آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

ثقافة المشاعر

محمد أحمد التاروتي *

المشاعر حالة إنسانية نبيلة، تحرك الجوانب الخيرة لدى الانسان، مما يدفع لانطلاق القوافل، لمساعدة المجتمعات المحرومة، الامر الذي يساعد على انتشال الفقر او البؤس، من بعض المجتمعات، جراء تقديم يد العون للتغلب على نكبات الدهر، التي تكابدها بعض الفئات البشرية.

تظهر الجوانب النبيلة لدى الانسان، في الكوارث الطبيعية او الحروب التي تضرب، بعض البلدان، حيث تبدأ المساعدات بالتقاطر على الاسر المحرومة، او المتضررة من تلك الكوارث، او الحروب على اختلافها، فالمآسي البشرية على اختلافها، ترفع وتيرة التكافل الاجتماعي، خصوصا وان الفطرة الإنسانية السليمة، تحث على تقديم يد المساعدة، للمحتاج دون النظر للاختلافات الفكرية او العقدية، ”في كل كبد رطبة اجر“، وبالتالي فان تصنيف البشر بين اسود وابيض، وقصير وطويل، يتنافى مع الفطرة السليمة.

بزور الحالة الإنسانية السليمة، يمكن تلسمها في الكثير من مناحي الحياة، سواء على صعيد البيئة الاجتماعية الضيقة، او الشرائح البشرية الكبيرة، اذ يتسابق أصحاب الضمائر الحية، لتقديم مختلف أصناف المساعدات، للمجتمعات المحتاجة دون انتظار الثمن المقابل، لاسيما وان حالة الترابط الإنساني، تتغلب في بعض الأحيان، على الاطماع الذاتية، او النظرة المصلحة، الامر الذي ينعكس على صورة اعمال تطوعية، ومجانية لانتشال حالة الفقر او البؤس، من تلك الشرائح الاجتماعية، فتارة عبر تقديم المساعدات المالية، وأخرى بواسطة المبادرات الإبداعية، على غرار تعليم الكتابة، او دورات لتعليم بعض المهن الحرفية، او غيرها من الاعمال الجليلة.

وفِي المقابل يجد البعض في كوارث، ونكبات الاخرين، فرصة سانحة، لإظهار مختلف أصناف الخبث والمكر، وانعدام الإنسانية، اذ يحاول الخروج بمكاسب كبيرة على حساب آلام، ومصائب بعض الشرائح الاجتماعية، من خلال فرض شروط تعجيزية او صعبة، خصوصا وان الطرف المقابل لا يمتلك خيارات للرفض، او المناورة، مما يضطره للقبول على مضض، وابتلاع ”نذالة“ صاحب اليد الطولى، فهناك الكثير من النماذج، التي تكشف الجانب الشيطاني، لدى بعض الشرائح، على حساب الحالة الملائكية، التي يتمسك بها في جميع الأحوال.

المشكلة تتمحور في محاولة الفكر الشيطاني، استلاب إرادة الطرف المحتاج، مما يدفع الطرف الأضعف للإقدام، على ممارسات يصعب القبول بها، في أوقات الرخاء، فيما يدفع الفقر المرء لارتكاب حماقات، واعمال شريرة، ”الفقر الموت الأكبر“ و”الفقر يخرس الفطن“ و”لو تمثل لي الفقر رجلا لقتلته“.

الاستغلال الخبيث للمشاعر الإنسانية، ليس قادرا على قتل الجوانب المضيئة، التي قدمتها البشرية طوال القرون الماضية، حيث يحفل التاريخ الحديث والقديم بقصص ومبادرات كثيرة، مما يعطي صورة مشعة للبشرية في التعاطي، مع ويلات ونكبات بني البشر في مختلف بقاع العالم، اذ تبقى الصور الشيطانية محدودة، مقابل بحر الاعمال الخيرية، التي عرفتها الشعوب على اختلافها.

كاتب صحفي