آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 2:42 م

ثقافة الابتكار

محمد أحمد التاروتي *

ما يميز إنسان عن نظيره، طريقة تفكيره، وامتلاكه القدرة على التجديد بشكل مستمر، وكذلك الخروج عن المألوف، ومحاولة كسر الروتين، من اجل احداث صدمة كبرى، مما ينعكس بصورة إيجابية على مكانته الاجتماعية، فالمرء الذي يسير بطريقة تقليدية، يبقى ضمن الإطار الطبيعي، مما يحرمه من احتلال، مواقع متقدمة في المجتمع، فيما يختلف الوضع بالنسبة للإنسان، الذي يرفض التسليم بالواقع، ويتحرك للبحث عن سبل مغايرة قادرة، على وضع مسار جديد للمجتمع.

عملية التسليم بالوضع الجديد، تمر في الغالب بمخاض صعب، خصوصا وان محاولة القفز على النظام السائد، يخلق حالة من الخوف، والتوجس لدى شرائح عديدة، في المجتمع، الامر الذي يتمثل في موجة عارمة من الرفض التام، مما يعرض اصحاب الأفكار الجديدة، للكثير من الضغوط الاجتماعية، بيد ان الإيمان الكامل بفائدة تلك الثورة الجديدة، يسهم في تثبيت أركانها بعد فترة معينة، مما يقود لتأسيس قاعدة اجتماعية، تقاتل في سبيل نصرة، مثل هذه الأفكار الجديدة.

طرح الابتكار الجديدة، والصادمة، تواجه بنوع من التوجس، والخوف، البعض ينطلق من المعارضة القوية، من انعدام الرؤية، وعدم القدرة على قراءة المستقبل، بالشكل المطلوب، بمعنى اخر، فان الجهل يلعب دورا كبيرا، في محاولة افشال تلك الأفكار الخلاقة، ”الناس أعداء ما جهلوا“، بينما يتحرك البعض الاخر، انطلاقا من المصالح الشخصية، لاسيما في حال لامست تلك الأفكار «الصنعة»، ومصدر الرزق، ”عدو المرء من يعمل عمله“، فالخشية من انعكاسات هذه الأفكار، على المستقبل التجاري، او الاجتماعي، يحرك النوازع الذاتية، لاتخاذ الموقف المعارض، لاسيما وان هذه الشريحة، تدرك خطورة هذه النوعية من الأفكار، باعتبارها ثورة قادرة، على سحب البساط من تحت الأقدام.

تبقى القدرة على الانتصار، في وجه التيارات المعارضة، احد العوامل الرئيسيّة، في وضع الأمور في النصاب الصحيح، فالمرء بما يمتلك من إرادة، بامكانه ازالة جميع العراقيل، التي تعترض الطريق، حيث تلعب ثقافة صاحب الابتكار، عنصرا أساسيا في استقطاب الأصوات، بما يحقق الهدف المشترك، خصوصا وان الكثير من الأفكار، والابتكارات، تسعى تصب في صالح البشرية، مما يساعد على اخماد الأصوات المرتفعة، التي تتعالى بمجرد بروز، تلك الأفكار على الساحة.

الابتكار مرتبط بوجود عقلية، قادرة على اقتناص الفرص، وازالة الغبار عن بعض الأفكار الخافية، عن اعين شريحة واسعة من الناس، فهناك الكثير الابتكارات لا تتطلب سوى تسليط الضوء، عليها لتكون واقعا ملموسا على الارض، بمعنى اخر، فان التطور الانساني الذي تعيشه البشرية في الوقت الراهن، مرتبط بحالة من الثورات العنيفة التي عاصرتها الانسانية، على مر القرون، فالانسان بما يمتلك من قدرة، على التفكير والإبداع، يتحرك للبحث عن الحياة الرغيدة، وتسخير الإمكانيات، لرفع مستوى الرفاهية، الامر الذي أفضى لثورات متلاحقة على مدى العصور الماضية، حيث تطور التفكير البشري بشكل لافت، مما ساهم في احداث الثورة التقنية، والصناعية غير المسبوقة، خلال القرون القليلة الماضية.

كاتب صحفي