آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

ما هي الأسباب الطبية لبدائل الرضاعة الطبيعية؟

حرص الدين الإسلامي الحنيف والعلم الحديث والمنظمات الصحية في كل أنحاء العالم على تشجيع الرضاعة الطبيعية الحصرية لمدة ستة أشهر، وتضاف إليها التغذية التكميلية بعد ذلك مع الاستمرار في الرضاعة الطبيعية لمدة عامين أو أكثر.

ومع ارتفاع الوعي الصحي في جميع أنحاء العالم ازدادت نسبة الأطفال الذين يحصلون على حقهم في الرضاعة الطبيعية؛ ولكن هل معنى ذلك أن جميع الأطفال سيستطيعون أن يرضعوا رضاعة طبيعية مباشرة من أمهاتهم؟

للأسف الشديد، لا، هناك أسباب طبية تمنع أن يرضع الطفل من أمه مباشرة؛ وقبل الحديث عن هذه الأسباب دعونا نتحدث عن البدائل قليلا.

تعرف أكاديمية الرضاعة الطبيعية الطبية بدائل الرضاعة الطبيعية بأنها أي شي يعطى للطفل خلال الستة الأشهر الأولى من العمر بديلا للرضاعة الطبيعية، أو مكملا لها.

وهنا توصي هي ومنظمة الصحة العالمية بأن يكون حليب الأم المعتصر أول بديل، فإن لم يوجد، فالبديل هو الاسترضاع، ثم الحليب المعتصر من أم أخرى، أو من بنوك الحليب، ثم الحليب البقري المصنع.

إعطاء الطفل حليب أمه المعتصر يعطيه الفوائد الغذائية وبعض الفوائد المناعية، وإن كان يخلوا من الفوائد العاطفية والنفسية إلا أنه يبقى الخيار الأفضل.

أما الاسترضاع فقد ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى في سورة الطلاق الآية 6 «وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى» وقال تعالى «وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم» «البقرة 233»، وإن اختلف حليب الأم الأخرى في تركيبته الجينية عن حليب الأم، إلا أن الطفل يأخذ جميع الفوائد الغذائية والمناعية والنفسية والعاطفية، كما أن حليب الأم المرضع يحتوي على الخلية الجذعية التي تدخل في تركيب خلايا جسم الطفل، ويرى بعض العلماء أن هذا هو السبب في أنه يحرم بالإرضاع ما يحرمه النسب.

فإن لم تستطع المرأة الأخرى الإرضاع المباشر، فيكون البديل الحليب المعتصر من أم أخرى، أو من بنوك الحليب التي توجد في القليل من الدول الإسلامية والعربية، كالكويت وتركيا وإيران وتحرمها أغلب الدول الإسلامية.

ولقد دخل في السوق مؤخرا حليب الإنسان المجفف بديلا للرضاعة الطبيعية، ولكن لأنه جديد لا يوجد عنه معلومات طبية وأبحاث كثيرة ولا فتاوى شرعية، ولكنه بديل واعد.

وأخيرا، تضع المنظمات الصحية حليب البقر المصنع بديلا للرضاعة الطبيعية إذا تعذرت الخيارات السابقة وهو يباع على ثلاثة أشكال: حليب جاهز الصنع، وعادة يوجد في المستشفيات وهو الأفضل، وحليب مركز لا يوجد في مملكتنا الحبيبة، والنوع الثالث والأقل تكلفة والسائد وهو المسحوق لأنه صعب التحضير والذوبان.

وهنا لابد على التأكيد بعدم استخدام قارورات الرضاعة أو الحلمات المصنعة في إعطاء بدائل حليب الأم، إذ يفضل أن تعطى بالكوب أو الملعقة للحفاظ على شكل الفك والأسنان لدى الطفل.

وتعتبر منظمة الصحة العالمية المستشفى صديقا للطفل إذا كان إعطاء بديل حليب الأم لأسباب طبية موثقة، ولذلك وجب على كل طبيب أطفال معرفة الخيارات المذكورة مسبقا كما يجب عليه معرفة الأسباب الطبية المقبولة عالميا وتوثيقها في ملف الطفل إذا لزم الأمر.

وتنقسم الأسباب الطبية لإعطاء بدائل حليب الأم إلى أسباب تخص الأم، وأسباب تخص الطفل، كما تنقسم في الحالتين إلى أسباب دائمة وأسباب مؤقتة.

فأما ما يخص الأم، فإن الطفل يمكن أن يعطى بدائل الرضاعة الطبيعية بصورة مستمرة إذا توفيت الأم لا سمح الله، أو كانت مصابة بمرض نقص المناعة المكتسبة «بشرط توفر البديل المستساغ بصورة مستمرة وبشكل آمن»، أو كانت تأخذ العلاج الكيميائي لعلاج السرطان، أو أن تكون أصيبت بمتلازمة شيهان بعد الولادة بسبب النزف الشديد، مما أدى إلى قصور في عمل الغدة النخامية، وبالتالي إلى قصور في هرمونات إنتاج وإطلاق الحليب. والسبب الأخير هو أن يكون إنتاج الأم الحليب قليل وهنا لنا وقفة.

