آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 2:48 ص

ثلاثة في حاجة إلى بالٍ طويل.. الطبيب وعالم الدين والمعلم!

طَوِيلُ البالِ: هو الصَبُور الذي لا يَنْزَعِج. كلنا نحتاج طول البال ومن يتعامل مع الناس يحتاج طول بال وأناة - ربَّما - أكثر من غيره!

القارئ والقارئة الكريمة: صادف أن كتبتُ هذه الخاطرة في يوم الجمعة فجاء في خاطري ذكر من جمع اللهُ فيه هذه الصفات الغُرّ، في شخصٍ واحد، نبينا محمد ﷺ. هو المعلم الأوحد، طبيب القلوب والأبدان. صلوا عليه وآله!

طبيبٌ يعتني بإصلاح أجساد الناس وعالم دين يعتني بصلاحِ أديانهم، ومعلّم يهتم بعقولهم، يحتاجون إلى صبر وسعة صدر أكثر من غيرهم. الطبيب يتعامل مع موت الجسد وحياته، عالم الدين يتعامل مع موت الروح وحياتهَا، والمعلم مع موت العقل وحياته. الثلاثة الأصناف - الطبيب والعالم والمعلم - يحتاج إلى بالٍ أطول وأناة وصبر ورفق!

ما يقوم به - الطبيب والعالم والمعلم - ليس وظيفة من أجل راتب شهريّ أو وجاهة اجتماعيّة، إنما هو واجب إنسانيّ اختصهم الله وأكرمهم وشرفهم به. وعلى المجتمع أن يوفيهم حقهم من الاحترام. أعطني أمّة صحيحةَ البدن والعقل والدين، أعطيك حضارةً لا تنتهي! ولبعضهم:

إن المعلمَ والطبيبَ كلاهما * لا ينصحانِ إذا هما لم يُكرمَا

فاصبر لدائكَ إن جفوتَ طبيبه * واقنع بجهلكَ إن أهنتَ معلمَا

لا يعرف المريض ما به من علة، ولا يعرف كيف يصف الداء. لذلك يحتاج الطبيب المعالج إلى سعةِ صدر في استنطاق المريض وإجراء الفحوصات اللازمة ومعرفة الداء قبل وصف الدواء! إذا لم يعرف - الطبيب - العلة جيدًا لم يعرف الدواء. الطبيب الذي يحسن الاستماع ويرفق بالمريض، لا يغضب منه ولا يهينه أو يتعالى عليه ويوجهه التوجيه المناسب هو صاحب البال الطويل!

عالم الدين لا يُسأل كما ينبغي أو يُسأل عما هو بيّن أو يتكرر السؤال! من علامات طول بال عالم الدين ورحابة صدره تشجيعه النّاس على السؤال. اشتهر عن الإمام علي بن أبي طالب مطالبته أهل زمانه بالسؤال وعرف عنه عبارته المشهورة ”سلوني قبل أن تفقدوني“. كان يفرح بالسؤال ويفيض في الجواب ولا يلوم السائلين على كثرةِ السؤال. كان - - يطالب الناس بالسؤال عما يخطر في أذهانهم!

الصنف الثالث: هو المعلم وما أدراك ما المعلم، وخصوصًا معلم صغار السنّ من الطلاب والطالبات! يتذكر جيدًا أبناء جيلي أننا إذا قال لنا المعلم آنذاك: قوموا قمنا وإذا قال: اجلسوا جلسنا. ولكم أن تقارنوا بذلك طلاب المدارس الآن، كيف يجادلون ويحاجّون الأستاذ دون خوف أو رهبة!

همسة: إذا كان عندك طبيب أو عالم دين أو معلم فيه هذه الخصلة، اشكره عليها. ليس كل الناس يستطيعون الصبر ويملكون بالًا طويلًا!

مستشار أعلى هندسة بترول