آخر تحديث: 2 / 5 / 2024م - 3:59 م

سيرةُ تعلوها شرفُ الشهادة

جمال حسن المطوع

كم نحن في حاجة إلى جرعات إيمانية تنقلنا في هذا الشهر الكريم وتسمو بنا وتطهرنا من عوالق علقت بنا من الزلات والهفوات والخطايا وتأنيب الضمير التي أوجدت نقاطاً سوداء في سويداء القلب عملت على ضعف الإيمان وابتعادنا عن التمسك بشرع الله وسنة نبيه وسيرة أهل بيته صلوات الله عليهم.

ها هي الفرصة سانحة لترميم ما يمكن ترميمه وإصلاح ما نستطيع إصلاحه لنكون قريبين من نيل الشفاعة والتوبة والمغفرة والرضوان في شهر الصوم، فهو هدف سامي وجليل نسعى إلى تحقيقه وإنجازه على صعيد حياتنا اليومية ولا يأتي ذلك إلا بتأسي بالقدوة والأسوة الصالحة والحسنة من أولئك الثلة المؤمنة الذين ضربوا أروع المثل في التقوى والهدى والإيمان، حيث كانوا وما زالوا مشاعل النور والهداية والفضيلة ونشر العدالة وإقامة الحق على أركان قوية وصامدة.

من هؤلاء القادة الأفذاذ الذين صرعوا الباطل في مهده وشيدوا الدين على سواعدهم وتضحياتهم هو من نحن في ذكرى استشهاده الإمام الرباني والقائد المتفاني والممثل الإلهي سيد الوصيين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب الذي يعتبر أمة في شخصه وكينونته فهو جمع صفات الكمال علما وحلما ورأفة وقائدا ورافدا بسيرته العطرة وعلمه وحكمه وعطائه للبشرية جمعاء وتعلوه الإنسانية المتميزة التي أنصف فيها جميع خلق الله، لا فرق لديه بين سيد ومسود وأبيض وأسود، فهو الذي قال قولته المشهورة: الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق.

ما أعظمها وأجلها من عبارة تتجلى فيها المساواة والحقوق في آن معا وأصبحت شعارا عالميا تتحدث عنها الركبان في كل زمان ومكان.

هذا هو الإمام علي حديث التاريخ على ممر العصور والدهور وقمة شامخة في الجود العطاء حتى وهو في آخر أيام حياته الحافلة وعلى فراش الموت ومع كل جراحاته وآلامه يوصي أبناءه الرفق وحسن المعاملة مع قاتله إلى أن يتم النظر في أمره وشأنه.

فجريمة هذا الشقي واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار لكن العدالة في حكم الإمام علي تأخذ مجراها...

الله.. لهذا السمو الأخلاقي والإنساني من إمام الحق والإنصاف الذي قل نظيره في تطبيق نظرية الحاكم والمحكوم بكل حذافيرها في وقتنا المعاصر.

فالإمام علي له في كل جنبة موقف تتسامى فيه عبقريته وعدالته التي كانت منطلقا لكل ذي فهم ولب واستنارة... فسلام الله عليك يا مولاي يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا.