آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

سيارة كشخة

المهندس أمير الصالح *

أصر على شراء سيارة لكزس بالتقسيط وأصبح راتبه موزع بين قسط السيارة وقسط تملك البيت وتسديد تكاليف الأجهزة الأخرى. كان في بداية عمره المهني ينادي والده بالقول: أبتي أريدك أن تساعدني لشراء سيارة مرسيدس فئة S فالسيارة الكشخة تعكس قيمة اجتماعية وانتماء لطبقة عالية. أبي أريد أن أعقد زفافي في صالة الأفراح الفلانية لأنها تعطينا رونق اجتماعي مميز. وكأن لسان حال ذلك الشاب وهمه الأول والأخير جذب انتباه الناس له واكتساب احترام الناس من خلال ما يملكه من سيارة كشخة وساعة ماركة وحذاء ماركة وآخر إصدار للجوال.

ظاهرة اقتناء سيارة كشخة من أجل جذب الانتباه واكتساب احترام بعض من الناس ظاهرة منتشرة بين فئة عريضة من الشباب والفتيات في عدة مجتمعات وهذا أمر يدعو للتفكير والتدارس. هناك وجهات نظر مختلفة عن طرق جذب الانتباه الذات واكتساب احترام الناس للشخص. البعض من الناس يعتقد بأن الثراء الكبير والفيلا الضخمة والسيارة الكشخة واقتناء مزرعة فارهة هم الأساس لاكتساب احترام الآخرين وإبراز قيمته في وسطه الاجتماعي. والبعض الآخر يعتقد بأن فرض الشخصية بالقوة من خلال المنصب الوظيفي أو النسب العائلي هو المدخل لجذب الانتباه ولكسب احترام الناس. وهناك فريق من الناس يعتقد أن الشهرة الإعلامية عبر وسائل وتطبيقات التواصل الاجتماعي بغض النظر عن المحتوى هي المدخل للجذب ولكسب الاحترام. وقد تكون الحقيقة أن اكتساب احترام الناس الدائم يتم بأبسط من ذلك كله مع كامل الاحتفاظ بالكرامة للذات. فقد عرفنا وعبر ما سطر التاريخ أسماء أشخاص كثر جذبوا الانتباه واكتسبوا كامل الاحترام لمواقفهم الشجاعة وأدبهم الجم وزهدهم المميز وسيرتهم النظيفة. فلا يتم كسب الانتباه واحترام الآخرين عن طريق اقتناء سيارة كشخة أو امتلاك فيلا كبيرة أو عقد ولائم ضخمة وعديدة أو عبر هياط وإسفاف في وسائل تواصل اجتماعي، وإنما بأدوات في متناول الجميع:

بالكلمة الطيبة وحفظ كرامة الآخرين وتجنب المفاخرة وتجدد روح البذل والعطف واحترام الذات فالاحترام لا يُطلب ولا يتم شحذه من أحد وإنما يُكتسب من خلال العمل الجاد والكفاح المستمر والهمة العالية والسعي الدؤوب وحسن البصيرة وقوة التشخيص وتجنب الإسفاف والترفع عن فاحش الكلام والأصالة.

أحبتي شباب جيل Z، والكلام ليس للجميع، إن بلاء الاستهلاك المفرط وحب محاكاة مشاهير السوشيال ميديا تُدخل بعضكم في أزمات مالية وتختطف عن عقول البعض النضج وتولد عقد النقص والنظرة بالدونية المستمرة. اعلم علم اليقين بأن التربية الداخلية للنفس للترفع عن مظاهر الاستهلاك تحتاج إلى مجاهدة مع النفس ولكن ذلك سيورث لكم احترام أكبر للذات وراحة بال طويلة الأمد. وحتما إن توفرت مداخيل مادية كبيرة لدى أحدكم فيمكنه شراء سيارة كشخة وفيلا كبيرة وسفر فاره بعد استيفاء الأشياء الضرورية أول بأول.