آخر تحديث: 29 / 4 / 2024م - 10:08 ص

القراءة والاستقلالية

يوسف أحمد الحسن * مجلة اليمامة

من المكاسب التي يمكن أن يظفر بها القارئ من قراءته هي أن يكون مستقلًّا في مواقفه إلى حد بعيد. ولا نقصد هنا بالطبع أن يكون لكل فرد من أفراد المجتمع رأيه الخاص في كل جانب من جوانب الحياة؛ بل المقصود أن يستطيع تكوين آراء مستقلة له حول القضايا المستجدة أو المواقف التي يمر بها دون ارتهان دائم للآخرين.

ولا ريب أن أي شخص يمكن أن يقوم بهذا الأمر من دون أن يفتح أي كتاب، لكن القراءة قد تساعد في اتخاذ القرار الصائب، خاصة مع المتغيرات التقنية المستجدة والمتلاحقة التي تعصف بالعالم.

فالقراءة تساعد المرء أن يكون هو نفسه وليس أي شخص آخر، لكن ليس من اليوم الأول؛ بل إن ذلك يحصل مع استدامة القراءة وتواصلها وتنوعها، حيث يخلق ذلك وعيًا كبيرًا للقارئ عما حوله ومَن حوله.

فأول استقلالية هي القراءة؛ استقلالية تسمح لك بانتهاج المنهج المناسب دون تأثير من الآخرين إلا بمقدار ما لا يمسخ شخصيتك ويبقي مساحة كافية لك لاتخاذ قراراتك الخاصة. بل إنك بعد قطع شوط في القراءة قد تشعر بالحرج من شخصيتك السابقة ومن مواقف كنت تتخذها في سابق حياتك عندما لم تكن القراءة أحد مناهجك.

إن استقلاليتك الحقيقية تأتي من استقلاليتك في اختيار الكتاب الذي تحب في الحقل الذي ترغب وللمؤلف الذي تميل إليه دون إملاء من أحد. كما تترك أي كتاب لا تشعر أنه يمثلك أو يحاول أن يملي عليك ما لا يتناسب وذائقتك القرائية.

هذه العادة كفيلة بأن تضعك على السكة الصحيحة، ومن ثم تستطيع أن تعدل أي انحراف منك عن الصواب والعقل والمنطق السليم وفق ظروفك وما يحيط بك من مؤثرات حتى تنتشلك من وهدة الجهل بعيدا عن النمطيات السائدة. وما عداها فإنه يدعك منكشفا على المؤثرات المحيطة وربما منصاعا لما يتم إملاؤه عليك إما من دهماء المجتمع الذين ينادون بأنصاف الحقائق وأرباع المناهج أو من المتنفذين وأصحاب المصالح الذين يبحثون عمن ينقاد لهم.

*الشعب الذي لا يقرأ يَسهُل التلاعب فيه. القُراء الجيدون هم المتمردون. يوسا «روائي من بيرو»