آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 10:08 ص

مسلم بين الأمانة والمروءة

عبد الله حسين اليوسف

أخذ ساعي البريد يحمل الرسائل يوما بعد يوم يريد من الإمام الحسين القدوم للعراق والكوفة خصوصا، وهنا استجاب الإمام للنداءات المتكررة لأهل الكوفة لطلبهم قدوم الإمام كقائد ومصلح.

اختار الإمام الحسين مسلم بن عقيل الذي أعده إعدادا مسبقا؛ لأن الإمام عاش في عهد معاوية وإمامة الحسن بإعداد نخبة من الأنصار، ومنهم مسلم بن عقيل حيث كانت رسائل الكوفة تخبرك عن مسلم بن عقيل وشخصيته القوية التي أعدها الإمام وأن الرائد.

لا يكذب أهله:

«وإنّي باعث إليكم أخي، وابن عمّي، وثقتي من أهلي مسلم بن عقيل، فإنه كتب إليّ أنّه قد اجتمع رأي ملئكم وذوي الحجا والفضل منكم على مثل ما قدمت به رسلكم، وقرأته في كتبكم، أقدم عليكم وشيكاً إن شاء الله تعالى».

وتوجه مسلم بن عقيل ومعه اثنان من المساعدين له لإرشاده إلى الطريق ولكن حكم القضاء عليهما أن لا يصلا إلى الكوفة، بل أتتهما المنية في الطريق حيث الجو ولهيب الصحراء الحارق أثر عليهما لكن مسلم بن عقيل صاحب الشكيمة والعزيمة، ويتميز بالصبر والرضا بقضاء الله وقدره، الذي كان مصرا أن يواصل المسير مهما تغيرت الأحداث والوقائع، ودخل إلى الكوفة بيد تصافح ويد تحمل رسالة الإمام الحسين . وبايعه أهل الكوفة من رجال ونساء حتى تظافر عليه القوم، وشدوا من أزره. واطمأن له الحال فبعث رسالة إلى الإمام ليخبره أنه سيجهز له كل ما يلزم لقدومه، لكن يلعب المال والجشع والطمع والخيانة والغدر على قلب الطاولة على مسلم بن عقيل ، وانسحب عنه القوم حتى كادوا أن يسلموه يدا بيد، لكن صعوبة الموقف وتسارع الأحداث حيث تم القبض وسجن كثير من أنصاره وخروج واختباء البعض.

أما موقف مسلم بن عقيل البطل الصامد والوفي حتى عندما كانت لديه الفرصة أن يقتل عدوه قال: إن الإيمان قيد الفتك، فلا يفتك مؤمن؛ لأنه يحترم الضيف حتى لو كان عدوه!

وكما يحكي التاريخ أنه دخل المسجد يصلي بأصحابه، فعندما التف لم ير أحدا، فعرف من تخلى عنه فخرج من المسجد ولم يصلي معه أحد. تخلوا عن الإمام الحسين ودعوته لهم كانت لمن يريد الحق بدون أن يتأذى أو يصاب بضرر.

«فإذا مُحصوا بالبلاء قل الديانون».

وخرج من المسجد وترك جواده يسير في طريق وسار هو في اتجاه آخر ووقف عند باب تلك المرأة الفاضلة ذات الموقف الإنساني طوعة «رضوان الله عليها» عندما رآها مسلم بن عقيل صاحب المروءة طأطأ رأسه إلى الأرض استحياء كي لا ينظر إليها فعندما أحضرت له الماء وشربه دخلت هي فرجعت ورأته واقفا فقالت:

سبحان الله يا عبد الله قم عافاك الله إلى أهلك، فإنه لا يصلح لك الجلوس على بابي ولا أحله لك، أصاب قلب مسلم بن عقيل جرح كبير في قلب الرجل المؤمن والفقيه العارف بأحوال الزمان والمكان، رد عليها بقلب خاشع وصوت خنقته العبرة فهل لك في أجر ومعروف ولعلي مكافيك بعد هذا اليوم.

وبعد ما جرى من أحداث وآوته عندها اجتمع الأعداء عند البيت فخرج كي لا تهتك حرمة المنزل وقاتلهم ولكنهم دبروا له الخديعة وهي الحفرة التي أنشؤوها كي يقع فيها مسلم بن عقيل .

سؤال: هل كانت هذه الحيلة موجودة في الحروب سابقاً؟

قبضوا على مسلم بن عقيل رضوان الله عليه.

وعلينا نذكر بعض التشابه بين الإمام الحسين ومسلم بن عقيل

1/ قتل الإمام الحسين وحده بعد أن قتل أصحابه وأنصاره كذلك مسلم بن عقيل قتل وحده.

2/وقفت مع الإمام الحسين السيدة زينب ووقفت مع مسلم بن عقيل طوعة.

3/تكسرت ثنايا الإمام الحسين بالقضيب وتكسرت ثنايا مسلم بن عقيل بالسيف.

4/تكسرت أضلاع الإمام الحسين بعد رضها بالخيل ومسلم بن عقيل تكسرت أضلاعه بعد أن رمي من القصر.

5/استشهد الإمام الحسين عطشانا ومات مسلم بن عقيل عطشانا.

6/فكان هذا درسا للتاريخ وعبرة للزمن وغدر به من بايعوه بالأمس إلى أن حاربوه اليوم ولا يزال مسلم بن عقيل رضوان الله عليه رمز الشهادة والانتصار على الظالم حتى لو كان شهيدا مقتولا وسلام الله على الحسين وعلى أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين .