آخر تحديث: 6 / 5 / 2024م - 11:11 ص

هل ولد أول من سيعيش حتى عمر 150 سنة؟

عدنان أحمد الحاجي *

30 يناير 2023

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم51 لسنة 2023

?Has first person to live to be 150 been born

January 30,2023

برفسور الوراثيات Geneticsيلخص الدراسات الأخيرة التي نشرت فيتعديل الجزيئات التي تعمل على التنظيم الجيني [وهي العملية التي تسمح للخلية بإنتاج البروتين عند للحاجة أو تثبيط الانتاح عندما لا تكون هناك حاجة له، بالاضافة إلى عمليات أخرى[1,2]] وإعادة ضبط الشيخوخة الخلوية للجسم. [الشيخوخة الخلوية هي انتكاس تدريجي في مقاومة الخلية للإجهاد بفعل الأمراض والسموم والأضرار التي تتعرض لها من خارجها، مما يتسبب في فقدان تدريجي للوظائف الخلوية وفي النهاية يؤدي إلى موت الخلايا [3] ]

يُعتقد منذ فترة طويلة أن الشيخوخة تحدث بسبب طفرات متراكمة في الحمض النووي، والتي تتداخل / تتعارض تدريجياً مع أداء الوظائف الطبيعية للخلايا والأنسجة والأعضاء. في يناير 2023، أفاد باحثون من جامعة هارفارد بأنهم أعادوا عقارب الساعة إلى الوراء لفئران المختبر وذلك بتعديل الإبيجينوم [فوق الجبنوم [4] ]، وهو مجموعة من الجزيئات التي تقوم بالتنظيم الجيني بطرق تخص أنسجة مختلفة بعينها. نظرًا لأن تعديل الإبيجينوم أسهل من تعديل الحمض النووي نفسه، فإن هذا الاكتشاف يرفع من احتمالية القدرة على إعادة ضبط الجسم لتجديد قدرته على محاربة الأمراض، مثل أمراض الزهايمر والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية والأورام السرطانية، التي تتزايد الاصابة بها مع التقدم في السن. تحدثت مجلة جامعة هارفارد ذا غازيت The Gazette مع البروفسور في الوراثيات ديفيد سينكلير David Sinclairومدير مركز بول غلين لبحوث بيولوجيا الشيخوخة.

برفسور ديفيد سنكلير وطالب ما بعد الدكتورا جاي هيون يانغ Jae-Hyun Yang

ذا غازيت: ديفيد، لقد قلت إنك تعتقد أن أول شخص الذي سيعيش حتى 150 عامًا قد ولد بالفعل. هل تغير هذه الدراسة ذلك الاعتقاد وهل من الممكن أن يكون الكثير من الناس الذين سيعيشون حتى يبلغوا من العمر 150 عامًا قد ولدوا بالفعل؟

سينكلير: على مدى العشرين عامًا الماضية، وُجد عدد من الجزيئات التي تبطيء عملية الشيخوخة، على الأقل في الحيوانات، ومن المحتمل أن يكون هناك اثنان من الأدوية يستطيعان أن يؤخرا الشيخوخة في البشر؛ مما جعلني أتفاءل بأن الشخص الذي ربما سيعيش حتى 150 عامًا قد ولد بالفعل. في هذه الورقة، أثبتنا أنه من الممكن إعادة عقارب ساعة «عمر» الجسم بنسبة تصل إلى 50 بالمائة. وعندما نتمكن من عكس مسار الشيخوخة وليس فقط إبطاء عملية الشيخوخة، فإن النتائج يصعب التكهن بها. نحن نعرف الآن أنه يمكن إعادة ضبط العين عدة مرات واستعادة الرؤية لدى الفئران المسنة / الهرمة - وقد ذكرنا ذلك في ورقتنا التي نشرت كموضوع غلاف في مجلة نتشر Nature في 2020، في هذه الورقة ذكرنا أنه يمكننا عكس الشيخوخة في الأنسجة الأخرى أيضًا، باستخدام نفس التقنية. إذا تمكنا من إعادة ضبط عمر الجسم عدة مرات، أعتقد أنه سيكون من الخطر وضع حد أعلى لإعادة هذا الضبط.

