آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 10:08 ص

من وحي كربلاء نقتبس الهدى - 3

عبد الله حسين اليوسف

اليتم وتلك الكلمة من يسمعها ينكسر قلبه، وتدمع عينه ومن يحن إلى اليتيم غير أب اليتامى، لقد جسدت واقعة كربلاء اليتم كظاهرة لها وقع في النفوس. ومنها يتيمة الحسين تركت بالمدينة لتمثل الحسين هناك، وتذكرهم به وتشعرهم بأن حركة الحسين يتيمة وهي خالدة على مر العصور. أخذت تلك اليتيمة تعد الأيام واليالي، وتستشعر كل همسة وحركة، وتسأل الركبان وكل من قدموا من العراق عن خبر أبيها، ولا تسمع إلا النعي والبكاء على فقد الحبيب.

ولسوء الحظ بأنها لا تحظى بلقاء. وهذه حال كربلاء من يتيم إلى آخر تذكرنا بيتيمة أخرى كان قدرها أن تعيش مع أبيها من لحظة إلى لحظة للتعلم منه، وتهيئ سجادة صلاته، وتقبل رأسه بين الفترة والأخرى، ولم تدرك أن ذلك الرأس الذي كانت تلثمه حبا وتقبيلا أنها سيهدى لها ذات يوم، ويكون سببا في إزهاق روحها عليه تفجعا وألما. كل تلك الأحداث تمر على شريكة الحسين في نهضته. تلك الأخت التي قالت له: اذهب ولا تخشى على أطفالك ونسائك فأنت قربان آل محمد فاحتضنت أيتامه، وأخذت ترعاهم حتى في أحلك الظروف، تلتقط أطفال الحسين من بين أرجل الخيل وفوق كثبان الرمال لتحتضنهم وتشعرهم أنها كفيلتهم. نستشعر كل خطوة في كربلاء أنه هؤلاء الأيتام هم مشاعل وطرق الهداية، وتستمر النهضة الحسينية بهم، ويكون لها الصدى على مدى الأزمان والأمكنة.

يقول الشاعر محمود القلاف:

سَارتْ بدربِ العشقِ واثقَةُ الخُطى
تلكَ النفُوس وطَابتِ الخُطواتُ