آخر تحديث: 27 / 4 / 2024م - 1:39 ص

الموصل.. سقوط الخلافة

محمد أحمد التاروتي *

لم يكن تحرير مدينة الموصل مفاجئا، وذلك بعد اكثر من عامين على السيطرة عليها، من قبل دولة أبو بكر البغدادي، فالعمليات العسكرية أعطت مؤشرات بقرب نهاية داعش في المدينة، خصوصا وان محاولات التنظيم الإرهابي للبقاء في الموصل، باءت بالفشل الذريع، حيث استطاعت القوات العراقية، قضم المدينة بشكل تدريجي، بعد احكام الطوق عليها، لمنع الهروب او المناورة.

عملية تحرير الموصل، وقبلها العديد من المناطق، من قبضة داعش، تشكل مفصلا تاريخيا، خصوصا وان الهزيمة الكبرى في الموصل، بمثابة ضربة قاصمة لمستقبل التنظيم الإرهابي، نظرا لما تمثله مدينة الموصل، من رمزية خاصة لدى أبو بكر البغدادي، باعتبارها المنبر الإعلامي، الذي أطل من خلاله لإعلان خلافته، وبالتالي فان سقوط المدينة بعد معارك ضارية، لا يخدم مشروع داعش في التمدد، وبسط نفوذه عموديا وافقيا، سواء العراق او سوريا او ليبيا او غيرها من البلدان العربية.

انتزاع القوات العراقية مدينة الموصل، من انياب وحوش البشرية داعش، سينعكس بصورة مباشرة على مختلف المعارك، يخوضها التنظيم في بعض المدن العراقية، التي ما تزال تحت سيطرته، وكذلك على العمليات العسكرية في سوريا، خصوصا وان فشل داعش في الاحتفاظ بالمدينة، رغم التحصينات والأسلحة المتطورة التي يمتلكها، سيرفع من معنويات القوات العراقية في المعارك القادمة، ويسهم استغلال الانهيار الحالي، في طرد داعش من بعض المناطق الواقعة، تحت سيطرته حاليا.

الموارد المالية الضخمة، التي يمتلكها تنظيم داعش، جراء تهريبه النفط من الآبار، التي سيطر عليها في العراق منذ عامين،، تلك الموارد لم تمكنه من تشكيل قاعدة شعبية، قادرة على الصمود في المعركة، التي قادتها القوات العراقية، اذ عمد الأهالي للهروب من المدينة، بمجرد انطلاق المعركة، اذ لم يتبق سوى الأجانب، الذين جاءوا بذريعة العيش تحت ظل دولة الخلافة والجهاد.

شكلت الممارسات الإرهابية، والاجرامية، التي ارتكبتها داعش بحق الأهالي، بالمواقع التي سيطرت عليها، منذ منتصف عام 2014، عاملا أساسيا في كتابة الفصول النهائية لداعش، خصوصا وان تلك الممارسات الفظيعة، حرمت التنظيم الإرهابي من الحاضنة الشعبية، الامر الذي أدى الى تنامي حالة الرفض، والمقاومة ضد داعش، وبالتالي فان القوات العراقية، عمدت للاستفادة من حالة النفور الشعبي، في سبيل التعجيل بنهاية التواجد العسكري للتنظيم بالموصل.

قرب انتهاء المعارك العسكرية، ضد تنظيم داعش، وتحرير كامل مدينة الموصل، يفرض على الحكومة العراقية، التفكير في مرحلة الإعمار، وإعادة المهجرين، للذين اضطروا للهرب من المدينة، سواء اثناء سيطرة التنظيم على المدينة، او بسبب العمليات الحربية، فهناك الكثير من الخطوات الواجب، اتخاذها من قبل الحكومة العراقية، خلال الفترة القادمة، لتأسيس مرحلة جديدة تتجاوز سنوات داعش العجاف في أجزاء واسعة من الجغرافيا العراقية.

ساهمت الجهود الدولية خلال العامين الماضين في تسريع هزيمة داعش في المدن العراقية ومدينة الموصل، حيث شكلت الأسلحة التي حصلت عليها الحكومة العراقية عنصرا هاما في الوقوف امام الأسلحة المتطورة التي يمتلكها داعش، بالإضافة لذلك فان طيران التحالف الدولي ساهم بدور فعال في توجيه ضربات لمقار التنظيم والقضاء على قيادات وعناصر داعش خلال الفترة الماضية.

كاتب صحفي