"نحن نستكشف إمكانية أنه عندما نعيد ضبط عمر الجسم، فمن شأن أمراض مثل مرض الزهايمر وأمراض القلب والأوعية الدموية أن تختفي - كما يقول ديفيد سنكلير

غازيت: هذا البحث يثبت أنه بالإضافة إلى معرفة أن الشيخوخة ناتجة عن طفرات في الحمض النووي، فإنها تأتي أيضًا من تحلل في الإبيجينوم. هل يمكن أن تشرح بإيجاز ما هو الإبيجينوم وما إذا كانت هذه أخبار جيدة لموضوع الشيخوخة؟

سينكلير: الفكرة القديمة هي أن الطفرات هي السبب وراء الشيخوخة، وإذا كان هذا صحيحًا، فإن مشكلة عكس العمر تكمن في صعوبة اصلاح الطفرات. سنحتاج إلى إصلاح تريليونات منها في الجسم حتى تتمكن من عكس الشيخوخة. ولكن، بدلاً من ذلك، نعتقد أن المشكلة ترجع في الغالب إلى فقدان المعلومات الأبيجونومية «فوق جينومية» وليس فقدان المعلومات الجينية، وهو خبر سار لأننا اكتشفنا أيضًا أن هناك نسخة احتياطية من المعلومات الأبيجونومية في كل خلية. لذلك، بدلاً من أن تكون الشيخوخة مشكلة مادية hardware، كما لو أن لديك جهاز كمبيوتر قديم، فقد اكتشفنا أنها مشكلة برمجية software ولذلك بإمكاننا أن نعيد تشغيل برنامج الكمبيوتر القديم والاستفادة منه مرة أخرى كما لو كان جديدًا.

غازيت: والإبيجينوم هو في الأساس جزيئات تخبر الحمض النووي ماذا يفعل؟

سينكلير: هذا صحيح.

غازيت: ما هي المقاربات التي قد تكون قادرة على التأثير في الإبيجينوم؟

سينكلير: لدينا بالفعل دواء قيد التطوير لإعادة ضبط عمر الجسم - وهو موجود في الرئيسيات غير البشرية [كالقردة] في الوقت الحالي - لعلاج العمى. نعتقد أن نفس التقنية التي نستخدمها في هذه الورقة وفي القرود يمكن استخدامها لإعادة ضبط عمر أي جزء من الجسم حرفيًا. التطبيقات واسعة في هذا المجال بقدر ما تتخيل - حتى إعادة ضبط الدماغ، والذي يبدو أنه سيسمح للفئران بالتعلم مرة أخرى. نحن الآن نستكشف إمكانية أنه حين نستطيع إعادة ضبط عمر الجسم، ستنتهي الأمراض، كمرض الزهايمر وأمراض القلب والأوعية الدموية. ستكون هذه مقاربة جديدة لعلاج الأمراض الرئيسة على الأرض.

غازيت: هل من المحتمل أن الجينات الثلاثة التي استخدمتموها، Oct4 وSox2 وKlf4، ستكون علاجًا للبشر؟ هل هناك مخاوف بشأن تطويرها لأورام سرطانية وهل لها آثار جانبية أخرى؟

سينكلير: مع كل دواء هناك مخاوف تتعلق بسلامة استخدامه، بما في ذلك مخاوف السرطنة. على مدى السنوات الأربع الماضية، أجرينا دراسات مكثفة على الفئران - والآن على القرود - لاختبار مدى سلامتها. حتى الآن، لا توجد مخاوف تجعلني أتوقف عن تجربته، على الرغم من أننا بحاجة إلى إجراء المزيد من الاختبارات للتأكد أكثر. لكنني فوجئت بمدى سلامتها حتى الآن.

