آخر تحديث: 15 / 5 / 2024م - 1:47 م

الناقد السريحي يرصد معالم سطوة وخطورة ”السرّية“ في المجتمع

جهات الإخبارية تصوير: مالك سهوي - القطيف

أكد الناقد الأدبي الدكتور سعيد السريحي إن شيوع حالة السرية في المجتمعات العربية تنذر بمخاطر شديدة على حالة الوعي العام، ذلك لما يملكه السر أي سر من سلطة تسير بالمجتمعات باتجاهات لا شفافية ولا واعية، ما يجعلنا في خوف وقلق دائمين.

جاء ذلك في محاضرة قدّمها السريحي مساء أمس الجمعة في منتدى حوارالحضارات بمحافظة القطيف حضرها عدد من نخبة المجتمع.

الدكتور سعيد السريحي - منتدى حوارالحضاراتفي بداية الحديث اورد السريحي قصة الشاعر الزاهد صالح عبدالقدوس مع الخليفة العباسي المهدي الذي أمر بإعدامه، لبيت شعر قاله تضمن أنه كان يحتفظ بسر ولم يقله، وإنما أعطى إشارة بوجود هذا السر.

واضاف أن السر لا يتحقق له أي وجود موضوعي دون أن يعبر عن نفسه باعتباره سرا، لا سر ما لم يتم الإعلان عن أن ثمة سرا.

وذكر بأن السر في جوهر وجوده مثل العلن يحمل في داخله نقيضه، يستدرج صاحبه للإعلان عنه كما يغري الآخر بمطاردته للكشف عنه ومعرفته.

وبين ان السر نصف المسافة بين الوجود والعدم، حتى عد أهل اللغة فعل ”اسرّ“ من الاضداد، فأسر الشيء اي كتمه وأظهره، ذلك حينما يتعلق السر بالزمن فإنه يتقلب بين الاضداد ويطول اختلاف القوم فيما يمكن أن يدل عليه ويشير إليه.

ولفت إلى أن سطوة السر لا تتأتى من خلال كونه جزءا محجوبا من الحقيقه، إنه ليس مالا نعلمه فحسب، وجود السر لا يعني اننا نملك حقيقة أو معلومة منقوصة تكتمل بمعرفتنا به، وإنما مكمن الخطورة أنه ينطوي على احتمال أن يكون كل ما نعلمه وهما وخطأ.

الدكتور سعيد السريحي - منتدى حوارالحضاراتوتابع: السر قد ينطوي على ما يجل الوعي وعيا زائفا، السر يمكن ان يفضح أننا نعيش في كذبة كبرى حين يكون متضمنا مايناقضها أو ما ينقضها، السر ليس بقية مختفية من العلم ما دام احتمال أن يكون نقيضا لذلك العلن واردا.

وخلص الى القول بأن السر ليس متنا مؤجلا «بفتح الجيم» وحسب، بل هو متن مؤجل «بكسر الجيم» كذلك، ولهذا يصبح تهديدا بالكينونة باعتبارها محصلة للوعي بالعالم مادام السر تهديدا لهذا الوعي.

وقال الشاعر على الدميني إن النص الذي تحدث عنه المحاضر يعكس حقيقة العلاقة بين المثقف والسلطة، وابن القارح الذي استعرض القصة، وتصيّد على الشاعر صالح عبدالقدوس نموذج يتكرر في كل زمان ومكان، فهو رمز للسلطة المغلوطة التي لا تريد السر.

وتساءل احمد الخميس ما إذا كانت سطوة السر اجتماعية فكان رد المحاضر بأن سطوة السر ليست سطوة اجتماعية وإنما هي سطوة ثقافة ومعرفة ومعلومة تهدد وعي الإنسان ما دامت مخفية.. فما دام لدينا سر مخبأ فإن الحديث عن الشفافية والمصارحة يبدو مؤجلا فالسر يكون كالورم الذي ينخر جسد الحقيقة.

الدكتور سعيد السريحي - منتدى حوارالحضاراتوقال محمد الحميدي ان الحديث عن السر فلسفة أو قريب من الفلسفة، يأتي في زمن احوج ما نكون فيه للإيضاح،. فالسر هو الحجاب المانع عن الوعي مؤكدا على أهمية توظيف سلطة السر.

وقال حسين الدبيسي متسائلا كان للشاعر خصوصية معينة وكثير من الشعراء قد أخذ عليهم المجتمع عدم الوضوح، كما أخذ على صالح عبدالقدوس.

فقال المحاضر معلقا على ذلك بأن هجمة معينة تعرض لها الشعر الحديث حول عدم الوضوح من جهة، ومخالفة المعتقد من جهة أخرى، فكم تم الجمع بين الغموض وبين تأكيد المخالفة، بينما كان يفترض ان تسود حالة من حسن الظن في حال عدم فهم معنى الشعر.

الاعلامي، وعضو مجلس الشورى سابقا محمد رضا نصر الله تساءل عن سر تعالي السريحي على التجربة الإبداعية السعودية، فكان رد المحاضر بأنه ليس متعاليا على المنتج الأدبي المحلية، لكنه في الوقت نفسه يشعر بأنه بحاجة إلى نص ينطقه.

وأكد أنه إذا لم يجد النص الذي ينطقه فإن ثمة عجزا لديه بأنه لم يستطع الدخول في العمق.. منوها إلى تجربة كل من الثبيتي والدميني فكلاهما منحته القدرة على الحديث.

اما أحمد الخميس فقد أوضح بان المجتمعات هي نتاج ثقافتها فالثقافة هي التي توجد نوعية المجتمع، وكل مجتمع يعرف بثقافته.. فكان تعليق المحاضر على ذلك بقوله ان مجمتعات تنتجها الثقافة وبعضها تنتج هي الثقافة، ونحن مجتمع  للاسف  تنتجنا الثقافة وتسيطر على فكرنا ثقافة الموتى، بينما مجتمعات تقوم بانتاج الثقافة.

اما فاضل آل عمران فقد قال بأن خطورة السر في كتمانه وعدم إظهاره، كما أنه يكشف ضعف الواقع.