتها من الانتقاد، أو من الآثار السلبية، أو أيًا من الأشياء التي أنت تخاف منها أو تخشاها. قد تنكر أنك، في الواقع، من ارتكب الخطأ.

”يمكننا اعتبار الآلية الدفاعية على أنها أداة نستخدمها عندما نكون في وضع معرضين فيه لهجوم،“ كما أضافت كاتشنغز. أو كأسلوب آخر. لاحظت أن بعض الناس يتهمون / يلقون باللوم على آخرين في محاولة منهم لتعريضهم للأذى - وهذا بالتأكيد ليس أمرًا لطيفًا!

علاوة على ذلك، قد يكون لديك بعض التجارب السلبية للمتجذرة من أيام الطفولة تجعلك مهيأً للتصرف بهذه الطريقة. ”من الناحية النفسية، يمكننا أيضًا أن نعتبر ما يتصل بتعلق [الطفل بوالديه [7] ] قد تخلق مشاكل تظهر عندما يكبر،“ كما توضح كاتشنغز. ”التعلق غير الآمن [ومنه عدم اعتماد الطفل على والديه لتوفير الحضن الدافئ له [8] ] والمتردد [الطفل المتردد أو القلق أو المعارض يكون أكثر الأطفال كرباً وألماً عند فراقه لأمه وتظهر عليه علامات الغضب وسلوك التشبث عند رجوعها [9] ] يمكن أن يؤدي بنا إلى عدم قبول تحمل المسؤولية ولذا نجد القاء الوم على / إتهام الآخر أمرًا سهلًا.“

العواقب السلبية للوم / لاتهام الآخرين

نادرًا ما يخلو لوم / إتهام الآخرين على أخطاء نحن ارتكبناها من عواقب. قد يبدو وكأننا نحقق مكاسب في وقتها، وأنه يعود لصالحنا عندما لا نتحمل المسؤولية عن أفعالنا وتصرفاتنا، ولكن هذا ليس هو الحال بالتأكيد على المدى الطويل. إلقاء اللوم على / إتهام الآخرين قد يؤدي، وعلى الأرجح سيؤدي، إلى نتائج عكسية على الشخص نفسه، مما يجعله يتمنى أنه لم يتبادل الاتهام / إلقاء اللوم في المقام الأول.

إذا خفي عليك الأمر، فسيدرك من اتهمتهم / لمتهم بذلك، ولن يكونوا سعداء إذا لم تتحمل مسؤولية أخطائك.

”عادةً، عندما ننخرط في هذا السلوك، قد يبدأ من حولنا بالاستياء منا أو حتى بالابتعاد عنا“ كما تقول كاتشنغز. ”ونتيجة أخرى لهذا التصرف هي أننا قد نفقد التواصل معهم أو نفقد ثقتهم بنا. يبدأ الذين يقعون ضحايا لعملية اللوم بالشعور وكأنهم يمشون على قشور بيض ويتجنبون التواصل معنا تجنبًا للتعرض للاتهام / لإلقاء اللوم عليهم“.

من الواضح أن الاتهام / إلقاء اللوم على الآخرين لا يؤثر في الشخص نفسه فقط على المدى الطويل، بل إنه يؤثر أيضًا فيمن يُوجَه له أصابع الاتهام. وفقًا لـ كاتشنغز، ”قد يؤدي ذلك إلى تدني احترام الذات، والشعور بعدم القيمة / بالتفاهة، وحتى بالتضرر العاطفي الدائم [ومنه القلق واضطراب الكرب التالي للصدمة النفسية [10] ] إذا لم يتغير السلوك و/ أو إذا لم يبحث الشخص المتضرر عن مساعدة مهنية.“

قد ينتهي الأمر بالشخص بخسارة صداقات أو علاقات أو وظائف، بحسب وضعه. كما تحذر كاتشنغز من أن ”[إلقاء اللوم / الاتهام] يمكن أن يؤدي أيضًا إلى الشعور بالوحدة وهجران الناس له، لأن من يتهمهم / يلقي اللوم عليهم قد يهجروه ولن يعودوا له أبدًا“.

كيف نحد من هذا السلوك

كما هو الحال مع العديد من السلوكيات السامة «الضارة بالآخرين والمؤذية لهم»، فإن الاقرار والاعتراف بالمشكلة هو الخطوة الأولى للعلاج. حتى الاعتراف بوجود هذه المشكلة قد لا يكون سهلاً بالنسبة للشخص، لأنه في النهاية عليه أن يتحمل مسؤوليته عن نتائج الأخطاء التي ارتكبها. إذا كان من النوع الذي يوجه دائمًا اللوم ويتهم الاخرين، فقد يكون قد مضى عليه فترة طويلة لم يتحمل فيها المسؤولية عن أخطائه.

”يمكن للعائلة والأصدقاء المساعدة وذلك بتفهمهم للمشكلة ومساعدتهم على حلها.“ أن نسمع صوتًا لطيفًا يخبرنا أننا نعاني من مشكلة يختلف تمامًا عن سماع صوت يصرخ فينا أننا بحاجة إلى مساعدة، " كما تقول كاتشينغ.

اخبار عدد قليل من الناس الجديرين بالثقة، وهم الذين يمكن الاعتماد عليهم، يمكنهم مج يد العون والمساعدة في تحمل المسؤولية عن ارتكاب الأخطاء - يمكنهم العمل كشبكة دعم للشخص [11] . الأمور ستصبح أكثر سهولة لو أجرينا تغييرات إيجابية في حياتنا حين يكون لدينا من نعتمد عليهم إلى جانبنا يساندوننا ويشجعوننا، وينبهوننا بلطف حين ننحرف عن مسارنا الجديد الخالي من إتهام / إلقاء اللوم على الآخرين الذي شرعنا في تبنيه.

لاحظ ما يدور في ذهنك في المرة القادمة التي ترتكب فيها خطأ. ماذا يخطر في بالك في أول وهلة؟ هل تريد اتهام / إلقاء اللوم على أحد الأشخاص، أم تريد أن تعتذر عما ارتكبته من خطأ وتتحمل مسؤولية ما قمت به؟ ابذل جهدًا مدروسًا لاختيار الخيار الثاني - على الرغم من أن الكلام في ذلك أسهل من الفعل خاصة إذا لم تكن معتادًا على ذلك!

”المساعدة الاحترافية هي أكثر الأساليب الموصى بها لتتعلم كيف لتضع حدًا لهذا النوع من السلوك،“ كما تقول كاتشنغز. ”قد يكون هذا السلوك نتيجة لتجارب ومشاكل ظلت عالقة من فترة الطفولة، واستشارة معالج نفسي ستكون أفضل أسلوب لإحداث تغيير حقيقي في حياتنا.“ إذا كنت مهتمًا بمعرفة ما إذا كان المعالج النفسي يمكنه مساعدتك في البحث عن جذور هذه المشكلة ومساعدتك في تجنب هذا السلوك في المستقبل، فحاول الاتصال بمعالج نفسي.

علينا أن نتعلم أن نكون قادرين على تحميل أنفسنا المسؤولية عن الأخطاء الكبيرة والصغيرة، على الرغم من أنها قد تكون شيئًا مخيفًا. اعترافنا بأخطائنا ليس أمرًا سهلًا، ولكن بدون أدنى شك، ان تحمل المسؤلية هو الأمر الصحيح الذي يجب فعله.

مصادر من داخل وخارج النص

[1]  ”اللومblame هو عمل من أعمال الانتقاد وتحميل الآخرين المسؤولية وإصدار بيانات سلبية بشأن فرد أو مجموعة تصرفاتها غير مسؤولة اجتماعيًا أو أخلاقيًا، وهو بعكس الثناء. عندما يكون شخص ما مسؤولًا أخلاقيًا عن ارتكاب خطأ ما فإن هذا الفعل يستحق اللوم.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/لوم

[2]  ”الآليات الدفاعية أو الوسائل الدفاعية أو الدفاعات النفسية هي استراتيجيات نفسية يستخدمها العقل الباطن لحماية الفرد من التوتر الناجم عن الأفكار أو المشاعر المرفوضة وتسعى هذه الاستراتيجيات إلي إيجاد حلول وسط للمشكلات الشخصية، وتُمثل هذه الاستراتجيات الطرق البسيطة للعقل الباطن في مسايرة التوتر، وتساعد الشخص على إيجاد حلول أكثر قبولًا من الناحية الاجتماعية، كما تفيد هذه الدفاعات في حماية الذات من التهديد. «يرجى عدم الخلط بينها وبين الآليات الواعية لمسايرة الضغط» ويُعد سيغموند فرويد أول من وضع حجر الأساس لهذا المصطلح.“. مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/حيلة_دفاعية

[3]  ”في علم نفس السلوك البشري، فإن الإنكار هو اختيار الشخص لإنكار الواقع كوسيلة لتجنب الحقيقة غير المريحة من الناحية النفسية. الإنكار هو عمل غير عقلاني في الأساس يحجب التحقق من تجربة أو حدث تاريخي، عندما يرفض الشخص قبول حقيقة يمكن التحقق منها بدليل تجريبي. في العلوم، يُعتبر الإنكار رفْضَ الحقائق والمفاهيم الأساسية التي لا جدال فيها، وهي جوانب مدعومة جيدًا من الإجماع العِلمي حول موضوع ما، لصالح الأفكار المتطرفة والمثيرة للجدل.“. مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/إنكار

[4]  https://www.talkspace.com/blog/defense-mechanisms-holding-you-back/

[5]  ”الإسقاط «projection» هو حيلة دفاعية من الحيل النفسية اللاشعورية، وعملية هجوم يحمي الفرد بها نفسه بإلصاق عيوبه ونقائصه ورغباته المحرمة أو المستهجنة بالآخرين، كما أنها عملية لوم للآخرين على ما فشل هو فيه بسبب ما يضعونه أمامه من عقبات وما يوقعونه فيه من زلات أو أخطاء، وهو آلية نفسية شائعة يعزو الشخص بوساطتها أو عن طريقها للآخرين احاسيس وعواطف ومشاعر يكون قد كبتها بداخله، ويقول علماء النفس أن الذين يستخدمون الإسقاط هم أشخاص على درجة من السرعة في ملاحظة وتجسيم السمات الشخصية التي يرغبونها في الآخرين ولا يعترفون بوجودها في انفسهم، ويظن الكثير من الناس أن هذه الإستراتيجية أو الحيلة الدفاعية تقلل من القلق الناتج من مواجهة سمات شخصية مهددة، وتظهر هنا مرة أخرى آلية القمع أو الكبت.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/إسقاط_نفسي

[6]  ”تقدير الذات. Self-esteem هو تقييم الفرد لنفسه وشعوره بالاحترام والقيمة والكفاءة. يشمل تقدير الذات قناعات الشخص حيال نفسه «على سبيل المثال“ أنا كفؤ ”أو“ أنا ذو قيمة ”» بالإضافة إلى الحالات الشعورية مثل الانتصار واليأس والفخر والخجل. عرّف سميث وماكي تقدير الذات بأنه“ المفهوم الذاتي الذي نعتقده عن أنفسنا. تقدير الذات هو التقييم الإيجابي أو السلبي للذات وكيف نشعر حياله. " مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/تقدير_الذات

[7]  ”نظرية التعلق هي نظرية تصف طبيعة العلاقات طويلة المدى بين البشر، وتعتقد بأن الطفل بحاجة إلى تكوين علاقة مع شخص واحد على الأقل من مُقدمي الرعاية «الوالدين» لكي يحصل على النمو العاطفي والاجتماعي طريقة طبيعية. فهي تشرح كيف تؤثر علاقة الطفل بأبويه في نموه. نظرية التعلق هي دراسة متعددة التخصصات، حيث تشمل نظرية التطور وعلم النفس ونظريات علم السلوك الحيواني.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/نظرية_التعلق

[8] https://www.talkspace.com/mental-health/conditions/articles/childhood-attachment-styles-influence-adult-relationships/

[9]  https://www.maganin.com/print.asp?contentId=19179

[10] https://www.kminjurylawyers.com/firm-news/blog/2018/june/what-qualifies-as-emotional-damages - /

[11]  https://www.talkspace.com/blog/how-to-strengthen-your-support-system/

المصدر الرئيس

https://www.talkspace.com/blog/blame-others-mistakes/