آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 8:57 ص

اللامبالاة

محمد العلي * مجلة اليمامة

الكلام الأخير

1. قال الذي «كاد من شهرة اسمه لا يسمى»:

«أصخرة أنا مالي لا تحركني هذي المدام ولا هذي الاغاريد»

2. قال الشاعر وليام وردزورث: «إنني الآن أرى الطبيعة، لكنني لا أحسها»

3. قال الشاعر الكبير قاسم حداد:

«سبق لي، وعبر محطات عديدة في مسيرتي، أن نظرت خلفي بغضب، الآن أميل إلى اللامبالاة. لدي تاريخ كثيف من الجراح. وبشكل عام أنا مؤمن بأن الشاعر يجب ألا يتورط، أو ينشغل بمتغيراته الآنية، عليه أن يبقى فى مسافة بين نصه وبين الواقع الخارجي. من هنا فقط يمكن للقصيدة أن تعكس ما هو جوهري، وليس سطحيا من أمور الحياة»

4. قال الشاعر هاشم الجحدلي:

«للأسف صرت عقلانيا، حتى نحو الأشياء التي أعشقها والتي لا أطيقها»

هل هو التعب؟ هل هو الشعور بالا جدوى؟ هل هو انقلاب في الرؤية؟ هل هو السأم؟ أم هذه كلها متضافرة، أفضت إلى هذا التحول من معاناة الواقع وهمومه، إلى تحجر الانفعال الجمالي عند المتنبي، وإلى تبلد الإحساس عند وردزورث، وإلى رمي العبء عن الكاهلين والوصول إلى اللامبالاة عند قاسم، وإلى فقدان الغليان الوجداني، والوصول إلى العقلانية الباردة عند االجحدلي؟ ثم لماذا كل هؤلاء الذين ذكرناهم شعراء؟

وقعت في حيرة بليدة؛ لأني لم أقتنع بقول علم النفس

«اللامبالاة هي أن يتصرف المرء بدون اهتمام في شئون حياته، وحياة المجتمع، أو أنها ملجأ لمن يفر من ضغوطات الحياة وقسوتها» لم أقتنع بهذا، على الرغم من تصريح قاسم به. هنا عدت إلى كتاب «فن اللامبالاة» لمارك مانسون فهذا الكتاب يقرر أن الاهتمام «اللامبالاة» لا يزول، بل ينصرف إلى أشياء أهم مما سبق الاهتمام به «إنك تختار دائما ما تمنحه اهتماما» ويضيف «يحدث النضج عندما يتعلم الإنسان ألا يهتم إلا بما يستحق الاهتمام «...» ويكون هذا نوعا من التحرر بالنسبة إلينا. لا نعود في حاجة إلى الاهتمام بكل شيء. «فالحياة هي الحياة فحسب، ونحن نتقبلها بحلوها ومرها»

أنت، هل قنعت بما قاله علم النفس، أو كتاب فن المبالاة؟ إن ذلك من شأنك. ولكن لو سألتك: ما هو تعليلك أنت لهذا الإحساس الذي أصاب هؤلاء الشعراء رغم اختلاف الزمان والمكان والمستوى الابداعي؟ سوف تضحك من السؤال قائلا: هل هذا هو الإحساس الوحيد الذي يصيب مختلفين، ويبقى تعليله مضمرا؟

كاتب وأديب