آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 1:39 ص

ثقافة التخوين

محمد أحمد التاروتي *

الخيانة جريمة لا تغتفر، فهذه المفردة، تحمل في طياتها الكثير، من التداعيات السلبية، اذ يمكن ان تكون الخيانة، على الصعيد الشخصي، او الاسري، او الاجتماعي، ولعل اخطرها خيانة الوطن، لذا فان الخائن للتراب يعاقب بشدة، بحيث تصل الى الاعدام، او السجن المؤبد ﴿إنّ الله لا يحب من كان خوّاناً أثيماً و﴿إن الله لا يحب كلَّ خوّانٍ كَفُورٍ، و﴿إن الله لا يهدي كيد الخائنين.

اختلاف التفسيرات، في تعريف الخيانة، تشكل احد الاشكالات القائمة، فالبعض يستخدم هذه المفردة، دون ضوابط، او مراعاة للقواعد الاخلاقية، فضلا عن الشرعية، بحيث يتخذ مواقف صادمة، وغير مدروسة، مما يمهد الطريق، امام تصاعد العداء، لتصل العدواة للدخول في النوايا، والتشكيك في الممارسات الظاهرية، واحيانا الغوص في القناعات الداخلية، ﴿يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم، اذ يحاول البعض ترجمة الظنون، على صورة الصاق تهم الخيانة، في نهاية المطاف، بمعنى اخر، فان انتشار الفوضى العارمة، في التعاملات البشرية، والاختلافات الفكرية، وكذلك اختفاء النوايا الحسنة، في المواقف المخالفة، يؤدي الى خراب البيئة الثقافية، داخل المجتمع الواحد، ”احمل اخاك على سبعين محمل“

تطويع الخيانة، وفقا للاختلاف الفكرية، والثقافية، يمثل خطورة كبيرة، «لَا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَخِيكَ سُوءاً وَأَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مُحْتَمَلًا» اذ يحاول البعض اطلاق التهم جزافا، دون دليل، تجاه افراد، او شريحة اجتماعية، فهذا الصنف يتحرك وفقا للاهواء، او النزعات الداخلية، فالتنافر الحاصل، جراء رفض القناعات الثقافية، تجاه الطرف المقابل، يدفعه لتوجيه سهام الخيانة، لازاحته تماما من الطريق، وبالتالي فان العملية تتطلب ارساء قواعد دقيقة، للقضاء على هذه النوعية الثقافة الهدامة، في الوسط الاجتماعي.

المشكلة تكمن في قدرة بعض الاطراف، في اكتساب التعاطف الاجتماعي، بمجرد اطلاق ”الخيانة“، تجاه الطرف المقابل، نظرا لوجود ارضية قابلة، لاستقبال مثل هذه الاوصاف، مما يجعلها - الاطراف - تتمادى في توجيه التهم، بكل الاتجاهات، نظرا لادراكها التام، بوجود مساحات اجتماعية واسعة، لاستيعاب مثل هذه الثقافة، اذ تحاول هذه الاطراف، استخدام المفردات الدينية، كغطاء للقضاء على الطرف الاخر، خصوصا وان العاطفة الدينية، تسهم في اكتساب شريحة، اجتماعية كبيرة، مما يسرع من عملية، وأد الفكر المقابل، بصورة سريعة.

سياسة الاستحواذ، واحتكار العمل، ضمن قناعات محددة، تشكل عوامل مساعدة، في الانخراط في اتهامات الخيانة، فالبعض يضيق ذرعا بالاصوات الاخرى، ويرفض القبول بالاجتهادات الفكرية المنافسة، مما يدفعه للتحالف مع ”الشيطان“، في سبيل تحقيق الانتصار، بمعنى اخر، فان المحرمات التي يناضل للتحذير منها، سرعان ما يدخلها طواعية، اذ لا يجد مناصا من التنازل، عن بعض القناعات، في سبيل محاربة الاصوات المنافسة، خصوصا وان البعض يتخوف من سحب البساط، من تحت اقدامه، وبالتالي فانه يتحرك وفق قاعدة، ”انا ومن خلفي الطوفان“.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
Abu Ali
[ Qatif ]: 23 / 2 / 2017م - 6:37 ص
المقال يرتبط ارتباطا" مباشرا" بتعريف موحد لكلمة الارهاب اذ لا يوجد اجماع على تعريف كلمة الارهاب.
من يقاوم المحتل والطغاة ومن يفجر نفسه وسط الابرياء هناك خلط واضح وجلي.
معنى الخيانة غير متفق عليه في المجتمعات فمن يساند الظالم ومن يدعم المظلوم هي اهم الاساس في التعريف.
ولنا في مجريات الاحداث خير شاهد ودليل.
كاتب صحفي