آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 7:26 م

أسئلة

محمد العلي * مجلة اليمامة

«يسألني بول إيلوارعن معنى الكلمة الحرية / يسألني برتولت برخت عن معنى الكلمة العدل / يسألني دانتي عن معنى الكلمة الحب / يسألني المتنبي عن معنى كلمة العزة / يسألني شيخي الأعمى عن معنى الكلمة الصدق / تسألني القدم السوداء عن معنى الكلمة الصمت» ترى ما الذي جمع هؤلاء الأعلام على صعيد السؤال وهم من أزمنة وأمكنة مختلفة، واتجاهات فكرية متباعدة؟ وكيف استسهل الشاعر صلاح عبد الصبور جمعهم على هدف واحد و«فقد مشترك» وهو سؤال كل منهم عن مصير قيمة من القيم الإنسانية العالية؟

ألا تلاحظ معي أن صلاح عبد الصبور لم يجب على أي سؤال من هذه الأسئلة؟ وعلينا أن نبحث عن تركه الإجابة عليها، هل كان يرى أن قدرته النفسية عاجزة عن البوح بالإجابة، أم كان يخشى على القارئ من الإغماء من هول ذكرها؟ هل كان يخاف من القدم السوداء، كما يعبر، فآثر الصمت؟ أم أنها من تلك الكلمات «التي انقرضت من لسان العرب» كما يقول محمود درويش؟ تلك احتمالات عدة يمكن أنها حالت بينه وبين الإجابة.

لنقف عند الكلمة التي سأل عنها المتنبي، والتي بقي طوال حياته يلهث وراءها وهي «العزة» التي يقول اللسان: إنها تعني إباء الضيم «لا افتخار إلا لمن لا يضام» ورفض كل ما يمس الكرامة ويجرح الذات، مع احترام الآخرين، فهل العزة، بهذا المعنى، موجودة الآن في العالم كله؟ الواقع يجيب بملء أوداجه: كلا ثم كلا، فالعزة تحولت إلى همجية عند من يملك القوة لسلب إرادة الآخرين ونهب خيراتهم، ضاربا بكرامتهم وعزتهم عرض الحائط. أما عند من لا قوة لديه فعليه إما الموت في سبيل الحفاظ على كرامته، وإما الاستسلام، ودفع الجزية عن يد وهو صاغر.

ذلك هو واقع العالم الآن، فما مصير المتفائلين ومنهم فولتير الذي يقول: «إن المجتمعات البشرية تتحرك من ظلام الخرافات إلى النور المتزايد للعقل» وما مصير آراء عصر التنوير في سيادة العقل التي تعني سيادة العدل، وهي من الكلمات التي سئل عنها عبد الصبور؟ أليست الصرخة الفلسفية التي أطلقها الشيخ عبدالله القصيمي «العالم ليس عقلا» أصدق من كل ما قالوه؟ غير أنه أمر فاجع ألا نرى نافذة يدخل منها الضوء. وإذن لابد من خلق النوافذ خياليا بانتظار مجيء الواقع المشرق.

كاتب وأديب