كيف تطلق العنان لإبداعك - حتى لو ترى نفسك مفكرًا عاديًا
بقلم ليلي تشو، أستاذ مساعد في الإدارة ونظم المعلومات وريادة الأعمال، جامعة ولاية واشنطن
9 يناير 2023
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
المقالة رقم 53 لسنة 2023
How to unlock your creativity - even if you
see yourself as a conventional thinker
Lily Zhu، Assistant Professor of Management، Information Systems and Entrepreneurship، Washington State University
January 9,2023
يمارس الناس التفكير الإبداعي [1,2] كل يوم، سواء أدركوا ذلك أم لم يدركوا. لو ظننت أن الإبداع / الخلاقية [3] أنه موهبة فطرية؟ أعد النظر مرة اخرى.
يعتقد الكثير من الناس أن التفكير الإبداعي صعب مستصعب - وأن القدرة على ابتكار أفكار بطرق جديدة ومثيرة للاهتمام لا يقدر عليها إلا بعض الموهوبين، لا معظم الناس.
غالبًا ما تصور لنا وسائل الإعلام المبدعين على أنهم ذوو شخصيات فريدة وغريبة ومتميزة [4,5] ولديهم مواهب فريدة. حدد الباحثون أيضًا العديد من سمات الشخصية المرتبطة بالإبداع، كالانفتاح على الخبرات والتجارب والأفكار ووجهات النظر الجديدة [6] . يبدو أنها معًا ترسم لنا صورة سيئة عن أولئك الذين يعتبرون أنفسهم مفكرين تقليديين / عاديين، وكذلك أولئك الذين لا يعملون في وظائف إبداعية - بما فيها الوظائف التي غالبًا ما تُعتبر تقليدية / عادية وغير إبداعية، مثل المحاسبة وتحليل البيانات.
هذه المعتقدات تغفل جانبًا رئيسًا عن كيف يعمل الإبداع في الدماغ: التفكير الإبداعي هو في الواقع شيء نمارسه كل يوم، سواء أدركنا ذلك أم لم ندركه. علاوة على ذلك، الإبداع هو عبارة عن مهارة يمكن تقويتها. وهذا يُعد مهمًا حتى بالنسبة للذين لا يعتبرون أنفسهم مبدعين أو لا يعملون في مجالات إبداعية.
في البحث [7] الذي نشرته مؤخرًا مع باحثيَنِ في التنظيم والإدارة هما كريس بومان Chris Bauman ومايا يونغ Maia Young، وجدنا أن إعادة النظر في تفسير الحالة المحبطة والمخيبة للآمال، التي بإمكان المرء أن يعمل أي شيء حيال المشكلات التي قد تسببها، قد تعزز وتقوي إبداع المفكرين التقليديين.
توظيف التفكير الإبداعي للتغلب على المشاعر السلبية
غالبًا ما يُعرّف الإبداع على أنه عملية تنطوي على توليد أفكار أو رؤى جديدة ومفيدة. أي أن الأفكار الإبداعية لابد أن تكون أصلية وغير متوقعة، ولكنها أيضًا مجدية ومفيدة. أمثلة يومية على عملية الإبداع وفيرة، ومنها: جمع بقايا الطعام لإعداد طبق جديد لذيذ؛ والتفكير في طريقة جديدة لإنجاز الأعمال المنزلية؛ والمواءمة بين قطع الملابس القديمة لتظهر بملبس جديد.
هناك طريقة أخرى لتوليد أفكار ابداعية وهي ممارسة ما يسمى ب ”إعادة تأطير حالة سلبية والتفكير فيها بصورة ايجابية [8] [المترجم: من أمثال: ﴿ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي﴾]“ - وهو عبارة رؤية الحالة بعدسة أخرى لتحويل المشاعر السلبية إلى أخرى ايجابية. هناك عنصر إبداعي في هذه الطريفة: الابتعاد عن وجهات النظر والافتراضات القائمة والتفكير فيها بطريقة جديدة.
لنفترض أنك محبط، من مخالفة تلقيتها بسبب ركن سيارتك خطأً. للتخفيف من مشاعرك السيئة بإمكانك اعتبار المخالفة على أنها فرصة تعلمت منها لا تكررها في المستقبل.
إذا شعرت بالقلق بشأن المحاضرة التي ستلقيها في مكان عملك، فبإمكانك التغلب على الشعور بالقلق وذلك بتأطيرها على أنها فرصة لك لتتبادل أفكارًا مع الحاضرين، بدلاً من تقديم المحاضرة على أنها شيء يترتب عليه رهانات ومخاطر كبيرة قد تؤدي إلى خفض مرتبتك / درجتك الوظيفية لو قدمتها بصورة سيئة [ولم تنجح في تقديمها بصورة مرضية] [9] .