غازيت: استغرق هذا العمل البحثي 13 عامًا. هل هناك اختراق أم كانت الدراسة رتيبة ومملة، عامًا بعد عام، حتى وصلتم لهذه المرحلة منها؟

سينكلير: لقد كانت بالتأكيد عملية رتيبة. كان من الصعب جدًا التركيز على دراسة لم تجد طريقها للنشر لأكثر من عقد. يستحق جاي هيون يانغ، طالب ما بعد الدكتورا، قدرًا كبيرًا من التقدير لمثابرته في مواصلة الدراسة. كانت لحظة اليوريكا eureka [لحظة الإلهام أو الاكتشاف المفاجيء] - لحظة اليوريكا كانت عندما هندسنا الفئران جينيًا ثم عطلنا عملية الإيبيجينوم، في غضون أشهر، بدأت الفئران تهرم. لقد تلقيت صورة لتلك الفئران من شخص قال، ”يا إلهي، لدينا فأر مريض هنا.“ وقلت، ”هذا ليس فأرًا مريضًا، هذا فأر هرِم“. كانت تلك بداية رحلة الباحث جاي لفهم ماذا حدث في هذه الفئران وما إذا كانت هرمة بالفعل.

غازيت: يانغ، ما الذي دفعك إلى ذلك؟

يانغ: أعتقدت دائمًا أن هذا سينجح في عكس حالة الشيخوخة، لكن عندما رأيت النمط الظاهري «الشكل الظاهري [5] ] للفأر - حيث بدا بالفعل فأرًا هرمًا - أردت معرفة ما سبب هرم هذا الفأر. قمت بتحليل جميع الأنسجة لمعرفة التغيرات الفسيولوجية والجزيئية للتأكد مما حدث. كانت لحظة أخرى مفاجئة عندما وجدنا أنه نظرًا لأن هذه الأنماط الظاهرية كان وراءها تغيرات أبيجونبة، يمكننا في الواقع عكس بعضها وذلك بعمل تعبير جينات OSKالثلاثة ««Oct4 وSox2 وKlf4».

غازيت: ما هي العلاقة بين النتائج التي توصلت إليها والأشياء المعروفة بأنها مضادة للشيخوخة، مثل التمارين الرياضية والحد من تناول السعرات الحرارية، والتي لها أيضًا تأثيرات أبيجنومية. هل ما نراه هو غيض من فيض أم أن هذه التأثيرات مختلفة جدًا؟

سينكلير: هذه مظاهر لنفس العملية. لقد أثبتنا بالفعل في عام 2003 - في ورقة بحثية نشرناها في نتشر Nature عن الخميرة - وجدنا أن البيئة ترتبط بالشيخوخة من خلال سلاسل طول العمر، البروتينات السريرتية Sirtuins، التي تتحكم في الإبيجينوم. لذلك، في الخميرة، عرفنا ذلك. الآن في الثدييات، ما نعرفه هو أن هناك ثلاث بروتينات سريرتية في النواة تساعد في إصلاح الحمض النووي وكذلك تساهم في الثبات الإبيجونومي. وعندما تمارس الرياضة وعندما لا تتناول ثلاث وجبات في اليوم - وحين تصوم - وحتى إذا كانت درجات حرارتك مرتفعة أو منخفضة، فإن ذلك يحفز البروتينات السريرتية على أن تكون أكثر نشاطًا. ونعلم أن ذلك يمكن أن يثبّت الإبيجينوم.

يانغ: هناك عدة طرق للتلاعب بالإبيجينوم بالإضافة إلى بروتينات OSK. يمكن أن تكون عبر درجة الحرارة، كما ذكر ديفيد، وقد تكون من خلال ضغط ميكانيكي، وقد تكون عبر أدوبة. يستخدم الناس بالفعل العديد من الأدوية لتعديل الإيبيجينوم، خاصة لعلاج الأورام السرطانية. لذلك هناك العديد من الطرق الأخرى التي يمكننا استخدامها لعكس عمر خلايا أجسامنا وجعلها تبدو أصغر سنا.

غازيت: هل ما زلت تنظر إلى الشيخوخة على أنها مسألة حتمية؟

يانغ: أعتقد أنه لا مفر من الشيخوخة. الانتروبيا [6]  دائما لها اليد العليا. فهي قانون فيزيائي. في مرحلة ما من عمرنا سنموت حتمًا، لكن لا ينبغي أن يكون هذا الموت مبكرًا. تتطور هذه التقنيات الآن، وبسرعةً. لذلك، لا أعتقد أن احتمال بقاء الناس حتى عمر 150 سنة فكرة بعيدة.

