آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 12:09 م

ما بعد العاشر من محرم

عبد الله حسين اليوسف

إذا وقع المال في يد لا يحسن استخدامه، وبه يصنع القوة، ويؤدي إلى البطش والخديعة، ويحقق بذلك الظلم بكل صفاته الذميمة، ويبرز له صاحب الإيمان والأخلاق وقوة الحق متسلحا بالفضيلة والمحبة والعدل بكل صفاته الحميدة.

إذا تم الاستفسار وعمل استقراء على وجه الأرض لجاء الجواب أن الحق معروف مئة بالمئة والباطل معروف كذلك.

إذا وضعت هذه الشخصيات أمامك عليك أن تختار بينها، أن تقارن بين الشخصية الإيمانية والشخصية الضالة المضلة، وأن تميز بينها بكل صفة وفعل وآثار ما تخلفه تلك الشخصيات، وأن تتعرف على الشخصية الإيمانية من خلال الإمام الحسين الذي يسير بهدى وما خطه النبي ﷺ وأن يكون مصداقا للإيمان والدين، وأنه القرآن الذي يمشي على الأرض وما يهدي إليه من خلق ومعارف إنسانية.

في كل سنة تعاد ذكرى واقعة كربلاء والصراع بين الحق والباطل، وكيف تتهيأ المجالس الحسينية والمآتم في شرق الأرض وغربها لإحياء تلك المناسبة، وكيف يندفع الصغير والكبير والأسرة والمجتمع نحو الحضور والمشاركة كل حسب قدرته واستطاعته، من يمتلك المال أو الفصاحة أو من لديه قلم يجيره في ذكرى المصاب، أو من يعقد الدورات والتدريب والمخيمات لتعرف النشء بما جرى على الإمام الحسين وأطفاله ونسائه، ويتمعن في خطبه وما سجله التاريخ، مثل: خطبة السيدة زينب التي نقتدي بها، ونسير على هداها. ويبقى دم الإمام الحسين وشهادته لها حرارة تدمع العين، وتحز في النفوس على كل ما جرى، وما يروى على ألسن الخطباء قصة بعد قصة وحدثا بعد حدث كأنه فيلم سينمائي يصوره لك الخطيب وتعيشه بوجدانك، ويمر في سمعك قرع طبول الحرب وأسنة السيوف، وطعن الرماح كأنك ترى السهام تصل إلى مخيم الإمام الحسين .

هناك سهام وضربات معينة تتذكرها كتلك النبلة التي أصابت الحسين أو مولانا العباس أو الرضيع فكيف استطاع ذاك الرامي أن يرميها؟!

وبين الرضيع ونبلة حرمة لا عقل يتخيلها إن كان ذنب للكبار فما ذنب الصغار؟

ألم يعلم العدو أن تلك الضربة بكل سلاح تم استخدامه وحتى الأسلحة البيضاء كما يقال مثل الحجارة والخشب وكل ما حدث من جريمة في ساحة القتال لم يكتفي العدو بذلك، بل عمد على حرق الخيام، وسلب حرائر النبوة غير حافلين بمَنْ في الخيام من بنات الرسالة وعقائل النبوّة. وكما روي عن الإمام زين العابدين :

«والله، ما نظرت إلى عمّاتي وأخواتي إلاّ وخنقتني العبرة، وتذكّرت فرارهن يوم الطفّ من خيمة إلى خيمة، ومن خباء إلى خباء، ومنادي القوم ينادي: أحرقوا بيوت الظالمين».

ستبقى في النفوس تذكر الناس أن الحق والفضيلة هما المنتصران، وأن التاريخ يعيد نفسه، فأي تصرف فيه من الظلم يهون أمام تلك الفجيعة.

وأخيرا نأمل أن نسير على خطى وتوصيات ما سمعناه من الخطباء في المآتم الحسينية من فكر ووعي وثقافة وشرح نهج محمد وآل محمد وما اختصروه من مجلدات من الكتب، ووضعوه بين يديك للتفكير، وعلينا التشاور مع أهل العلم والخطباء.

ومن شاور الناس شاركها في عقولها كما يقال.

صبرا على قضائك يا رب، لا إله سواك يا غياث المستغيثين.

إلهي تركت الخلق طرا في هواكا

وأيتمت العيال لكي أراكا

فلو قطعتني في الحب إربا

لما مال الفؤاد إلى سواكا

حسين البقاء ما تركناك. يا حسين تعيش معنا روحا ومعنى وفكرا.

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا عَبْدِاللهِ وَعَلَى الاَْرْواحِ الَّتي حَلَّتْ بِفِنائِكَ عَلَيْكَ مِنّي سَلامُ اللهِ اَبَداً ما بَقيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَلا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنّي لِزِيارَتِكُمْ، اَلسَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ وَعَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَوْلادِ الْحُسَيْنِ وَعَلى اَصْحابِ الْحُسَيْنِ.