وإذا مرة غضبت من تصرفات أحد الأشخاص التي ربما بدت عدائيًة بلا سبب أثناء حوار حدث بينكما، فبإمكانك أن تعيد النظر في الموقف، وتنظر إلى تصرفاته على أنها ليست متعمدة ولا تسبب ضررًا [المترجم: يعني أن تظن به خيرًا وتحمله على سبعين محمل كما ورد].
تدريب قواك الإبداعية
لاختبار العلاقة بين التفكير الإبداعي وبين إعادة تأطير حالة سلبية والتفكير فيهاايجابيًا، قمنا باستطلاع آراء 279 شخصًا [10] . يميل أولئك الذين حظوا بمرتبة عليا في سلم الإبداع إلى إعادة تأطير الحالات السلبية والتفكير فيها ايجابيًا في كثير من الأحيان أثناء حياتهم اليومية.
مستوحين من العلاقة بين إعادة تأطير الحالات السلبية والتفكير فيها ايجابيًا وبين التفكير الإبداعي، أردنا أن نرى ما إذا كان بإمكاننا استخدام هذه الرؤية لتطوير وسائل لمساعدة الناس على أن يكونوا أكثر إبداعًا. بمعنى آخر، هل يمكن أن يمارس الناس إعادة تأطير الحالات السلبية والتفكير فيها ايجابيًا حتى يتمكنوا من تدريب قواهم الإبداعية؟
أجرينا تجربتين حيث تعرضت عينتان من مشاركين جديدتان - مجموعهما بلغ 512 شخصًا - إلى سيناريوهات مصممة لإثارة استجابة انفعالية لديهم. وكلفناهم استخدام أحد أساليب ثلاثة لإدارة انفعالاتهم. طلبنا من بعض المشاركين تثبيط استجاباتهم الانفعالية، وطلبنا من البعض الآخر أن يفكروا في شيء آخر يشتت انتباههم ويلهيهم وطلبنا من المجموعة الثالثة إعادة تأطير الحالة الإنفعالية والتفكير فيها من منظور مختلف. بعض المشاركين لم يستلموا أي تعليمات بشأن كيف يديرون مشاعرهم.
في مهمة تالية ليس لها علاقة بالطلبات السابقة، طلبنا من المشاركين ابتكار أفكار إبداعية لحل مشكلة من مشكلات العمل.
في التجربتين السابقتين، المفكرون التقليديون / العاديون الذين حاولوا إعادة تأطير الحالة الإنفعالية والتفكير فيها إيجابيًا توصلوا إلى أفكار كانت أكثر إبداعًا من الأفكار التي توصل إليها المفكرون التقليديون الآخرون الذين ثبطوا استجاباتهم الانفعالية، أو الذين فكروا في شيء يشتت انتباههم ويلهيهم أو المجموعة التي لم تتلقَ أي تعليمات على الإطلاق.
تنمية التفكير المرن [التفكير المرن هو التوصل إلى أكثر من حل واحد للمشكلة]
المشاعر السلبية مشكلة لا مفر منها أكانت في العمل أم في الحياة اليومية. ومع ذلك، غالبًا ما يخفي الناس مشاعرهم السلبية عن الآخرين أو يفكرون في / ينشغلون ب أشياء تشتت اتباههم «تلهيهم» لتفادي التفكير في إحباطاتهم.
النتائج التي توصلنا إليها لها آثار ايجابية في كيف يفكر المدراء في أفضل طريقة للاستفادة من مهارات الموظفين لديهم. عادة ما يقوم المدراء بتعيين المرشحين على وظائف إبداعية وغير إبداعية بناءً على قرائن تشير إلى إمكانات إبداعية لدى البعض [11] هذه القرائن ليست عوامل تنبؤية هشة على الأداء [10] ، ولكن الممارسات المستخدمة في توظيف الموظفين هذه قد تحد أيضًا من استفادة المدراء من الموظفين الذين يمكن أن تلعب معرفتهم وخبراتهم أدوارًا رئيسة في توليد أفكارًا إبداعية.
والنتيجة هي أن الإمكانات الإبداعية لجانب كبير من القوة العاملة قد تكون غير مستغلة بالكامل. تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أنه يمكن للمشرفين أن يدربوا القوة العاملة ويطورا تدخلات لتنمية القوة الإبداعية في موظفيهم - حتى في أولئك الموظفين الذين قد لا يظهر عليهم ميل للإبداع.
يشير بحثنا أيضًا إلى أنه يمكن للناس ممارسة التفكير المرن كل يوم في حال تعزضهم لمشاعر سلبية. على الرغم من أن الناس قد لا يتحكمون دائمًا في الظروف الخارجية، إلا أن لديهم الحرية في اختيار كيف يتغلبون على المواقف الانفعالية - ويمكنهم فعل ذلك بطرق تساعدهم على زيادة إنتاجيتهم وتحسين رفاهيتهم.