آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:00 م

إنّها آداب يَنْسُجها المسلمون والمسيحيون

ليلى الزاهر *

تسمّر الطفل أمام التلفاز وهو يرى ذلك المشهد الذي جمع أسرة مسيحية كانت الأم تبتهل بالدعاء أثناء تناولهم الطعام، بينما يردد بقية أفراد الأسرة «آمين».

اتّجه الطفل صوب أمه وقال:

انظري يا أمي كيف يدعون الله ويهللون له مثلما تقومين أنت تماما بشكر الله وحمده عندما نتناول الطعام.

تبسّمت الأم وربتت فوق كتفي ابنها قائلة:

جميع البشر تنسج آدابها في حضرة نعم الله في كل يوم وفي كل لحظة، يسبحون لله ويثنون عليه ويبتهلون له تعالى اعترافا واستحقاقا له تعالى لأنه المُنعم المتفضّل علينا بأشياء كثيرة غير نعمة الطعام.

إنّها آداب يَنْسُجها المسلمون والمسيحيون على السواء، ثمّ أضافت الأم وقد امتلأت بفخر واعتزاز:

بينما نحن يابُنيّ من الواجب علينا كمسلمين أن نشكر الله تعالى في كلّ لحظة، وفي كلّ يوم أن جعلنا من أمة نبي عظيم مثل النبي الخاتم محمد ﷺ، فهذا تفضّل عظيم منه وله امتيازات كبرى.

يقول الله تعالى في كتابه الكريم:

﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ «سورة الفتح: 29»

واستمرّ الحوار بين الأم وابنها ونحن لانعلم إلى أيّ شاطئ رست أفكار هذه الأم إلا أننا ندرك حجم الرسالة الموجهة لنا من خلال هذا المشهد.

قد يتكرر هذا المشهد على مرأى منّا، ويراه أبناؤنا في تصفحهم لمواقع اليوتيوب، بل نراه يزحف لقنوات التلفاز بقوة فقد ظهرت قنوات جديدة لم نكن نراها من قبل، هذه القنوات همّها الأكبر عرض المسيحية بكل تفاصيلها وإظهارها كدين يعتقد معتنقوه أنّه مازال راسخا لهذا الزمن!

بادئ ذي بدء حسبت الأمرَ عاديًا غير أنني

أدركت أنّه من الواجب علينا إبراز القيم الإنسانية والأخلاقية الجميلة لديننا الإسلامي وبسطها لأطفالنا على موائد من نور يتسلل فيدخل أعماقهم ليشع نور الإيمان يقينا واعتقادًا، ويصبح لديهم حصانة إسلامية راسخة تعتقد بأن الإسلام شرف عظيم لمعتنقيه، وقوة عظمى لحامليه فهناك علاقة طاهرة تربط الإنسان بالله تعالى وبالفطرة التي خلقه الله عليها

تجعله يتبع آثار نور الله أينما ذهب.

ولشدّ مايذهلني الجهل الذي يصيب البعض - والذي يتمخض في أغلب الأوقات من ثقافة قشريّة - فيبدلون أسمى دين خُتمت به جميع الأديان إلى دين آخر! وهذا ما يجعلني أعود لتاريخ العظماء وأولهم نبينا محمد ﷺ عندما سأله بحيرى الراهب:

يا بني أسألك باللات والعزى وقد كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم آنذاك في الثانية عشر من عمره.

فرد النبي عليه:

لا تسألني شيئا باللات والعزى! فو الله إنني لا أنفرُ من شيء كنفوري منهما.

حقيقة أن زمنًا عاش به النبي الكريم هو أفضل زمن شهدته البشرية، وتستطيع أن تفكّ شفرة هذا الزمن بصرخة بلال وهو يتلقى أشدّ العذاب فداء لدين عظيم، ولازالت كلمات المصطفى تتردد في أسماع الدنيا وتتناقلها الأجيال عندما يقول:

«صبرًا آل ياسر فإن موعدكم الجنة» وهذا مايجب علينا غرسه في نفوس أبنائنا، وأن نحمد الله في كل حين على أننا من أمة نبي رحيم رؤوف عظيم كمحمد ﷺ.

نحيا على الإسلام ونموت عليه،

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ

«سورة آل عمران: 102»

من جانب آخر علينا أن نبرم العهد مع الله تعالى في كل يوم وفي كل ليلة وبعد كل فريضة نشهد له بالوحدانية ولنبينا محمد بالرسالة.

قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، إِنِّي أَعْهَدُ إِلَيْكَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، فَإِنَّكَ إِنْ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي تُقَرِّبْنِي مِنْ الشَّرِّ وَتُبَاعِدْنِي مِنْ الْخَيْرِ، وَإِنِّي لَا أَثِقُ إِلَّا بِرَحْمَتِكَ، فَاجْعَلْ لِي عِنْدَكَ عَهْدًا تُوَفِّينِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ.

إِلَّا قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: إِنَّ عَبْدِي قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا فَأَوْفُوهُ إِيَّاهُ. فَيُدْخِلُهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ»

نسأل الله لنا ولكم اليقين التام والثبات على الإسلام والسير على نهج محمد وآله الطيبين الطاهرين.