آخر تحديث: 26 / 4 / 2024م - 1:52 ص

متى نتخلى عن ثقافة البصمة؟!

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة مال الإلكترونية

تبين بنود الانفاق العام الفعلي، أن جلّ الانفاق يذهب تعويضات عاملين ونفقات إدارية. ولا بأس في ذلك شريطة ربط الانفاق بالنتائج، بمعنى أن ليس الأهم أن يلتزم الموظف بساعات الدوام، بل بمقدار ما ينتجه. والأمر الآخر، لابد من تحول الإدارة الحكومية تحولاً مسايراً لما تسعى الرؤية لتحقيقه، بأن تكون العبرة بتحقيق المستهدفات، أي أن العبرة بالنتائج. ولنتذكر دائماً أن بذل الجهد «المحافظة على الدوام» مهم، لكن الأهم تحقيق النتيجة واستيفاء الهدف.

فهل يقيس الجهاز الحكومي أداءه، ليس بقصد حساب الكميات وتدبيج الجداول، بل بقصد مقارنة النتائج بالمستهدف، وبالتالي تحفيز الموظف المجد والمبدع والذي يحقق النتائج، ويساهم في تحقيق المبادرات والمشاريع، وليس فقط الذي يُبصم صباحاً وعصراً وما بينهما! علينا تذكر أن للجهاز الحكومي دور مؤثر اجتماعياً واقتصادياً لا ينافسه فيه أحد، لكن هل يُقاس أداء الجهاز الحكومي؟ الإجابة القصيرة هي: ليس بصورة مباشرة، وليس بصورة تحفيزية، بمعنى ما الفرق في المردود المادي والوظيفي بين من يؤدي أداءً خارقاً ومن يؤدي ما دون المتوسط؟

الأمل هو أن نقيس الأداء لمقارنته بالمستهدف، والنظر في كيفية معالجة القصور، بل وكيف نستطيع الارتقاء بالأداء. وبداهةَ، فنحن بحاجة دائما لقياس ما نفعل فهو البوصلة الموجهة، وإلا ما الفائدة تحديد الأهداف ووضع الخطط والميزانيات والجداول الزمنية بل وما الفائدة حتى من جداول الموارد والكميات؟ فالقياس ليس نهايةً بحد ذاته، إن لم يستخدم كأداة لتحسين الأداء وبسرعة ناجزة.

ولابد من الإقرار أننا قطعنا شوطاً في السعي لقياس الأداء، فحالياً ينقضي العام المالي ونعرف تحديداً ما الذي أنفق من خلال ما تصدره وزارة المالية من تقارير ربع سنوية، لكن لا نعرف ما الذي أنجز، فالوزارات لا تنشر على الملأ تقاريراً ربع سنوية، تتحدث فيها عما أنجزته وما لم تنجزه مقارنة بما هو مخطط للعام المالي. ولا أرى لماذا لا تحاكي الوزارات إجمالاً تجربة وزارة المالية، إذ يمكن الزعم أن صدور تقرير ربع سنوي للوزارات الخدمية اللصيقة للمواطن مثل وزارةالشئون البلدية والقروية والتعليم والصحة أكثر أهمية لسواد المواطنين. وقد يقول قائل إن المعلومات ستكون كثيرة ومعها تفاصيل التفاصيل، نقول إن البحث أصبح في عصر المعلوماتية، حتى في الوثائق الضخمة أمراً سهلاً.

ستعني تعديلات من هذا النوع تحفيزاً للموظف ليقدم أفضل ما عنده، وهذا سيعني الارتقاء بأداء الموظفين تلبيةً لاحتياجات برنامج التحول الوطني، الذي ينطوي - في مرحلة ما - على خصخصة العديد من الوحدات ضمن التشكيلات الحكومية. ومن ناحية أخرى، فإن القياس والمقارنة بالمتوقع ونشر ذلك يعني الشفافية، وتسهيل طرق المساءلة، والمساءلة - كما نعلم - تقطع الطريق على الفساد بأنواعه وأشكاله، الذي يستهلك الموارد من وقت ومال وجهد، وبذلك تتكامل دورة تحسين الأداء والارتقاء بالإنتاجية والحفاظ على المال العام.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى