آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

تحديات العام 2023: التعليم «7»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الاقتصادية

هل نُعلّم لنوظف؟ وهل محل اهتمام لنا معرفة إن كانت الزيادة في الإنفاق على التعليم تؤدي لزيادة النمو الاقتصادي؟

الانطباع العام هو، ثمة علاقة طردية بين تحسين أوضاع الفرد وبين مستوى تعليمه، وستجد في الأدبيات ما يؤيد ذلك عموماً، وستجد أن في العديد من البلدان أجريت دراسات مستفيضة لفهم العلاقة بين الإنفاق على التعليم والنمو الاقتصادي، المؤدي إلى الازدهار الاقتصادي للبلاد وتحسن مستوى دخل الفرد الأفضل تعليماً.

حتى وقت قريب كان مِنّ مدراء جامعاتنا من يأنف أن يربط بين خريجيه والتوظيف في سوق العمل، قائلاً: نحن نُعَلّم، وليس مهمتنا التوظيف. اختلف الأمر كثيراً الآن، ولكن ليس للحد الكافي؛ فأصبحت الجامعات تدرك أن الاختبار الحقيقي لها هي قدرة خريجيها الحصول على وظيفة، وأن أحد عناصر التنافس هو قدرة خريجيها للحصول على أفضل الوظائف مقارنة بخريجي الجامعات الأخرى. وبدأنا نشاهد جامعاتنا تعتني بتأسيس مكاتب للخريجين لمساعدة طلاب الجامعة في الحصول على فرص تدريبية في الصيف وللبرنامج التعاوني وعند التخرج.

لكن هل منظومة التعليم ما بعد الثانوي لدينا متمحورة حول تطوير الموارد البشرية تمهيداً للتوظيف في سوق عمل تنافسية؟ ومستوعبة لمتطلبات سوق العمل في المشاريع العملاقة، والقطاعات الجديدة، والدور متعاظم للقطاع الخاص؟ وذلك لتحقيق هدفين مباشرين: توظيف خريجيها، ودعم النمو الاقتصادي للبلاد بتخريج ما تحتاجه سوق العمل، حمايةً وصيانةً للوظائف التي يخلقها الاقتصاد من تذهب لعمالة وافدة أقل تكلفة.

هذا إجمالاً، أما تحديداً فلم نربط - حتى هذه اللحظة - بين التنمية والتنويع والنمو الاقتصادي من جهة، وبين التعليم العام ربطاً قائماً على استيعاب متطلبات التنمية والتنويع والنمو الاقتصادي، ليس فقط من واقع أدبيات الأمم المتحدة، ولا من واقع أدبيات الاتحاد الأوروبي، وليس بالاطلاع على بحوث منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ولا حتى بالتمعن بما فعلته كوريا الجنوبية أو فلندا، بل من خلال بحوث ميدانية على مجتمعنا السعودي. التنظير مهم، ووضع الأطر الفكرية لإنجاز البحوث كذلك مهم، ومهمٌ الاطلاع على تجارب الدول والمجموعات الاقتصادية الأخرى، لكن يبقى واقعنا هو واقعنا، فمن المعروف بداهةً أننا لن نستطيع“نسخ”ما يُعمل في فلندا و”لصقه”عندنا. ولعل من المقبول الجدل أننا لا نعرف كثيراً عن حقيقة العلاقة بين الإنفاق الحكومي على التعليم وتنميتنا الاجتماعية - الاقتصادية والتنويع والنمو في اقتصادنا الوطني.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى