آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 10:41 م

قصة قصيرة

خلخال سامي

جلال عبد الناصر *

وقف ”سامي“ أمام المرآة يتأمل في تسريحة شعره. ثم راح يعضّ شفتيه وكأنّ شيئًا لم يَرُقْ له. فارتسمت على وجهه بعض ملامح القلق. ثم أدخل يده في جيب بنطاله الخلفي، وسحب مشطه الوردي ليعيد شكل تسريحته؛ محاولًا إقناع نفسه بصبغة شعره الجديدة. ثم راح يمسح على حواجبه التي قام للتوّ بتحديدها. وتراجع للوراء قليلًا ليلقي نظرة على خصره. فظهرت عليه علامات الرضا. فحمية ”الكيتو“ القاسية التي بدأها قبل أسابيع آتت أكلها. وما هي إلا ساعة حتى التقى ب ”فايز“ في المقهى. حيث أعدّ الأخير مفاجأة لـ ”سامي“. وما هي إلا دقائق حتى وصلت المفاجأة. إنه ”محمود“. الذي جاء يمشي بهدوء، كما لو كان قطًا شيرازيًا.

وبينما كان ”سامي“ يستطعم رائحة آيس كريم التوت. إلا أنّ رائحة كريم الليمون التي جاءت من الخلف كانت أقوى. ثم نهض ”سامي“ من مكانه صارخًا ”محمود... محمود“. وتبادلا الأحضان والقبلات. ثم جلس ”محمود“ يحدثهم عن رحلته، وتجربته مع عيادة التجميل. ثم قطع ”فايز“ الحديث مقترحًا الذهاب للمتجر. سار الثلاثة على الممر الرخامي وكأنهم في صالة عرض أزياء بضواحي باريس. ونظرات ”فايز“ موجّهة نحو لافتات طلاء الأظافر. بينما عيون ”سامي“ مصوبة نحو محلات أصباغ الشعر. وكالعادة ”محمود“ يهوى الكريمات. وما إن وصلوا إلى متجر الاكسسوارات حتى توجه ”فايز“ نحو البائعة يسألها: ايش آخر موديلات الخلاخل؟... عندنا حفلة توديع عزوبية. فما كان من البائعة إلا تنظر إليه نظرة ازدراء. ثم سألته وعيناها نحو السقف: تبغى خلاخل!... ثم حدّقت به قائلة وبنظرة قاسية: شوفهم عند الجزم ".

وضع ”فايز“ يده على فمه وكأنه تلقى إهانة أو شتيمة من البائعة. فتركها وتوجه نحو أحد الموظفين متسائلًا عن مدير المعرض. وما هي إلا دقائق حتى وصل شاب أسمر قد غلب اللون الأحمر على بياض عينيه قائلًا: تفضل، معك ”مرزوق“... وش بغيت. وراح فايز يروي ما حدث مع البائعة. وفوجئ بمرزق يسأله: طيّب، وين الخطأ؟... الخلاخل جنب رفّ الجزم.... تعال وياي عشان تتأكد بنفسك. لما وصلا إلى المكان وجدا ”سامي“ يجلس على الأرض يجرّب مجموعة من الخلاخل ويقف إلى جانبه ”محمود“ يحمل بيده مجموعة مختارة. وسرعان ما وقف ”سامي“ رافعًا بنطاله ويسأل ”فايز“ عن رأيه.

وهنا وقف مرزوق يتأمل في الثلاثة. محاولًا تفسير ما يجري. وإذا بصوت نغمات تنطلق من جوال ”سامي“ فعرف أنّ المتصل خطيبته... وفتح هاتفه قائلًا: هلا قلبي... أنا مع الشباب نتسوق عشان حفلة الليلة. وإذا ب ”محمود“ يقول محاولًا إيصال صوته لخطيبة ”سامي“: لا تخافي عليه، إحنا مهتمين فيه. وإذا بمرزوق يقول لـ ”فايز“: ها! صدّقت أنّ الجزم جنب خلاخلكم... تبغى مساعدة لو خلاص؟ فردّ سامي قائلًا: ما قصّرت يبو ”سمرة“ وتقدر تشاركنا حفلة الليلة لو حبيت. وما إن خرج الثلاثة من المكان، حتى وقف ”مرزوق“ إلى جانب تلك الموظفة يقول لها: في أوروبا كان يكتب على المحلات: ممنوع دخول الكلاب... وممنوع دخل اليهود. ما رأيك لو نعيد صياغة تلك العبارة ونعلّقها على باب المتجر.

اختصاصي نفسي في مجمع إرادة للصحة النفسية بالدمام