آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

واشنطن - موسكو.. طلاق رجعي

محمد أحمد التاروتي *

قرار واشنطن بفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية على موسكو، قابلته الأخيرة بقرار اكثر حزما من خلال طرد المئات من الرعايا الأمريكان، كخطوة ذات ابعاد متعددة لايصال رسائل مختلفة لامريكا، بامتلاك روسيا أوراق عديدة للرد على تلك العقوبات، التي تصفها ”بغير الشرعية“.

التوتر السياسي الناجم عن العقوبات الاقتصادية، والقرار الروسي بطرد الرعايا الأمريكان، سيبقى ضمن سقف لعبة الأوراق، التي يتقنها الطرفان في إبقاء الأزمات السياسية، ضمن الحدود القابلة للتراجع، وترميم التعاون مجددا، خصوصا وان المصالح السياسية، وإمساك كل طرف بملفات محورية عديدة، تفرض على الطرفين التعاطي بواقعية سياسية، والحيلولة دون الوصول الى مرحلة القطيعة الكاملة، فمرحلة الخصام التام التي شابت علاقات البلدين، خلال فترة الاتحاد السوفياتي انتهت، بغير رجعة، مما يستدعي انتهاج سياسة التسليم، بقدرة كل طرف على الإمساك، بزمام بعض الملفات الكبرى على المستوى العالمي.

يدرك البيت الأبيض، وكذلك الكرملين، ان الأزمة الحالية عابرة سرعان ما يتجاوز الزمن، خصوصا وان التعاون المشترك ضروري للطرفين، في إيجاد حلول مناسبة، لبعض الملفات السياسية المشتعلة، سواء في القارة الأوروبية، او منطقة الشرق الأوسط، او أمريكا اللاتينية، فهناك العديد من الأزمات السياسية الملتهبة، في تلك المناطق منذ عدة سنوات، جراء تمسك الأطراف المتنازعة بمواقفها، مما يطيل من عمر الأزمات في تلك البلدان، الامر الذي يفرض على واشنطن، وكذلك الامر على موسكو استخدام نفوذهما السياسي، للتأثير على الجماعات التي تدين لهما بالولاء.

تمثل الأزمة السورية القاسم المشترك، لعدم الذهاب بعيدا في الخصام الدبلوماسي، الأمريكي - الروسي، فهناك تواجد عسكري للبلدين على الأرض السورية، بالإضافة للتأثير السياسي القوي على الأطراف المتنازعة، مما يستدعي التحرك المشترك لإعادة الزخم للعملية السياسية، واحياء المفاوضات بغرض تغليب الخيار السلمي، واسكات أصوات الرصاص، بعد سبع سنوات من المواجهة العسكرية، اذ يمثل اتفاق خفض مناطق التصعيد، احد المبادرات المشتركة بين البلدين للسير قدما، باتجاه الحل السياسي، وحث مختلف الأطراف على الانخراط، في الجهود المبذولة لمحاربة الإرهاب، والذي تمثله داعش والنصرة في الوقت الراهن.

الأزمة الأوكرانية، تمثل احد الملفات الشائكة، التي تتطلب إيجاد جهود مشتركة، بين واشنطن وموسكو، خصوصا وان الحرب الدائرة في شرق اوكرانيا منذ 2014، لم تفض الى حسم عسكري، بقدر ما ساهم في إسالة انهر من الدماء، وتدمير البنى التحتية، وبالتالي فان البيت الأبيض، بما يمتلك من نفوذ على الحكومة الأوكرانية، قادر على تقريب وجهات النظر، مع الجماعات الانفصالية، من اجل التوصل الى حلول وسط، مما يقود في نهاية المطاف الى وضع نهاية للازمة، التي تشكل تهديدا كبيرا على القارة الأوروبية، وتهدد الاستقرار في تلك المنطقة، كما ان موسكو تمتلك أوراق ضغط على الجماعات الموالية لها، في المناطق دونيتسك وهانسك من أوكرانيا.

كاتب صحفي