للأسف الشديد يتسرع الكثير بالحكم على الأم أن حليبها غير كافٍ، والواجب أن يكون هذا التشخيص بواسطة أخصائية أو استشارية رضاعة طبيعية بعد التأكد من شكل الثدي، وتعلق الطفل والتقامه للثدي وقياس وزن الطفل ومقارنته بالمنحنيات العالمية للأطفال الذين يرضعون طبيعيا ومعرفة كمية البول ولون البراز وشكله.

إن نسبة الأمهات اللاتي لا ينتجن الحليب الكافي هو أقل من 2%? من الامهات، وقد يكون ذلك بسبب عيب خلقي أو عملية سابقة في الثدي، أما باقي الأمهات فإن هذا يكون اعتقادا خاطئا لديهن لأسباب كثيرة مثل بكاء الطفل، أو عدم نومه بشكل متواصل.

ويمكن أن يقدم للطفل بدائل الرضاعة الطبيعية مؤقتا إذا كانت الأم مريضة مرضا شديدا سبب دخولها للعناية المركزة، أو أنها تاخذ بعض الأدوية التي تؤثر على الطفل سلبا مثل أدوية الأشعة النووية، أو أن يكون عند الأم مرضا معديا قد يؤدي إلى عواقب وخيمة إذا أصيب به الطفل، كأن يكون الثدي مصابا بفيروس الهربس الذي يسبب إصابة الطفل بالتهاب السحايا والإعاقة.

ومن الحالات الخاصة التي يكون فيها إعطاء الطفل بدائل الرضاعة الطبيعية سببا طبيا مقبولا، هو كونه طفلا خديجا ولد قبل الأسبوع السابع والثلاثين من الحمل، أو أن يكون وزنه أقل من كيلو ونصف عند الولادة، أو أن يكون مصابا بمرض استقلابي وراثي، أو أن لا يزيد وزنه بالشكل الصحيح بالرغم من تدخل استشارية الرضاعة الطبيعية، والتأكد من أن الطفل يرضع بطريقة صحيحة.

وهناك أسباب عابرة تصيب الطفل، مثل نزول السكر أو الجفاف أو اليرقان، والتي تحتاج إلى إعطاء الطفل بدائل الرضاعة الطبيعية عاجلا وسريعا وحاسما، والذي قد يؤدي إلى ضرر الطفل إذا لم يقم الطبيب بذلك، فإن لم تتوفر الكمية الكافية من حليب الأم في هذه الحالة فلابد من أن يعطى الطفل في هذا المورد الحليب الصناعي، وهنا توصي أكاديمية الرضاعة الطبيعية الطبية بأن يكون الحليب المعطى للطفل من الحليب المعتمد في تركيبه على الأحماض الأمينية حتى لا يتسبب للطفل بحدوث أمراض مثل الحساسية، وأن يكون الأمر واضحا للأم بأن هذا علاجا مؤقتا حتى يتمكن الطاقم الطبي من تقييم الحالة تماما ومعرفة أسباب هذه الأمراض وعلاجها، ولكي لا تعتقد الأم أنها السبب لحدوث هذه الأمراض مما يضعف ثقتها بنفسها ومن ثم يقل إنتاج الحليب لديها.

هذه هي الأسباب الطبية المقبولة لإعطاء الطفل بدائل حليب الأم، أما خلاف ذلك من أسباب كأن تكون الأم متعبة أو مرهقة أو تريد أن تنام أو تشعر بالألم، أو أن يكون الطفل كثير البكاء وقليل النوم، أو أن لا تكون لديها الرغبة بالرضاعة الطبيعية، فلابد من تقييمها بواسطة اخصائية أو استشارية رضاعة طبيعية قبل وصف بدائل الحليب.

إن أطفالنا ومستقبلهم الذي هو مستقبل البلاد أمانة في أعناقنا، وإن إعطاءهم الحليب البقري المصنع كما أوضحت الدراسات سيؤثر في صحتهم وذكائهم وتحصيلهم العلمي والمعرفي، وحتى أدائهم الوظيفي في المستقبل،

فلنتقِ الله فيهم، فإنها فترة عامين أوصانا الله فيها بأن نعطيهم حقهم الطبيعي في الرضاعة وبعدها إما سيقول الطفل جزاك الله خيرا يا أمي أتعبت نفسك لتريحيني، أو أنه سيقول سامحك الله يا أمي، أرحتِ نفسك وأتعبتيني.

استشارية طب حديثي الولادة والخدج، واستشارية الرضاعة الطبيعية بمستشفى القطيف المركزي