غازيت: ما هي الخطوة التالية؟ لقد بدأت التجارب على الرئيسيات غير البشرية. متى تنتقل هذه التجارب إلى تجارب سريرية؟

سينكلير: تبدو الأمور واعدة في دراسات الرئيسيات غير البشرية. لو نجحت هده الدراسات، فسيتم علاج أول الناس بعد سنتين فقط من انتهاء هذه الدراسات. هل هذا يعني أنها ستنجح في البشر؟ لا. ولكن لو نجح في علاج العمى في أحد القرود، فأنا متفائل أنه سينجح في البشر. فإن لم ننجح في السنوات القليلة القادمة، فسينجح غيرنا [ان شاء الله]، لأن هناك حوالي 5 مليارات دولار مستثمرة في تطوير أدوية لمحاربة الشيخوخة منذ أن نشرنا ورقتنا في مجلة نتشر Nature في عام 2020. هناك العديد من الشركات التي تعمل الآن على هذه الأدوية. لذلك، على الرغم من أننا كنا المبادرين، لو لم ننجح فلابد أن ينجح غيرنا من الباحثين الآخرين.

غازيت: هل هناك أفكار أخيرة؟

سينكلير: لو كنا على صواب، فهناك سبب عام للشيخوخة في كل من أنسجة الجسم وفي كل الأنواع الحية على ما يبدو، من الخميرة إلى البشر، وأمراض مثل أمراض القلب والسكري ومرض الزهايمر هي مظاهر لهذه الشيخوخة. إذا تمكنا من إبطاء أو عكس عملية الشيخوخة، فهذه من شأنها أن تكون مقاربة جديدة جذرية لعلاج هذه الأمراض. نفس الدواء المستخدم لعلاج أمراض القلب أيضًا يمكن أن يعالج مرض الزهايمر والسكري، ويجعلنا نبدو أصغر سنًا أيضًا. ستكون تلك هذه اللحظة لحظة رائعة. قد نشهد مقاربة جديدة لعلاج الأمراض بشكل عام.

مصادر من خارج النص

[1]  https://medlineplus.gov/genetics/understanding/howgeneswork/geneonoff/

[2]  https://en.wikipedia.org/wiki/Regulation_of_gene_expression

[3]  http://mapageweb.umontreal.ca/rokeach/recherche/vieillissement_EN.html

[4]  ”إبيجينوم epigenome «فوق الجينوم»: مشتق من الكلمة اليونانية“ epi ”وتعني“ فوق"، ال إبيجينوم يصف التعديلات التي تدخل على الجينوم والتي لا تؤثر في تسلسل الحمض النووي ولكنه يحدد ما إذا كانت الجينات في حالة نشطة أو في حالة تثبيط في المكان والزمان المطلوبين. فإذا كان الجينوم مشابهًا لسيناريو المسرحية، فإن الجينوم هو تفسير المخرج والممثلين لها. ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان

https://www.futurelearn.com/courses/the-genomics-era/0/steps/4875

[5]  ”النمط الظاهري «phenotype» هو التكوين الظاهري الفيزيائي للكائن الحي. وهو عبارة عن مجموعة الخصائص أو السمات الظاهرية الفيزيائية الخاصة بالكائن الحي، مثل شكله ونموه وخصائصه الكيميائية الحيوية والفيزيولوجية وظواهره وسلوكياته، ونواتج سلوكياته وأي جزء مما يظهر من مبناه وظيفته أو سلوكه.“ مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://ar.wikipedia.org/wiki/نمط_ظاهري

[6]  https://ar.wikipedia.org/wiki/إنتروبيا

المصدر الرئيس

https://news.harvard.edu/gazette/story/2023/01/has-first-person-to-live-to-be-150-been-born/?utm_source=SilverpopMailing&utm_medium=email&utm_campaign=Daily%20Gazette%2020230131%20 «1»