آخر تحديث: 28 / 4 / 2024م - 10:41 م

فصبر جميل.. فإنك بأعيننا

مفيدة أحمد اللويف *

﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ [الطور: آية 48]، الصبر هو أعظم أمر طلبه منا رب العباد كما دعانا للتوكل عليه وتسبيحه وتقديسه، وهنا يخاطب القرآن نبيّه ويدعوه إلى الصبر أمام التّهم حيث أعداء الله اتهموا نبيه محمد ﷺ بأنه شاعر وبعضهم قالوا عنه كاهن وآخرون اتهموه بالجنون وكما زعموا أيضا بأنّ القرآن مفترى فهنا يأمر الله تعالى نبيه بأن يستقيم ويصبر حتى وإن رفضت دعوة الرسالة.

فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا! أن الله يرى كل شيء، ولن يدع النبي ﷺ وحده فهو اللطيف وهو من سيحميه من شر أعدائه، كذلك الإنسان المؤمن يجب أن يكون مطمئن القلب بأنّ كلّ شيء في هذا العالم هو بعين الله، وسوف لن يصيبه شيء من مكائد الأعداء، فهو تعالى لا يترك عباده المخلصين في اللحظات والمواقف العصيبة، وهو دومًا حام وحافظ لهم، ولا بد من التوجه للّه وعبادته وتسبيحه وتقديسه وتنزيهه والالتجاء إلى ذاته المقدّسة، فكل هذه الأمور تمنح الإنسان الاطمئنان والقوّة، والقرآن أيضا يعقّب على الأمر بالصبر بالقول: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ .

لا يمكننا معرفة البهجة حتى نتجرع الألم.

﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ [يوسف: آية 18]، عند الظروف الصعبة تتفلتر الأشخاص من حولنا، وتظهر لنا حقيقتهم فخالص الذهب دائمًا يشع نوره، ومَن مَعْدنه الذهب هو الذي سيبقى معك للأخير، مررت قبل سنوات بضائقة مادية، وكان أصعب ظرفًا مررت به في حياتي حيث أنني كنت أتمنى وقتها لو تنشق الأرض وتبلعني بدلا من أن أفتح وجهي لأحد، لم أكن أتصور بأنني سأُخذَل من أقرب المقربين، فقد كنت أحتاج حينها للدعم المعنوي أكثر من الدعم المادي، وتمنيت بأن من لم يتمكن من مساعدتي أن يقول خيرا أو بأن يلتزم الصمت، لقد دهشت بكل جملة كنت أسمعها وكأنني كنت أطلب الصدقة وأنا هي التي دائمًا تعطي، وهذا ليس مديحًا لنفسي، ولكن هذا ما تعودت عليه في حياتي فأنا لا أحب أن أرد أحدا وفي نفس الوقت لا أحب التجريح لأي إنسان.

«أنا ما راح أساعدك لأن أنا صار ماعندي ثقة فيكِ» كلماتٍ كانت كالسهام التي اخترقت قلبي، وبقيت أثرها لهذه اللحظة، فلو أن هذا الشخص العزيز قد سكت لكان خيرا فأنا واثقة بأنه لو تبدلت الأدوار بيني وبينه لغضب مني ولن يتواصل معي أبدا، شخص آخر من الأقرباء كان سيتصدق علي بمبلغ حيث كان يظن بأنني كنت أمد يد المحتاج الذي يجمع فيها الفائض من المال فلستُ أنا التي تقبل بذلك المال.

﴿فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ [يوسف: آية 42] مع كل تلك الأمور المحبطة لم يصبني اليأس ووكلت أموري كلها لله تعالى وكنت مؤمنة بأن الفرج من عنده قريب وبالفعل ربي لم يخذلني، وقد انفتحت لي بعد ذلك أبواب السماء، وقد استجاب الله لدعائي فقد كنت جدا محظوظة؛ لأن زميلةً لي في عملي قد أنقذتني مما أنا فيه وقد بكيت من أعماقي لأنني لم أكن أتوقع منها أن تثق بي فهي ليست من المقربين، وقد اقترضت منها مبلغًا ليس بقليل، ثم بعدها بيومين دفعت عني أختي ذلك الدَّين ولله الحمد وفقني ربي لأسدده بعد ذلك باجتهادي في أكثر من وظيفة خلال عامٍ كامل.

أيضا مما قرأت:

- يقول حكيم: طلبت من الله كل شيء لأستمتع بالحياة فأعطاني الحياة لأستمتع بكل شيء!

- الذين ارتقوا أعلى القمم فهم قد جربوا الانحدار إلى أسفل نقطة.